بعد شهور من الجدل، أصدر المجلس الأعلى للإعلام ثلاثة قرارات، نُشرت بالجريدة الرسمية في ملحقها الصادر، يوم الاثنين الماضي، تتعلق بلائحة الجزاءات والتدابير التي يجوز توقيعها على الجهات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
“موضوع الجزاءات ده لو طلع انسوا حكاية الصحافة والإعلام”.. بهذه الكلمات عبّر الإعلامي مصطفى بكري، خلال تقديمه لبرنامجه “حقائق وأسرار” على فضائية صدي البلد، مساء أمس الخميس، عن اعتراضه على ما تضمنته لائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام.
وتضمنت لائحة الجزاءات، مجموعة المخالفات والعقوبات التي يمكن للمجلس أن يصدرها المجلس الأعلى للإعلام بحق المؤسسات الصحفية أو اﻹعلامية، التي تصل في بعض المواد إلى توقيع غرامات مالية تصل إلى ربع مليون جنيه، وحجب المواقع بشكل مؤقت أو دائم.
أبرز البنود والعقوبات
تسري اللائحة على كل ما يعرض على الشاشات من برامج وأفلام وإعلانات، والصحف المطبوعة، وكل ما ينشر على الإنترنت بالمواقع الإلكترونية أو صفحات التواصل الاجتماعي، أو الحسابات الخاصة التي يزيد عدد متابعيها على خمسة آلاف متابع.
ونصت المادة رقم (5) على: منع نشر أو بث، لفترة محددة أو بصفة دائمة، المادة الصحفية أو اﻹعلامية أو اﻹعلانية المخالفة ﻷحكام القانون أو اللوائح الصادرة بناء عليه، أو المخالفة لما يصدر عن المجلس من قرارات، أو المخالفة لميثاق الشرف المهني أو المعايير.
مادة 8: للمجلس أن يحيل الصحفي أو اﻹعلامي للمساءلة التأديبية أمام نقابته، ووفقا لقانونها، في حالة:
- عدم الالتزام بالمبادئ والقيم التي يتضمنها الدستور أو أحكام القانون.
- عدم الالتزام بميثاق الشرف المهني أو آداب المهنة وتقاليدها أو السياسة التحريرية للصحيفة أو الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها.
- التسبب في ارتكاب الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني إحدى المخالفات الواردة في القانون أو اللوائح.
صحيفة المشهد
وفي أول تطبيق للائحة جزاءات الإعلام، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أمس الخميس، تغريم صحيفة “المشهد” الأسبوعية 50 ألف جنيه، وحجب موقعها الإلكتروني لمدة ستة أشهر، بسبب الخوض في أعراض إحدى الإعلاميات وعدد من الفنانات، ونشرها لإحدى الصور الإباحية على موقعها الإلكتروني.
وقال مجدي شندي، رئيس تحرير الصحيفة، لمصادر صحفية: إنه تلقى اليوم خطابا بالقرار، مختوما من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وموقعا من رئيسه مكرم محمد أحمد، وإنه لم يتلقَ أي إخطار مسبق بوجود تحقيقات في أي بلاغات أو مخالفات تخص الصحيفة.
ونفى أن تكون الصحيفة أو موقعها نشرا أيّا من هذه المواد المذكورة في المقال، قائلا: “نحن نلتزم بشكل حرفي بالقيم الصحفية التي لم يعد أحد يلتزم بها، فنحن لا ننشر خبرا دون التأكد من مصداقيته، كما لا ننشر خبرا دون مصادر”، مستنكرا عدم ورود أي عناوين للمواد الصحفية المذكورة سبب القرار.
سبب سياسي
وأرجع رئيس تحرير صحيفة المشهد سبب القرار إلى سبب سياسي لا أخلاقي، قائلا: “في تقديري أن السبب الوحيد للقرار هو موقفنا من التعديلات الدستورية، إذ نشرت الصحفية، الثلاثاء الماضي، تقريرا بعنوان “إتاوة الدستور.. استعدادات محمومة لإجراء الاستفتاء في 23 أبريل.. وكشوف ناخبين لتوزيع مواد غذائية عليهم”.
من جانبه، قال مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: إن حجب موقع صحيفة المشهد، جاء بسبب ما ارتكبه الموقع من مخالفات للآداب العامة وميثاق الشرف المهني: “إحنا مش بنفتري على حد وبنتكلم بالقانون، ولو عندهم تظلم يتقدموا بيه واحنا هنحقق، ونرفض أن نترك المهنة سداح مداح لمن يريد أن يتطاول أو يخترق القانون أو يخالف أخلاقيات المهنة”.
ردود أفعال
من جانبها، رفضت رشا عمار، رئيس لجنة الإعلام بحزب المحافظين، لائحة الجزاءات، واصفة إياها بأنها “تقييد جديد للصحافة”، وتعيد إلى الأذهان أحد القوانين التي صدرت في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، بغرض تقييد الحريات الصحفية تحت وهم حماية الأخلاق والمجتمع من العيب.
وأضافت “عمار”، في بيان لها، الثلاثاء الماضي: “المادة رقم 3 التي تقر عقوبة علي الصحفي الذي ينشر أخبار مجهولة المصدر هي مادة غير قانونية، لأنه مستحيل أن يكون من كتبها صحفي، لسبب بسيط هو أنه وفقا للقانون، فإن الصحفي له كل الحق في عدم الإفصاح عن مصدره، إلا أمام النيابة في حال التحقيقات التي تمثل خطرا على المصلحة العامة، ووقتها سيكون من حق نقابة الصحفيين فقط معاقبته”.
نقابة الصحفيين
أما محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين، فقال: إن لائحة الجزاءات الصادرة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تحمل مخالفات صريحة للدستور، وإنها مدت حدود التجريم، وخلقت صلاحيات عقابية للمجلس تخالف نصوص الدستور المتعلقة بالصحافة والإعلام”.
وأوضح كامل لمصادر صحفية، يوم الأربعاء الماضي، الدستور نص في مادته 71 على: حظر فرض رقابة على الصحف ووسائل الاعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها بأي وجه، إلا أن اللائحة قررت فرض عقوبات الحجب ومصادرة المواد الصحفية، ومنع بثها أو وقف البرامج والصفحات والمنع من الظهور، وصولا إلى إلغاء الترخيص، وهو ما يخالف الدستور.
من جانبه، كتب محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، أمس الخميس، عبر حسابه الشخصي على فيس بوك: بعد التداول مع عدد من الزملاء أعضاء مجلس نقابة الصحفيين، سنتقدم بطلب إلى مجلس النقابة لإحالة مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام للتحقيق النقابي، لإصداره قرارا بحجب موقع جريدة “المشهد”، وتغريمه أصحابها 50 ألف جنيه، إنفاذا للائحة معيبة مطعون على شرعيتها.
بينما قال مصطفى بكري، خلال تقديمه لبرنامجه “حقائق وأسرار”، مساء أمس الخميس: “موضوع الجزاءات ده لو طلع انسوا حكاية الصحافة والإعلام، وأنا معرفش مين تفنن وطلعلنا اللائحة دي.. إحنا كده بنقفلها خالص وده مش لمصلحة نظام أو دولة”.
أضف تعليق