في ذكراه.. رحلة علي مبارك من الكُتاب إلى أبو التعليم

علي مبارك
الذكرى الـ125 لوفاة رائد التعليم في مصر علي مبارك - أرشيف

تحل اليوم الذكرى الـ 125 لرحيل علي مبارك، رائد التعليم ومؤسس منظومة التعليم الرسمية في مصر، وزعيم نهضتها، وهو أحد زعماء حركة الإصلاح في القرن التاسع عشر، والرائد في كل محطات حياته كطالب في كتاب القرية أو في مدرسة الجهادية بعد ذلك أو مبتعث لفرنسا، وحتى توليه نظارة المعارف قبل رحيله.

تفوق منذ الصغر

وبرز تفوق علي مبارك في محطات حياته المختلفة، التي بدأت بمولده عام 1824 في قرية برنبال الجديدة بالدقهلية، إذ بدأ مسيرته العلمية في كُتّاب القرية، وحفظ القرآن، وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة.

واصل مبارك مسيرته متنقلا من الكُتاب إلى مدرسة  الجهادية بقصر العيني التجهيزية، وهو ابن 12 عاما، وكان نظام الدراسة فيها داخليا، ويحكمها النظام العسكري الصارم.

بعثة الأنجال 

التحق أبو التعليم بعد انتهائه من الجهادية بمدرسة المهندس خانة في بولاق لمدة خمس سنوات، وضمن له تفوقه مكانة بين البعثات التي ترسلها مصر.

وابتُعث علي مبارك ضمن بعثة الأنجال، التي ضمت أربعة من أمراء بيت محمد علي، إلى فرنسا لمدة ثلاث سنوات، تعلم خلالهم الفرنسية، ودرس الهندسة الحربية، والتحق بالجيش الفرنسي للتدريب والتطبيق، حتى توفي محمد علي، فعادت البعثة.

مناصب متعددة  

عقب عودة علي مبارك لمصر التحق بحاشية عباس الأول الذي تسلّم مقاليد الحكم في البلاد، وبدأ ترقيه في المناصب بالدولة بتعيينه معلم بمدرسة المدفعية ﺑ”طرة”.

وترقّى أبو التعليم إلى مراقب على امتحانات الهندسة بالأقاليم، وأشرف على صيانة القناطرالخيرية، وتولى إدارة ديوان المدارس، إذ برزت بصماته في تطوير ديوان المدارس، وأحدث به نهضة شاملة.

وأعاد تنظيم المدارس، وعيّن المدرسين، ورتّب الدروس، واختار الكتب، كما اشترك في تأليف بعض الكتب المدرسية، واختيار المناهج، وأنشأ لطبعتها مطبعتين، واهتم بتعليم اللغة الفرنسية للطلاب. 

التطور العمراني 

انتقلت بصمات علي مبارك إلى مكان آخر غير ديوان المدارس، واستدعاه الخديوي إسماعيل عقب جلوسه على عرش البلاد، وعهد إليه بقيادة مشروعه المعماري العمراني، بإعادة تنظيم القاهرة على نمط حديث، ومنها:

  • شق الشوارع الواسعة.
  • إنشاء الميادين.
  • إقامة المباني والعمائر العثمانية الجديدة.
  • إمداد القاهرة بالمياه وإضاءتها بالغاز.

وتولى أبو التعليم نظارة القناطر الخيرية، ليعمل على حل مشكلاتها، وهو ما نجح فيه، ونال على إثره منحة من الخديوي بـ300 فدان، ثم عهد الخديوي إليه بتمثيل مصر في النزاع الذي اشتعل بين الحكومة المصرية، وشركة قناة السويس، فنجح في فض النزاع، الأمر الذي استحق عليه أن يُكرّم من مصر وفرنسا.

عهد إليه الخديوي إسماعيل بعد ذلك بعدة نظارات، أبرزها نظارة المدارس، وديوان الأشغال العمومية، وإدارة السكك الحديدية، ونظارة عموم الأوقاف، والإشراف على الاحتفال بافتتاح قناة السويس.

وكان علي مبارك من أول من تقلّد مناصب وزارية عقب ظهور الوزارات كمؤسسات مهمة في حكم مصر عام 1878، إذ تولى وزارات الأوقاف والمعارف والأشغال العمومية.

نهاية المسيرة 

وانتهت مسيرة علي مبارك الوظيفية عقب تولي سعيد باشا الحكم، إذ عزله من جميع المناصب، ومن نظارة المهندس خانة، وأرسله إلى الحرب ضد روسيا بحرب القرم.

وأقام أبو التعليم ثمانية أشهر يشرف على الشئون الإدارية للقوات العثمانية المحاربة، وينظم تحركاتها، وأقام مستشفى عسكري بالجهود الذاتية لعلاج الأمراض التي تفشت بين الجنود، وعقب عودته وجد أن الخديوي سرّحه من الخدمة.

آثاره ووفاته

تعد دار “الكتب خانة المصرية” من أبرز ما خلّفه علي مبارك عقب توليه نظارة المعارف في عصر الخديوي إسماعيل، التي أنشأها بهدف “تجميع المخطوطات النفيسة، مما حبسه السلاطين والأمراء والعلماء والمؤلفون على المساجد والأضرحة ومعاهد العلم”.

ولا تنحصر آثار مبارك في دار الكتب، ولكن يضاف إليها عدد من المؤلفات المهمة، أبرزها:

  • موسوعة الخطط التوفيقية، التي تتألف من 20 جزءا.
  • نخبة الفكر في تدبير نيل مصر.
  • كتاب تنوير الإفهام في تغذي الأجسام.
  • كتاب علم الدين، وهي موسوعة أحكام صدرت في أربع مجلدات، وغيرها من المؤلفات.

وانتهت مسيرة مبارك بوفاته في 14 من نوفمبر عام 1893م، وكان آخر ما تولاه من مناصب: نظارة المعارف في وزارة رياض باشا، التي استقال منها عام 1891م.

اقرأ أيضا:

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *