تلتهم ثلث الدخل.. هل يقضي القانون على الدروس الخصوصية؟

تجريم الدروس الخصوصية
قانون يجرم الدروس الخصوصية في مصر - أرشيف

في الوقت الذي تعلن فيه وزارة التربية والتعليم عملها على إعداد مشروع يجرّم الدروس الخصوصية ضمن آليات الوزارة للقضاء على هذه الظاهرة، فإن تساؤلات شتى تثار حول هل سيتمكن القانون من القضاء على تلك الظاهرة، التي تستنزف ما يقرب من 30 إلى 50% من دخل الأسر.

كما يتساءل البعض عن كيف يستطيع المعلمين مواجهة الظروف المعيشية الصعبة في ظل رواتب قليلة وغلاء متصاعد، وأوضاع معيشية صعبة، هل ستنجح قوانين تجريم الدروس الخصوصية، وهل سيستجيب لها المدرسون أم أن الأولى هو إصلاح المنظومة التعليمية قبل القوانين والعقوبات.

تجريم الدروس الخصوصية

ويعود تجريم الدروس الخصوصية لإعلان الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم الفني لشئون المعلمين، أن الوزارة تعمل على إعداد مشروع قانون سيقدّم لمجلس النواب، بعد موافقة مجلس الوزراء، بشأن تجريم الدروس الخصوصية ضمن آليات الوزارة للقضاء على تلك الظاهرة.

وقال عمر في تصريحات صحفية: “إن المشروع سيفرض عقوبات مالية كبيرة، بالإضافة لعقوبات الحبس للمراكز غير المصرح لها من الوزارة، للتعامل مع الطلاب من سن 6 سنوات إلى 18 سنة، والممارسين لمهنة التدريس دون تصريح”.

ويتضمن القانون المشار إليه وفقا لـ”عمر” مواد تغلّظ عقوبات التعدي على المنشآت التعليمية والمعلمين أثناء تأدية مهام عملهم، التي قد تصل إلى السجن لمدد متفاوتة.

وأشار إلى أن ذلك يأتي بالإضافة إلى تعديل مادة بقانون التعليم الحالي، لوضع مادة جديدة من شأنها رفع سقف العقوبات المنظمة للتعامل ما بين الطلاب والمعلمين، والتي ستصل للفصل فورا في حالة ثبوت المخالفة، التي لا تليق بالمؤسسة التعليمية.

تكلفة الدروس الخصوصية

وتأتي أهمية هذا القانون في ظل استنزاف الأسر المصرية ماديا بسبب الدروس الخصوصية، إذ تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن الدروس الخصوصية تلتهم ما يزيد عن ثلث الأموال التي تصرفها الأسر على تعليم أبنائها سنويا.

وكشفت بيانات بحث الدخل والإنفاق الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الأخير والصادرة عام 2015 أن الأسر المصرية تصرف على الدروس الخصوصية من ميزانية التعليم ما لا يقل عن 39.4%.

وأشارت البيانات أن الإنفاق على المصروفات والرسوم الدراسية جاءت في المرتبة الثانية بنسبة تصل إلى 30.9%، والباقي يتوزّع بين الملابس، والشنط المدرسية، والكتب، والأدوات الكتابية، ومصاريف الانتقالات، والمصاريف التعليمية الأخرى.

ووصلت نسبة إنفاق الأسر في الأرياف على الدروس الخصوصية 43.9% من حجم إنفاق الأسر على التعليم، مقابل نسبة 36.9% في الحضر، في حين ينفق عمال تشغيل المصانع والمهن العادية والموظفون حوالي 51.5% من حجم الإنفاق على تعليم أبنائهم، على الدروس الخصوصية.

في حين أن أصحاب المهن العلمية، ورجال التشريع وكبار المسئولين والمديرين، هم الفئتان الأقل إنفاقا على الدروس الخصوصية بواقع 30.1% و31.7% على التوالي.

وعلى الرغم من غياب الإحصائيات الرسمية بشأن تكلفة الدروس الخصوصية باستثناء إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء عام 2005 قدرت التكلفة بأكثر من ثلاثة ملايين دولار، فإن أعضاء بمجلس النواب قالوا: “إن تكلفة الدروس الخصوصية في مصر تصل لأكثر من 35 مليار جنيه”.

وقال دكتور محمد البدراوي، في تصريح تلفزيوني لفضائية DMC أبريل الماضي: “إن الشعب المصري ينفق مبالغ تصل إلى 35 مليار جنيه على الدروس الخصوصية”.

فيما قال الكاتب الصحفي، رفعت فياض: “إن أولياء الأمور يصرفون ما يقارب الـ40 مليار جنيه على الدروس الخصوصية”.

الحاجة للدروس الخصوصية

وفي مقابل هذا النزيف الذي يضرب أغلب البيوت المصرية، ويكشف الحاجة لإيقافه، يواجه المعلمون أزمة من نوع آخر، وهي تدني الرواتب، التي تجعل الدروس ملجأ لهم من الفقر في ظل ارتفاع الأسعار الدائم.

وأشار النائب هيثم الحريري لتلك الأزمة في أبريل الماضي، متسائلا في  مجلس النواب كيف يستطيع المعلم براتب 2500 جنيه فتح بيت، والإنفاق على أسرة وأولاد؟

وأكّد خلف الزناتي، نقيب المعلمين، ورئيس اتحاد المعلمين العرب، أن المعلمين مظلومون في رواتبهم وداخل فصولهم، مشيرا إلى أن أعلى راتب للمعلمين في مصر يصل إلى 3500 جنيه.

وأضاف في تصريح صحفي: أن هناك ما يزيد عن الأربعة آلاف معلم أجورهم أقل من 1200 جنيه” متابعا: “ولا أعلم كيف يكون هذا راتب المعلم في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يشعر بها الغني قبل الفقير”.

وتابع: “المعلم الذي يُعد قيمة وقامة أصبح اليوم يبحث عن وظيفة أخرى بجانب مهنته، ووصل الحال ببعضهم إلى العمل بعد الظهر سائق توك توك ونقاش، لتحسين دخله”.

وأكد الزناتي أن الراتب المناسب للمعلم في مصر لا يجب أن يقل عن خمسة آلاف جنيه، وكبير المعلمين عشرة آلاف جنيه، مضيفا: “قدّمنا طلبات للوزارة، ولرئيس مجلس الوزراء ، وهو متفهم لوضع المعلم جدا، لكن العقدة لدى وزارة المالية، وأناشد رئيس الجمهورية الاهتمام برواتب المعلمين، فلا نهضة للتعليم دون تحسين رواتب المعلم”.

ضرورة تحسين الأوضاع

وفي السياق ذاته، قالت ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان: إن قانون تجريم الدروس الخصوصية يجب أن يراعي عدة أمور أبرزها:

  • أن يكون تطبيق العقوبة متدرجة على معلمين الدروس الخصوصية من الغرامة للفصل لمدة معينة، ثم الفصل النهائي.
  • عدم وضع المعلم في خانة المجرم أو وصفه بذلك، أو تطبيق عقوبة السجن عليه نهائيا، بسبب إعطاء الدروس الخصوصية.
  • تعويض للمعلم عن الدروس الخصوصية، بزيادة راتبه، وإلا فإننا نضعه في مأزق معيشي.
  • تطبيق الفترة المسائية بالمدارس، مقابل مبلغ مالي إضافي للمعلمين كحل إضافي لعلاج الأزمة.

خطة وزارية لتطوير التعليم الفني.. هل تنجح؟

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *