أعاد وصول أول طائرة من روسيا، تحمل 223 سائحا روسيّا لمصر الأمل لانتعاش السياحة في مصر، خاصة عقب حادث الطائرة الروسية، والخسائر الكبيرة التي منيت بها السياحة، جراء تراجع السياحة ككل، وغياب السياح الروس بشكل خاص خلال السنوات الماضية.
وتقدّر خسائر مصر من تراجع السياحة ما يقارب الـ90 مليار دولار في سبع سنوات، كان أشدها سوءا وفقا للتقارير الرسمية عام 2016، نتيجة تراجع السياحة الروسية، مما يجعل مقدم السياح الروس مبعث تفاؤل، ويثير تساؤلات حول استعادة السياحة في مصر عافيتها.
عودة السياحة الروسية
وشهد مطار شرم الشيخ، اليوم الاثنين، وصول أول طائرة من روسيا على متنها 223 سائحا روسيّا، وكان خط سير الرحلة من روسيا إلي كازخستان، ومن كازخستان إلي شرم الشيخ.
ونسقّت شركة نفر تورز للسياحة، مع الجهات الأمنية بجنوب سيناء، ومطار شرم الشيخ، ومحافظ جنوب سيناء، لاستقبال السياح بشكل يشجع أغلب الروس للقدوم إلي مصر عبر كازخستان.
وتأتي تلك الرحلة بشكل غير مباشر لمصر عن طريق كازخستان، نتيجة لغلق الحكومة الروسية الطيران المباشر لمصر منذ حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء عام 2015.
سبب الحظر
ويعود حظر الطيران بين روسيا ومصر لسقوط طائرة ركاب روسية في سيناء في 31 من أكتوبر عام 2015، نتيجة تفجير إرهابي وفقا للتحقيقات آنذاك، وأدت لمقتل 224 راكبا، قامت السلطات الروسية على إثرها بحظر الطيران المدني بين موسكو ومصر.
ومرت الأزمة بين مصر وروسيا بعدة محطات:
- صدر مرسوم رئاسي روسي، حمل الرقم 553، في فبراير 2016، نصّ على اتخاذ تدابير لضمان الأمن في روسيا، وحماية المواطنين الروس، وتطبيق حظر مؤقت على الرحلات الجوية إلى مصر.
- وحاولت السلطات في مصر التفاوض مع الجانب الروسي بداية من مارس 2016، وقدمت في سبيل استعادة السياحة الروسية عددا من التنازلات، أبرزها الموافقة على استقبال وفود أمنية لفحص الأجهزة الأمنية بالمطارات، وفحص المنتجعات والفنادق المصرية، وهو ما جرى في سبتمبر 2016.
- وفي 2016 أيضا أصدرت اللجان الأمنية الروسية عدة توصيات لتأمين المطار، وهو ما قامت وزارة الطيران بتحقيقه، وفقا لتصريحات نائب وزير النقل الروسي، فاليري أوكولوف.
- وعلى الرغم من التقارير الروسية الإيجابية، إلا أن طيران الركاب بين مصر وروسيا لم يسمح بعودته، فيما أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن نية روسيا استئناف الرحلات الجوية المنتظمة مع مصر، وبالفعل انطلقت أولى رحلات الشحن الجوي نهاية ديسمبر من نفس العام.
- وفي أكتوبر 2017، قال وزير النقل الروسي: “إن شركات الطيران الروسية قد تستأنف رحلاتها الجوية إلى مصر في غضون شهر، عقب توقيع المرسوم الخاص بهذا الشأن”.
- أصدرت روسيا قرارا برفع الحظر عن رحلات الطيران المدني بين موسكو والقاهرة في يناير 2018، إلا أنها تراجعت عن ذلك، فعلى الرغم من تحديد فبراير 2018 لعودة الطيران بين موسكو والقاهرة، إلا أن السلطات الروسية قامت بتأجيل عودة الرحلات مرة أخرى، معللة ذلك بسبب عدم وجود اتفاقيات لشركات الطيران حول الخدمات الأرضية.
- وفي 12 من أبريل، وصلت رحلات تجريبية من مطار موسكو لمطار القاهرة والعكس، وذلك بالتزامن مع مباريات كأس العالم في روسيا، ويمكن القول أن هذا التاريخ يمثل عودة الطيران بين البلدين، وتحديدا بين روسيا ومطار القاهرة .
وتعد رحلة اليوم الاثنين، استمرارا لعودة الطيران، ولكن هذه المرة بين روسيا ومطار شرم الشيخ، إلا أنها ليست رحلات مباشرة.
خسائر السياحة المصرية
وتعد خسائر السياحة المصرية خلال السنوات الماضية، من أبرز أسباب انتظار عودة السياحة الروسية، التي تمثّل النسبة الأكبر من حجم السياحة في مصر.
إذ بلغت خسائر السياحة في مصر، منذ 2010 وحتى 2017 – وفقا لتصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي – ما بين 80 و90 مليار دولار.
وذكر تقرير مجلس السياحة والسفر العالمي في تقرير له 2017: “أن النشاط السياحي في مصر كان الأكثر تدهورا بين الوجهات السياحية الرئيسية في العالم عام 2016”.
وأشار التقرير إلى تراجع عائدات السياحة المصرية عقب أزمة الطائرة الروسية، إذ تراجعت بنسبة تزيد عن 45 %، لتصل إلى أقل من 30 مليار جنيه مصري (1.6 مليار دولار)، وذلك مقابل ما يزيد عن 140 مليار جنيه في 2010.
ووفقا للتقرير أن السياحة تراجعت في مصر منذ 2010 وحتى 2017 بنسبة تصل إلى 80 % نتيجة عدم الاستقرار السياسي.
فيما تبرز الإحصائيات الرسمية في مصر أهمية السياحة الروسية، وحجم تأثيرها في تلك الخسائر، إذ قدرت أعداد السياح الروس 2010 بـ 14.7 مليون سائح، فيما بلغت أدنى مستوياتها عام 2014 بـ 4.5 ملايين سائح.
استعدادت الاستقبال
وفي الوقت الذي تسعى فيه مصر لاستعادة رونق السياحة الروسية ودخلها لمصر، أشار خبراء سياحيون إلى حاجة المناطق السياحية التي يقصدها الروس للتجديد والصيانة.
إذ قال الدكتور مصطفى خليل، عضو مجلس الأعمال المصري الروسي: “إنه في حال عودة السياحة الروسية للغردقة، وشرم الشيخ، فإنها لن تواجه مشكلات خلال الأشهر الثلاثة الأولى، لأنه من المتوقع أن تكون حركة السياحة في بدايتها ضعيفة، وتزداد بشكل متدرج”.
وأضاف خليل: “أنه على الرغم من ذلك إلا أن غالبية فنادق شرم الشيخ والغردقة، في حاجة إلى إجراء عمليات صيانة وتجديد، وهو ما ينطبق أيضا على أسطول النقل البري هناك” مشددا على ضرورة قيام الفنادق بإجراء أعمال الصيانة بداية من الآن.
وطالب في تصريح صحفي هيئة التنشيط السياحي، بدء حملة ترويجية داخل السوق الروسي، وتنظيم قوافل وورش عمل داخل المدن الرئيسية المهمة، والترويج لبرامج سياحية .
أضف تعليق