“خسائر بالجملة وتوقعات بأن يكون عام 2019 الأسوأ”، هذا ما وصلت إليه شركة قناة السويس للحاويات SCCT، وكشفت عنه قيادات الشركة، محذرين من التحول للخسارة خلال العام الجاري، لأول مرة منذ بداية عملها بميناء شرق بورسعيد.
ورغم استغنائها عن 400 موظف وعامل في إطار ترشيد النفقات، وتقييد خطط توسعاتها الاستثمارية التي بدأت في التراجع، تتكبد قناة السويس للحاويات خسائر شهرية تصل إلى مليون دولار.
وخلال العامين الماضيين تأثر ميناء بورسعيد تأثرا كبيرا بسبب المنافسة مع الموانئ المقابلة على البحر المتوسط، وهروب الخطوط الملاحية من شرق بورسعيد لارتفاع الرسوم، وهو ما سحب البساط من الشركة في تجارة الترانزيت.
ويرى مراقبون أن الخسارة تعود إلى قرار وزارة النقل رقم 488 لسنة 2015، بشأن لائحة مقابل الخدمات التي تؤدي للسفن في الموانئ البحرية المصرية، وتطال نحو 16 خطا ملاحيا، مما جعل اتفاقيات التعاون ترحل عن شرق بورسعيد في 2017، وتتجه إلى ميناء بيريوس اليوناني، كما أن قرار الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس رقم 121 لسنة 2018، أسهم في تقليص الأثر السلبي للقرار السابق بشكل محدود.
موعد مع الخسارة
وكشف الرئيس التنفيذي لشركة قناة السويس للحاويات، لارس كريستنسن، في مؤتمر صحفي أمس الأحد، عن استمرار تراجع أرباح الشركة، التي تعمل بشكل رئيسي في تداول حاويات الترانزيت بالسوق المصري بنهاية 2018، محققة 5 ملايين دولار، مقابل 10 ملايين العام السابق له.
وأضاف: أن السويس للحاويات على موعد مع الخسارة خلال العام الجاري لأول مرة منذ بداية مزاولتها النشاط في السوق المصري عام 2004، بسبب المنافسة مع الموانئ المقابلة على البحر المتوسط، وهروب الخطوط الملاحية من شرق بورسعيد، لارتفاع الرسوم.
وأكد كريستنسن، أن الخطوط الملاحية لن تعود إلا بعد تعديل الرسوم المفروضة، وخطة تسعير مرنة لمدة خمس سنوات تقدمها الحكومة.
حاويات الترانزيت
وتوقع كريستنسن، تحقيق معدلات تداول للحاويات في حدود تتراوح بين 2.5 و2.6 مليون حاوية خلال 2019، وهي معدلات العام السابق نفسها، مؤكدا أن المحطة تخسر مليون دولار شهريا خلال الفترة الأخيرة، واضطرت الشركة لتخفيض 400 وظيفة.
وأضاف: “منذ العمل بقرار 488 في سبتمبر 2015 ونحن أمام زيادة سنوية إضافية بنسبة 5%، تفرض طبقا للقرار في التوقيت نفسه من كل عام، على إجمالي الرسوم التي تحصلها جهات عدة بالميناء، منها مصلحة الموانئ والمنائر، ورسوم القطر والإرشاد، وغيرها من الرسوم التي تحمل على تكلفة العمليات.
وأشار إلى أن تجارة حاويات الترانزيت التي تمثل 90% من أعمال ميناء شرق بورسعيد بالوقت الحالي كانت ضحية للقرارات، وتأثرت بشدة أمام المنافسين في المنطقة.
التفاوض مع الحكومة
وتسعى شركة قناة السويس للحاويات للتفاوض مع الحكومة، لتنفيذ عدة مقترحات تحقق تنافسية ميناء شرق بورسعيد، خاصة مع اقتراب افتتاح أنفاق قناة السويس التي تدعم تنافسية الميناء بما توفره من شبكة طرق سهلة لنقل الحاويات.
وقال هاني النادي، مدير عام العلاقات الحكومية بالشركة: إن ما تقدمت به “قناة السويس للحاويات” لا يهدف إلى تحقيق امتياز يعود بالنفع عليها فقط، وإنما محاولة لخدمة وتحسين تنافسية الموانئ المصرية ككل في مواجهة موانئ جنوب المتوسط.
ولفت إلى أن تلك الموانئ استثمرت الأزمة التي خلفتها قرارات وزارة النقل 488 لسنة 2015، و800 لسنة 2016، من ارتفاع مبالغ فيه لأسعار الخدمات نالت من تجارة حاويات الترانزيت، وجذبت الخطوط الملاحية إليها.
ارتفاع الأسعار
وأوضح النادي أن تكلفة الخدمات الإجمالية المقدمة في ميناء بريوس اليوناني لا تزال أقل من ميناء شرق بورسعيد بنحو 65%، وعلى سبيل المثال في المتوسط تبلغ تكلفة تداول سفينة واحدة هناك نحو 1000 دولار، مقابل 12 ألفا في شرق بورسعيد، وذلك بعد تنفيذ قرار 121 للهيئة الاقتصادية لقناة السويس، بمنح تخفيضات تقارب 60% وفقا لشرائح معدلات التداول الإجمالية.
وأضاف النادي: أن ما أقدمت عليه الهيئة الاقتصادية لتعديل الموقف، وخلق مناخ لعودة التنافسية أمر محمود، ولكنه غير كافٍ، في ظل تآكل تلك التخفيضات، متأثرة بالرسوم المفروضة، طبقا لقرارات وزارة النقل السالف ذكرها.
فيما أوضح الرئيس التنفيذي للشركة، أن الوقت مثالي للحكومة للتدخل وتعديل الأسعار قبل إقرار الموازنة الجديدة، موضحا أنه من الصعب أن يكون ميناء محوري -مثل شرق بورسعيد- لا يعمل به سوى خط ملاحي واحد فقط، وهو ميرسيك، وهو أمر غير مقبول، ولابد من إجراءات سريعة لحل الأزمة، على حد وصفه.
وحاولت الحكومة خلال الفترة الماضية إصلاح الأمر عبر سلسلة من التخفيضات بالرسوم، أقرتها الهيئة الاقتصادية لقناة السويس عبر القرارات 127 و121 في محاولة لاستعادة تنافسية ميناء شرق التفريعة.
قناة السويس للحاويات
بدأت قناة السويس للحاويات عملها في 2004 كمشروع مشترك، تديرها محطة الحاويات الوحيدة في ميناء شرق بورسعيد، وفق عقد امتياز مع الحكومة المصرية، وتتولى (إيه.بي.إم ترمينالز) تشغيل قناة السويس للحاويات، باعتبارها مساهم الأغلبية فيها، إذ تمثل تجارة الترانزيت 95% من حجم أعمال ميناء قناة السويس للحاويات بشرق بورسعيد.
وتعد أكبر محطة لتداول الحاويات في مصر والثانية في شرق المتوسط، وتملك فيها ميرسيك 55% من خلال شركتها التابعة “إيه.بي.إم ترمينالز”، بينما تملك “كوسكو باسيفيك” 20% وهيئة قناة السويس 10% والبنك الأهلي المصري 5%، والنسبة الباقية لشركات خاصة.
وتبلغ استثمارات الشركة في ميناء قناة السويس 950 مليون دولار، وتوفر حاليا حوالي 3 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتعمل بشكل أساسي في تجارة الترانزيت، ويبلغ حجم تداول الحاويات في مصر ما بين 6.2 ملايين و6.5 ملايين حاوية سنويا.
وتراجع عدد السفن التي استقبلتها شركة قناة السويس في ميناء شرق بورسعيد إلى حوالي 1326 سفينة، و2.6 مليون حاوية في 2018، بعد أن كانت تستقبل حوالي 2213 سفينة و3.4 ملايين حاوية في 2014، قبل صدور قرارات بزيادة الرسوم.
أضف تعليق