أثارت تصريحات وزير الزراعة، عز الدين أبو ستيت، عن حجم استيراد التقاوي والبذور الزراعية من الخارج، جدلا بين المعنيين بالأمر، خاصة فيما يتعلق بأسباب الاستيراد، والمشكلات الناتجة عنه، وكيفية الحد منه، والتحديات التي تواجه إنتاج التقاوي محليا.
وجاءت تصريحات، أبو ستيت، خلال اجتماع لجنة الزراعة بالبرلمان، الذي قال فيه: “إن مشكلة استيراد التقاوي لها عدة جوانب، علما بأن 2% من بذور الخضار تنتج محليا، والباقي (98%) يجرى استيراده من الخارج”.
وأضاف: “أن مصر تستورد تقاوي خضر بملياري دولار تقريبا، واصفا عملية الاستيراد أنها تجرى بشكل غير منضبط، وأن الوضع القائم غير مقبول” مشيرا إلى أن محدودية الشركات المستوردة، يؤدي إلى تفاوت كبير في هامش الربح، من استيراد التقاوي.
ولفت الوزير في تصريحاته إلى ضرورة التوصل لخطوات عملية يجب اتباعها، لتغيير الوضع الذي وصفه بالمختل، من خلال محورين هما:
- أن يكون إنتاج التقاوي أهم أولويات معهد البحوث الزراعية، ومعهد البساتين، ومعهد تربية الخضار.
- مساهمة المستثمرين والشركات في البرنامج الوطني لإنتاج محاصيل الخضر، لتقليل الفجوة الحالية في استيراد البذور.
نقيب الفلاحين
وبدوره علق حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، على تصريحات أبو ستيت، بأنها حقيقة مؤسفة وواقع مؤلم، مؤكدا أن مصر تستورد بمليار دولار تقاوي خضراوات، كما تستورد بمليار آخر تقاوي أخرى، مثل: البنجر، والبطاطس، والطماطم.
وأضاف أبو صدام: “أن حجم استيراد التقاوي بشكل عام يبلغ 85%، في حين تستورد مصر 100% من التقاوي الحديثة” ما اعتبره مؤشرا خطيرا يدل على أن مصر “دولة عقيمة في إنتاج التقاوي” على حد قوله.
وتابع: “أنه من الممكن قبول استيراد بعض المحاصيل، لكن أن نستورد التقاوي أمر غير مقبول تماما”.
وتساءل نقيب الفلاحين عن دور مركز البحوث الزراعية في تطوير التقاوي، الذي يعد الأكبر في الشرق الأوسط، وما إذا كان كبيرا في المساحة فقط دون العمل.
ورأى أبو صدام، أن الأمر خطير، ويحتاج إلى وقفة جادة من الدولة، ويستوجب:
- اهتماما كبيرا بمركز البحوث، وزيادة الميزانية الخاصة به، إذا كانت الدولة جادة في إنتاج التقاوي محليا.
- تخصيص جزء من مشروع الـ100 ألف صوبة لإنتاج التقاوي، وبذلك سوف نصدرها، وتدر مليارات الدولارت، لأنها ذات قيمة مضافة.
- التصدي لمافيا الاستيراد التي تلجأ لرشوة بعض القائمين على الزراعة، مما يؤدي إلى تدميرها.
اقتصادية البرلمان
ومن جانبه قال النائب محمد فرج عامر، رئيس لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، في طلب إحاطة: “إن استيراد تقاوي الخضار من الخارج بقيمة مليار دولار سنويا كارثة تتطلب وقفة”.
وأشار إلى أن الاعتماد وبنسبة 98% على استيراد تقاوي الخضار يعد فضيحة، وتساءل: كيف لبلد زراعية مثل مصر أن تستورد تقاوي الخضار؟!
وعلى ذات الصعيد، رأى عبد ربه إسماعيل، أستاذ المحاصيل بمركز البحوث الزراعية ورئيس جمعية منتجي التقاوي المصرية، أن الاعتماد على استيراد تقاوي الخضار بشكل شبه كامل يرجع لضعف الميزانية المخصصة للمركز القومي للبحوث الزراعية.
وكانت ميزانية المركز القومي للبحوث الزراعية تقدر منذ عامين بمليوني جنيه، في الوقت الذي تصرف الدول الأخرى مليارات الدولارت على الأبحاث الزراعية، وتعتبرها صناعة.
معهد بحوث البساتين
وأضاف محمد محمود، مدير معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية: أنه جرى إطلاق برنامج لإنتاج تقاوي الخضار في عام 2004، ولم يجرَ التوسع فيه، بسبب وجود عوائق متعددة منها:
- عدم توافر جينات ومصادر آباء وأمهات السلالات لكل صنف.
- ضعف الإمكانات المادية الخاصة بالأبحاث، ومعدات ومتطلبات الإنتاج.
- عدم توفر العمالة الفنية المدربة.
ويؤكد دكتور محمد محمود على أن هناك اتجاه نحو الحل، وإن كان يتطلب سنوات حتى يؤتى ثماره، ويتمثل في:
- توقيع مصر على اتفاقية (اليوبوف).
- التوقيع على بروتوكول تعاون في شهر يونيه 2017 مع معهد الأصول والزهور والخضار الصيني في بكين، لإنتاج سلالات من تقاوي الخضراوات، والتعاون في التدريب، وغير ذلك.
إدارة فحص التقاوي
أما عن ضوابط استيراد التقاوي، فيوضح جمال عزب، رئيس الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوي، أن التقاوي المستوردة من الخارج تخضع إلى رقابة كاملة في كل من:
- إدارة الحجر الزراعي.
- الجهة الزراعية لكل صنف.
- لجنة لفحص التقاوي الواردة من الخارج على حسب نوع الصنف المحصول.
وفي حالة الموافقة على الشحنة، والتأكد من سلامتها، يُعطى تصريحا بإمكانية استيرادها بعد استيفاء الأوراق والإجراءات اللازمة لذلك، وتحديد جهة الاستيراد وكل تفاصيل الأصناف المستوردة.
يأتي هذا في وقت شهد العام فيه العديد من الأزمات في المحاصيل الزراعية، نتيجة استيراد تقاوي فاسدة، وغير قادرة على مقاومة الأمراض، منها:
- أزمة تقاوي الطماطم “023” التي قررت وزراة الزراعة حظر استيرادها بعد ثبوت إصابتها بفيروس تجعد والتفاف الأوراق “TYLCV”، بعد أن تسببت في بوار آلاف الأفدنة.
- أزمة البطاطس، وانخفاض إنتاجية هذا العام بشكل ملحوظ، نتيجة ضرب المحصول العديد من الأمراض، ما تسبب في ارتفاع سعر كيلو البطاطس.
- أزمة محصول الفاصوليا التي أضرت بـ35 ألف فدان من المحصول، نتيجة إصابة المحصول بأمراض آخرها ذبابة الفاصوليا، وعفن البذور، ما أدى إلى تلف نحو 40% من المحصول.
أضف تعليق