تغيير الصفة الحزبية.. هل يهدد عضوية النواب؟

“تغيير الصفة الحزبية للنواب” أو تهديد دستورية عضوية بعض النواب، بسبب تغيير صفتهم الحزبية، عبارة ترددت مؤخرا، ليس فقط في أروقة البرلمان، وإنما تناولتها الصحف والمواقع الإلكترونية بالبحث والتحليل.

إذ تنص إحدى مواد قانون مجلس النواب على إسقاط عضوية النائب حال تغيير صفته الحزبية، ما أثار التخوفات حول دستورية بقاء الأعضاء الذين غيروا انتماءهم الحزبي تحت قبة البرلمان، وفتح باب الجدل حول تفسير المادة ودستوريتها، وخطورة بقائهم في الطعن في شرعية المجلس والقوانين التي تصدر عنه.

نستعرض بداية الأزمة، وتطوراتها، وأهم الآراء حولها من خلال السطور التالية:

بداية الأزمة

شهد مايو الماضي بداية الأزمة التي تمثلت في:

  • انتقال قرابة 51 نائبا من حزب “المصريين الأحرار” إلى حزب “مستقبل وطن” وعلى رأسهم رئيس لجنة حقوق الإنسان، علاء عابد.
  • إعلان حزب الوفد فصل النائب محمد فؤاد، ما يعني تغيير صفته الحزبية من حزبي إلى مستقل.
  • إعلان رئيس لجنة الإدارة المحلية، أحمد السجيني، استقالته من “الوفد” ونشرها في بيان رسمي، وتبع ذلك انتقاله إلى منصب قيادي في ائتلاف دعم مصر.

مستجدات الأزمة

الأزمة ليست وليدة اليوم، ولكنها تجدّدت بعد إعلان علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، بأنه لم ترد إليه أية خطابات بتغيير الصفة الحزبية لأي من النواب، الأمر الذي أكّده نبيل الجمل، عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بالمجلس، موضحا أن إسقاط العضوية في هذه الحالة يتطلب:

  • تقديم أحد من النواب، ما يفيد تغيير صفته الحزبية.
  • موافقة ثلثي الأعضاء.

مضيفا: “أنه ما دام لم يقدم أي طلب للمجلس، فلا يمكن مناقشة الأمر، وأي حديث غير ذلك هو مجرد استرسال دون معنى، بحسب الجمل”.

أراء قانونية ودستورية

تباينت آراء أساتذة القانون الدستوري والبرلمانيين حول الأمر، وجاء أبرزها كالتالي:

اعتبر عدد من النواب وأساتذة القانون الدستوري تصريح عبد العال أمرا مخالفا للدستور والقانون، واللائحة الخاصة بالمجلس، التي تنص المادة 10 منها على “إسقاط عضوية مَن يُغير صفته الحزبية”.

فمن جانبه رأى شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري، أن المجلس ممثلا في رئيسه وعضو لجنته التشريعية، أخطأ بمجاهرته بمخالفته الدستور والقانون، وأضاف: أن الصمت تجاه إسقاط عضوية كل مَن غيّر صفته الحزبية، صمت غير مبرر، ويخالف الدستور، وكان عليه بدلا من ذلك اتخاذ إجراءات أخرى مثل:

  • تكليف الأعضاء الإعلان عن الصفة الحزبية، وتأكيدها أو تغييرها في بداية كل دورة برلمانية.
  • إحالة أي نائب غيّر صفته الحزبية إلى اللجنة التشريعية، تمهيدا لإسقاط عضويته.

وعلى ذات الصعيد، أشار خالد عبد العزيز، عضو لجنة القيم بمجلس النواب، إلى أن البرلمان به ما يقرب من 80 نائبا غيروا صفتهم الحزبية بإرادتهم، سواء استقالوا من أحزاب وانضموا لأخرى، أو تحولوا من حزبيين لمستقلين، ولم يُتخذ بشأنهم قرار، وأشار إلى أن الأحزاب ترسل خطابات بفصل النواب لديها أو تغيير صفتهم الحزبية، ثم تقدّم للأمانة العامة للمجلس، ثم تحال للجنة التشريعية لإبداء رأيها.

تبعات قانونية

وعلى صعيد آخر، أبدى مصطفى بكري، تخوفا من تبعات تغيير الصفة الحزبية على الوضع القانوني للبرلمان، وقال خلال الجلسة العامة في 23 أكتوبر الجاري: “إن الأمر يحتاج للعرض والمناقشة أمام البرلمان، حتى لا يتعرض البرلمان لأي إشكاليات قانونية تهدد بحله” ليرد رئيس البرلمان قائلا: “لم يصل إلى علمي تغير الصفة الحزبية لأي من أعضاء المجلس”.

غير دستورية

وفي سياق مختلف، رأى صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، المادة السادسة من قانون مجلس النواب، في حاجة إلى إعادة بحث لسببين:

  •  أن الدستور حدد في مادته 110 ثلاث حالات لإسقاط العضوية، فنصت المادة على أنه لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتُخب على أساسها، أو أخلّ بواجباتها، ويصدر قرار إسقاط العضوية بأغلبية ثلثي الأعضاء، ولم ينص على إسقاط العضوية حال تغيير الانتماء الحزبي.
  • نص المادة السادسة بقانون مجلس النواب، جاء فيه “أن من يغيّر انتماءه الحزبي، بمعنى أن يفعله بإرادته، وهو الأمر الذي يتطلب مراجعة حالات النواب، لاستبيان أنهم اضطروا لذلك أم لا”.

النواب في مأزق

بينما اعتبر ياسر الهضيبي، أستاذ القانون الدستوري، المادة المشار إليها بلائحة المجلس، بوضعها الحالي تضع البرلمان في مأزق، و أنه بدأ جديّا في البحث عن حلّ للخروج من مأزق إسقاط العضوية، خاصة مع تزايد عدد النواب الذين تغيّرت الصفة الانتخابية لهم خلال الآونة الأخيرة، واستشهد “الهضيبي” بمطالبة  عبد العال، رئيس المجلس، اللجنة التشريعية بإدخال تعديلات على قانون مجلس النواب في نهاية دور الانعقاد السابق، للخروج من المأزق.

وأضاف الهضيبي: “أن نص القانون واضح وصريح، فيما يتعلق بحالات إسقاط العضوية، وإن لم يعدل البرلمان القانون، فيجب عليه إسقاط عضوية كل من غيّر انتماءه الحزبي”.

اقرأ أيضا: هل ينهي البرلمان جدل قانون الإيجار القديم؟

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *