رغم الخطط الحكومية لتحسين العجز في الميزان التجاري ، واستهداف زيادة الصادرات إلى 40 مليار دولار بحلول 2020، أظهر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم الأحد، ارتفاع قيمة العجز في الميزان التجاري، ليبلغ 4.10 مليارات دولار خلال شهر يوليو هذا العام، مقابل 3.79 مليارات دولار في شهر يوليو من العام الماضي، بنسبة ارتفاع 8.4%.
ويعرف الميزان التجاري لأي دولة بأنه الفرق بين قيمة الصادرات والواردات خلال فترة معينة من العام، ففي حال تجاوز قيمة الواردات حجم الصادرات، فهذا يعني وجود عجز في الميزان التجاري، وإذا حدث العكس يحدث فائض تجاري.
ويرجع ارتفاع العجز في الميزان التجاري خلال شهر يوليو إلى عدة أسباب من بينها:
ارتفاع الواردات
زادت قيمة الواردات خلال الفترة محل القياس بنسبة 8.6 % لتبلغ 6.33 مليارات دولار مقابل 5.84 مليارات دولار، بسبب ارتفاع قيمة واردات بعض السلع، وأهمها: مواد أولية من حديد أو صلب بنسبة 52.2%، منتجات البترول بنسبة 7.5%، سيارات ركوب بنسبة 71.8%.
وقفزت واردات مصر من الخارج بنسبة 16% خلال النصف الأول من 2018 مقارنة بنفس الفترة من عام 2017.
وجاءت كل من الصين والولايات المتحدة وروسيا وإيطاليا وألمانيا والبرازيل وأوكرانيا والهند والسعودية على رأس الدول المصدرة للسوق المصرية خلال النصف الأول من العام الجاري.
انخفاض الصادرات
ووفقا للنشرة انخفضت قيمة صادرات بعض السلع خلال شهر يوليو 2018، مقابل مثيلتها في الشهر المناظر من العام الماضي، وأهمها: أسمدة بنسبة 34.9%، عجائن ومحضرات غذائية بنسبة 0.9%، فواكه طازجة بنسبة 54.0%، ومنتجات ألبان بنسبة 19.0%.
فيما ارتفعت قيمة الصادرات بنسبة 8.9% إذ بلغـت 2.23 مليار دولار خلال شهر يوليو الماضي، مقابل 2.05 مليار دولار خلال الشهر ذاته من العام الماضي.
الجدير بالذكر أن العجز في الميزان التجاري لمصر ارتفع خلال الفترة من 2001 إلى 2016 من 34.168 مليار جنيه خلال 2001 إلى 447.355 مليار جنيه عام 2016.
الخطط الحكومية
وتعتزم وزارة التجارة والصناعة تطبيق ثلاثة إجراءات ضرورية، لتحسين العجز في الميزان التجاري، من بينها تنفيذ إستراتيجية لزيادة الصادرات إلى 40 مليار دولار بحلول 2020، إذ استهدفت الحكومة معدل نمو يبلغ 15% خلال 2017-2018 للوصول بالصادرات إلى 25.7 مليار دولار، وتركز على 15 منتجا، و13 سوقا مستهدفة، وتستهدف معدل نمو يبلغ نحو 20% في 2018-2019 للوصول بالصادرات إلى 30.8 مليار دولار، وتركز على خمسة منتجات إضافية مع التركيز على 11 سوقا مستهدفة.
أما المرحلة الثالثة من خطة تنمية الصادرات، فستنفذ خلال 2019-2020 وتستهدف معدل نمو يصل إلى 25% للوصول بالصادرات المصرية إلى 38.6 مليار دولار.
واتخذت وزارة الصناعة والتجارة عدة قرارات للحد من الاستيراد العشوائي، من بينها منع استيراد المنتجات ذات الطابع الشعبي.
اختبار لخطط العلاج
وتعليقا على ارتفاع العجز في الميزان التجاري يرى مراقبون أن أول اختبار حقيقي لخطط علاج عجز الميزان التجاري كان خلال عام 2017، إذ حققت الصادرات 22 مليار دولار فقط، وهو رقم ضعيف جدّا، قياسا بالميزة السعرية التنافسية للمنتجات المصرية بعد تعويم الجنيه، وخفض سعره لأكثر من 70%، واستمر العجز التجاري رغم تحسنه بعض الشيء، لكنه سجّل 25% بنهاية 2017.
وأشار خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إلى أهمية التواجد المصري في الأسواق غير التقليدية، وعدم التركيز على الأسواق التي تتواجد فيها الصادرات بالفعل، والبحث عن الأسواق الجديدة، فمثلا مصر لم تحقّق استفادة تذكر من افتتاح مركز لوجستي في كينيا، إذ سجلت الصادرات للسوق الكيني قرابة 60 مليون دولار.
وهو رقم سيئ جدا، يدفعنا لطرح تساؤل حول جدوى هذا المركز والخدمات التي يقدمها، وهل يوجد به بضاعة حاضرة أم لا، بالإضافة إلى أن صادراتنا لم ترتفع إلى الدول المجاورة لكينيا في شرق إفريقيا.
وأكد الشافعي أن التغيرات التي تشهدها الأسواق خاصة الإفريقية، وفي ظل وجود منافس قوي لمصر هناك، سواء المنتج الصيني أو الهندي أو حتى التركي، تتطلب من المصدرين المصريين التواجد هناك عن طريق ما يسمى “البضاعة الحاضرة” لأنها السبيل الوحيد لتوسيع نطاق صادراتنا إلى إفريقيا، وكذلك زيادة بعثات استكشاف الأسواق القائمة، وإعداد خريطة بالأسواق التي يضعف أو ينعدم تواجد الصادرات المصرية بها.
معوقات
فيما أرجع أحمد صقر، رئيس شركة صقر للصناعات الغذائية، وسكرتير غرفة الإسكندرية، تراجع الصادرات إلى المعوقات التي تحد من زيادتها إلى الأسواق العالمية، ومنها مشكلة تمويل الصادرات، فلا توجد تسهيلات تمويلية كافية لتمويل مرحلة الإنتاج أو مرحلة ما قبل التصدير لشراء المواد الخام، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ تطلب البنوك كثيرا من الضمانات، خاصة من الشركات المصدرة للأسواق الجديدة، التي تكون بها نسبة مخاطر مرتفعة.
ولفت إلى أن من بين المشكلات ارتفاع تكلفة استيراد المعدات ومستلزمات الإنتاج، نتيجة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه، مما تسبب في صعوبة التسعير للمنتجات المصرية المصدرة للأسواق الخارجية، علاوة على ارتفاع تكاليف التمويل، بالإضافة إلى نقص الخبرة التصديرية لكثير من الشركات.
وفيما يتعلق بالواردات، أشار إلى أن المشكلة الحقيقية بالنسبة للواردات هي عدم وجود بيانات واضحة لاحتياجات مصر من هذه الواردات، ما أدي إلى أن أكثر من 60% من السلع الاستثمارية التي نستوردها تعد طاقات معطلة، ولا نستفيد منها، كما أن البنوك لم تقم بدراسة هذه الواردات قبل إعطاء الائتمان، مؤكدا عدم وجود قواعد واضحة أو معلومات متاحة عن الإنتاج أو عن المخزون الراكد، وهذه عوامل جميعها تودي إلى استنزاف العملة وزيادة الواردات.
أضف تعليق