مصير مجهول ينتظر التمريض في مصر: عدوى وسخرة وسفر

التمريض في مصر
تحديات تواجه مهنة التمريض في مصر - أرشيف

ما بين قلة العدد وغياب الحقوق وضعف الخبرة وغياب الثقة، تعاني مهنة التمريض في مصر من أزمات متلاحقة تهدّد بقاءها، مع استمرار ظاهرة هروب ملائكة الرحمة للعمل في الخارج، وعزوف الطلاب عن الالتحاق بمدارس وكليات التمريض.

وكشفت هالة زايد، وزيرة الصحة، عن أنها لاحظت منذ توليها مهام الوزارة تراجعا شديدا في مهنة التمريض، مؤكّدة مضاعفة عدد الفصول، وإعادة الثقة لهذه المهنة.

وأوضحت الوزيرة في لقائها مع القناة المصرية الأولى، مساء أمس، أن محافظتي جنوب سيناء وأسوان ستكتفيا ذاتيا من حيث أعداد الممرضين خلال ثلاث سنوات.

حجم العاملين

وتمثّل نسبة التمريض 65% من حجم المنظومة الصحية، وتبلغ نسبة العجز ما يزيد على 20%، إذ تقدّر الكتلة التمريضيّة في البلاد بثلاثمائة ألف ممرض، بينما يصل عدد العاملين الفعليّين في التمريض بالمنظومة الصحية إلى 245 ألف ممرض، أي أن هناك عجزا في التمريض يقدر بخمسة وخمسين ألف ممرض.

وبحسب بيانات نقابة التمريض، فإن القوة الفاعلة موزعة كالآتي:

  • 199 ألفا يعملون في القطاع الحكومي.
  • 25 ألفا يعملون في المستشفيات الجامعية.
  • 21 ألفا يعملون في مستشفيات التأمين الصحي.
  • 255 ألفا موزعون ما بين القطاع الخاص، الذي يتكون من 82 ألف منشأة طبية، والهجرة إلى الخارج، والخروج على المعاش.

ويبلغ عدد كليات التمريض 25 كلية في مختلف المحافظات، منها 20 جامعة حكومية، عدد خريجيها ستة آلاف سنويّا، منها في القاهرة، وعين شمس، والمنيا، وبني سويف، وأسيوط، والمنصورة، وسوهاج، وطنطا، والإسكندرية، وبورسعيد، والزقازيق.

أما كليات التمريض الخاصة فعددها خمسة، وهي: كلية التمريض بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، والجامعة البريطانية، وجامعة بدر، وجامعة مصر الحديثة.

خطورة العجز

وبحسب مراقبين، فإن العجز في عدد التمريض في المستشفيات الحكومية يرجع إلى العديد من الأسباب، من بينها:

  • هجرة الكثير من الممرضين إلى الدول العربية والأجنبية.
  • العديد منهم يفضّل العمل في المستشفيات الخاصة، لما توفره من مميزات ورواتب أكبر.

وحذّر الدكتور هشام مبروك، المتحدث باسم نقابة التمريض، من استمرار الهروب والعزوف عن مهنة التمريض، مؤكدا أن “غياب التمريض من الممكن أن يُحدث شللا تاما للمنظومة الصحية، كما يتبع مهنة التمريض من يكون مقيّدا بالمستشفيات أو متواجدا بالنبطشيات أو ساهرا على راحة المريض، ومتواجدا بصورة مستمرة”.

مهنة تفرغ

ولفت إلي أن مهنة التمريض في مصر مهنة تفريغ، وليست جاذبة لعدة عوامل، أهمها:

  • ضعف الرواتب التي لا تتجاوز 1300 إلى 1400 جنيه بالنسبة للخريج حديثا، في حين أن هناك مَن يعمل في المهنة منذ 25 عاما، ولا يتعدّى راتبه 2200 جنيه، بينما تصل رواتب التمريض خارج مصر 13 ألف جنيه.
  • بدل العدوى لا يتجاوز 15 جنيها، في حين أن هناك منظومات أخرى بعيدة عن المنظومة الصحية يصل فيها إلى ثلاثة آلاف جنيه.
  • هناك 1227 ممرضا وممرضة، أصيبوا بعدوى أمراض مختلفة.
  • أجر النوبتجية 12 جنيها يوميا في مدة عمل تصل إلى 12 ساعة، في حين أنه في مستشفيات القطاع الخاص يصل إلى 250 جنيها.

وكشف مبروك عن أنه يوجد 210 آلاف شخص يعملون بمنظومة التمريض في مصر، من بينهم 150 ألفا انتقلوا للعمل خارج البلاد، مضيفا “أن نسب العجز تصل إلى 60 ألف ممرض خلال الوقت الحالي”.

ولفت مبروك إلى أن مَن يدرس التمريض يكون كل طموحه هو الحصول على كارنيه نقابة التمريض، ومزاولة المهنة، لكي يثبت أن له عضوية بالنقابة، ويتحرك إلى أي بلد آخر كيف يشاء.

يعملون بالسخرة

وفي أغسطس الماضي، أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان دراسة عن حال الممرضات في مصر، ووصفت ظروف عملهن بـ”السخرة”.

وتقول الشبكة: “إن الممرضات يخضعن لنظام يشبه نظام السُخرة أو النظام العسكري منذ بداية التحاقهن بمدارس التمريض، إذ يتوجب على الطالبات أداء التدريب بالمستشفيات في مقابل الحصول على مكافأة شهرية قيمتها 11 جنيها شهريا (0.7 دولار).

وبعد التخرج يجب على الخريجات قضاء عامين من الخدمة الإجبارية (التكليف) في المستشفيات العامة بأجر لا يتجاوز 110 جنيهات شهريا.

وعن أوضاع مستشفيات القطاع الخاص توضّح الشبكة أن ممرضات المستشفيات الخاصة يعشن ظروف عمل أشبه بأوضاع العمالة المؤقتة، فالغالبية العظمى “تعمل بعقود محددة المدة أو دون عقود على الإطلاق”.

الدراما

وبخلاف الأوضاع المادية لعبت الدراما والسينما المصرية التي تُسيء للممرض دورا في ضعف الثقة بتلك المهنة، ما رسخ في أذهان المصريين صورة غير حقيقية عن ملائكة الرحمة، وتجلّى ذلك في فيلم “ليلى والحرامي”، الذي قدمت فيه نقابة التمريض دعوى قضائية، وطالبت بتعويض عشرة ملايين جنيه.

بالإضافة إلى “مسلسل زهرة” الذي قامت فيه الفنانة غادة عبد الرازق بدور ممرضة، تقوم بسرقة الأدوية من المستشفيات، وبيعها في السوق السوداء، وكذلك مسلسل “هي ودافنشي” ، بالإضافة إلى فيلم “زهايمر”.

خطة 2020

ولمحاولة الخروج من النفق المظلم، كشفت نقابة التمريض في مصر عن وجود خطة لحل أزمة التمريض بحلول العام 2020، بزيادة عدد المعاهد وكليات التمريض على مدار العامين المقبلين.

وتحاول النقابة حاليا التعامل مع الأزمة، من خلال التواصل مع الحكومة، وتوجيه رسائل فيما يتصل بالمشكلة التي تؤثر على القطاع الطبي، وتجعل هناك عجز في مستشفيات القطاع الحكومي بصورة خاصة.

اقرأ أيضا:

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *