حلم الوظيفة الحكومية.. هل انتهى بعد إيقاف التعيينات؟

حلم الوظيفة الحكومية.. هل انتهى بعد وقف التعيينات؟
المصريون يفضلون الوظيفة الحكومية عن الأعمال الحرة والقطاع الخاص لأسباب كثيرة - أرشيف

“الحصول على وظيفة حكومية” يبدو أن هذا الحلم الذي ظل ملايين الشباب من الخريجين يبحثون عنه قد تحطّم على أعتاب الجهات الحكومية، بعد قرار الحكومة وقف التعيينات، وإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة.

وحب الوظيفة الحكومية عند المصريين مترسخ منذ القدم، وتدل عليه الأمثال الشعبية، مثل: “إن فاتك الميري اتمرغ في ترابه”، ويتأكد هذا التعلق بقلة إقبال الشباب على وظائف القطاع الخاص، نظرا لعدم وجود ضمانات كافية بها، مثل: الوظيفة الحكومية، وعدد ساعاتها الأطول، والتعب الأكثر.

وتزامن وقف التعيينات مع إعلان الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، الانتهاء من تحديث بيانات العاملين في دواوين عموم 27 وزارة، بالإضافة إلى بعض الجهات التابعة لهم، وذلك في إطار المشروع القومي لتحديث الملف الوظيفي إلكترونيا للعاملين بالجهاز الإداري للدولة.

هيكلة الجهاز الإداري

وتسعى وزارة التخطيط لإعادة هيكلة الجهاز الإداري وإيجاد البديل، في الوقت الذي أصدرت فيه قرارا بوضع نظام للتعاقد الوظيفي المؤقت مع عمالة وموظفين جدد، لسد حاجة الجهاز الإداري بالدولة، بعد وقف التعيينات الحكومية.

وأصدر الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قرارا، في منتصف أكتوبر الماضي، بوقف التعيينات حتى عام 2020، وهو ما برره رئيس الجهاز، صالح الشيخ، في إعلانه عن القرار، بأنه راجع للإعلان عن خطة إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، بعد إقرار قانون الخدمة المدنية.

ويحصل الجهاز الإداري للدولة على 266 مليار جنيه رواتب للموظفين، وهو ما يراه كثيرون يشكّل عبئا كبيرا على موازنة الدولة العامة، ويحتاج للتغيير.

ويستهدف قرار الهيكلة تقليل نسبة الموظفين بالجهاز إلى 20%، الذين يبلغ عددهم ما يقرب من 5.6 ملايين موظف، وتتضمن تخفيض عدد مجلس الوزراء و38% من موظفي القطاع العام، لتقليص البيروقراطية، واجتذاب الاستثمار الأجنبي.

ارتفاع البطالة

يأتي هذا في الوقت الذي سجلت فيه نسبة البطالة خلال الربع الثالث من العام الحالي نحو 10%، إذ ارتفعت مقارنة بالربع السابق له مباشرة “الربع الثاني“، الذي بلغ المعدل خلاله 9.9%، فيما تراجع المعدل مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي “الربع الثالث من عام 2017” بنسبة 1.9%، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وأوضح أن هذا الربع شهد ارتفاعا في قوة العمل وأعداد المشتغلين، إذ بلغ عدد قوة العمل التي تشمل أعداد المشتغلين والمتعطلين 29.215 مليون فرد منهم: (23.447 مليون ذكر، 5.768 مليون أنثى).

ويلجأ كثيرون أمام ندرة الوظائف الحكومية إلى العمل في مهن متواضعة وبسيطة، مثل: بائع فول أو ملابس ومندوب مبيعات أو سائق، بينما فكر بعض الآخر في الهجرة إلي الخارج، آملين في مستقبل أفضل.

وبحسب الإحصائيات، فإن نسبة 80% من الشباب، خريجو الجامعات، لا يعملون بشهاداتهم، وقد علقوا شهاداتهم العليا علي الجدران، واضطروا لقبول مهن أخرى متواضعة أو أعمال لا تمت لدراستهم بصلة.

تفضيل الوظيفة الحكومية

ويثير هذا الواقع تساؤلات عدة، أبرزها: هل يختفي حب المصريين للوظائف الحكومية بعد وقف التعيينات؟ وما هي أسباب تفضيلهم للوظائف الحكومية وعدم إقبالهم على القطاع الخاص؟

ويرى مراقبون، أن المصريين يفضلون الوظيفة الحكومية عن الأعمال الحرة والقطاع الخاص لعدة أسباب مرتبطة بها، وهي:

  • الأمان الوظيفي، ففي ديوان الحكومة يصعب فصلك حتى لو كنت مهملا أو متهاونا في دوامك.
  • الاستقرار المادي، فالوظيفة الحكومة مرتبها ثابت وفيها حوافز، على الرغم من صغر مرتب الوظيفة الحكومية في قطاعات عدة، في حين أن القطاع الخاص ربما يكون الراتب أعلي.
  • ساعات العمل أقل، إذ أصبح من الشائع، أن معظم الهيئات التابعة للجهاز الإداري للدولة لا تبلغ ساعات العمل فيها ثماني ساعات، والمهمة التي يقوم بها شخص واحد يُعين لها خمسة، فضلا عن أنه لا توجد رقابة على الحضور والانصراف.
  • الوظيفة الحكومية لها تأمين طبي.
  • المعاش مضمون، على الرغم من تحديده بنسبة 40% على الأساسي.
  • الإجازات مريحة جدا.
  • الترقيات مضمونة، حتى ولو كان المستوى المهني متواضعا، لأن الأمور تحسب غالبا بالأقدمية.
  • تضمن تعيين الموظف لابنه في الحكومة.
  • القطاع الخاص متعب جدا.
  • العمل في وظيفة أخرى بجانب الحكومية.

بر أمان للكسلان

بينما يرى آخرون أن الوظيفة الحكومية بر أمان للمواطن الكسلان، إذ وصف الكاتب خالد سعد النجار، الوظيفة الحكومية في العالم العربي بالبطالة المقنعة “التي لا تعنى إلا بالإنجازات الوهمية”.

وأضاف في مقال له بعنوان “الوظيفة الحكومية.. بر أمان الكسلان”: أن القطاع الوظيفي يراه أصحاب الهمم العالية والطموح أشبه بالطوق الذي يقيّد الحركة، ويفتر الهمة، ويقضي على بذور التميز بداخلهم، ولذلك لم يتحمل الفضلاء ولا العصاميون أسر الروتين، ولا قيد الراتب المحدود، ولا الساعات اليومية المملة دون إبداع يُذكر أو نجاح يُحصد”.

رعاية الشباب الخرجيين

على جانب آخر، شددت الدكتورة ابتهال أحمد رشاد، مستشارة التنمية البشرية وحقوق الإنسان، على ضرورة إعطاء شباب الخريجين الأهمية الكافية، وذلك بأن يأخذوا دورهم في البناء وصناعة المستقبل.

وأوضحت أن هناك مشكلات يعاني منها الشباب، أبرزها ما هو خاص بالسكن، والصحة، والتعليم، والإخفاق التنموي، والغلاء المعيشي، وهناك معوقات حرمت كثيرا من حملة الشهادات الجامعية أن يجدوا فرصة للعمل في القطاع الحكومي أو خارجه، وهم شريحة واسعة ومتزايدة من الشباب المتعلمين، الذين يبحثون عن أي عمل لسد رمق الجوع، وهي تسمى “بطالة سافرة”.

وطالبت الدولة بالاهتمام بالشباب، وإدماج قضاياهم في برامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، للمساهمة في عملية البناء الشامل للمجتمع، لأنه لا وجود للتنمية أو الاستقرار الاجتماعي في مجتمع لا يستفيد بطاقات الشباب.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *