القطاع الصناعي في مصر.. تحديات ومساع للنمو

القطاع الصناعي في مصر
القطاع الصناعي في مصر

جاء تصريح عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، حول طرحه لعشر تحديات تواجه قطاع الصناعي في مصر على مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، وتأكيده أن 90% من مشكلات القطاع لا تتعلق بالوزارة، إنما بالتشريعات والقرارات الوزارية، وجهات أخرى في الدولة، ليفتح التساؤل حول وضع الصناعة في مصر.

وسبق أن أعلنت الحكومة سعيها إلى الوصول بالنمو في القطاع الصناعي إلى نسبة 10% سنويا بحلول عام 2030، والحد من الواردات، وهو ما يواجه صعوبة في ظل عدد من المشكلات، أبرزها ما طُرح من قِبل وزير الصناعة ورجال الصناعة في مصر خلال مؤتمر إطلاق البرنامج القومي، لتعميق التصنيع المحلي الذي انطلق قبل يومين.

ويعد ارتفاع أسعار الطاقة، وندرة الأراضي الصناعية المرفقة، بالإضافة إلى المبالغة في تسعيرها، والتقدير الجزافي للضرائب، وسعر الدولار من أبرز المشكلات التي تواجه الصناعة في مصر.

إحصائيات القطاع

ورغم عدم وجود إحصائية فعلية حول حجم القطاع الصناعي في مصر، فإنه يمكن وضع تصورا لهذا الحجم، فوفقا لهيئة التنمية الصناعية فإن عدد المصانع المسجلة رسميا حتى نهاية 2016، هو 34383 مصنعا، تضم 8 آلاف مصنع متعلق بقطاع الصناعات الغذائية والمشربات، بإجمالي استثمارات تتخطى ثلاثمئة مليار جنيه.

ونشرت وسائل إعلام تصريحات غير رسمية، تقدر عدد المصانع الرسمية غير المسجلة بـ60 ألف مصنع، ما يجعل إجمالي المصانع من الصغيرة وصولا للكبيرة، ما يزيد على المئة ألف مصنع، بطاقة إنتاجية تصل لألف مليار جنيه.

كما سجلت التقارير الرسمية عدد المصانع المتعثرة عقب ثورة يناير – وبالطبع الإحصائيات هنا تتعلق بالمصانع المسجلة فقط – وتضاربت تلك الإحصائيات أيضا في تحديدها، إذ أصدر اتحاد نقابات عمال مصر تقريرا، أشار فيه إلى أن عدد المصانع المتعثرة بلغ 8222 مصنعا.

وفي الوقت نفسه قالت دراسة لاتحاد المستثمرين: “إن عدد المصانع المتعثرة يبلغ 1500 مصنع متعثر حتى 2013، منها 40% في قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة”. وقال اتحاد العمال والفلاحين في نفس التوقيت: “إن عدد المصانع المغلقة يصل إلى 4 آلاف و500 مصنع”.

وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة أن المصانع المتعثرة تقدر بـ872 مصنعا فقط. في المقابل، قال الدكتور طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة: “إن رؤية مصر 2030 تستهدف تحقيق نمو صناعي بواقع 8% سنويّا، أي ما يعادل 150 مليار جنيه استثمارات”.

تحديات الصناعة

رغم سعي وزارة الصناعة تحقيق نمو صناعي يصل إلى 10% خلال 2030، والحد من الواردات، فإنّ واقع الصناعة في مصر في ظل المشكلات الحالية من الصعب أن يتمكن من تحقيق ذلك، وبرز ذلك في ارتفاع الواردات وفقا لحسام فريد، مستشار وزير التجارة والصناعة، الذي أشار إلى ارتفاعها بنسبة 12% خلال ثمانية أشهر فقط.

ويمكن حصر عدد من التحديات التي تواجه الصناعة في مصر، التي تعيق تحقيق هذا المستهدف، في عدة نقاط أبرزها:

الأراضي الصناعية “المرفقة”

تعد مشكلة ندرة الأراضي الصناعية من أبرز المشكلات التي تواجه القطاع الصناعي، فمصر لا تملك في محافظاتها الرئيسية أراض صناعية، إذ نجد فجوة كبيرة بين احتياجات المستثمرين، التي تصل إلى 7 ملاين متر سنويا، والمعروض من الدولة يبلغ 3 ملاين متر فقط، وفقا لبيانات هيئة التنمية الصناعية.

ويقصد بالأراضي الصناعية المرفقة، أي: الممدودة بالمرافق، من مياه وكهرباء وغاز، ولجأت وزارة الصناعة للشراكة مع القطاع الخاص، لترفيق الأراضي الصناعية، فيما يعرف بنظام “المطور الصناعي” في سعي لطرح ١٣ مليون متر أراض صناعية خلال العام الحالي لحل الأزمة، في حين تستهدف طرح 60 مليون متر أراض صناعية مرفقة لرجال الصناعة حتى عام 2020.

ارتفاع أسعار الطاقة

هو التحدي الثاني الذي يواجه نمو القطاع الصناعي في ظل عدم وجود دعم للقطاع الصناعي، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وهو ارتفاع مستمر يؤثر على مستقبل هذا القطاع.

وقال محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات: إن الزيادة الكبيرة التي تواجهها القطاعات الصناعية في تكاليف الإنتاج تجبر القطاع الصناعي على رفع أسعار المنتجات بنفس نسبة الزيادة في التكلفة.

ورفض المرشدي الحلول التي تقترحها الحكومة بترشيد الإنفاق، قائلا: “مهما لجأت المصانع إلى ترشيد الإنفاق، لن تستطيع سد عجز الزيادة في التكلفة دون تحريك في الأسعار”.

تعويم الجنيه

على الرغم من الوعود الرسمية بأن يؤدي تعويم الجنيه إلى طفرة في النمو، إلا أن الواقع كشف غير ذلك، إذ ساهمت أسعار الدولار في رفع تكلفة الإنتاج، لتنضم إلى أعباء القطاع الصناعي مع أسعار الطاقة، بينما لم يؤثر التعويم في أي إصلاح بهذا القطاع كما توقعت الحكومة.

وقال عمرو نصار، وزير الصناعة: “إن الإصلاحات الخاصة بتعويم الجنيه لم تؤثر كما كان متوقعا” مضيفا: “أن كثيرا من المدخلات في الإنتاج بالقطاع الصناعي يتم استيرادها بالدولار، وبالتالي ارتفعت تكلفة الإنتاج”.

وأشار نصار إلى أن تلك الأزمة أيضا من أبرز الأزمات التي طُرحت مؤخرا على مكتب رئيس الوزراء، للبحث عن حل لها، معتبرا أن التوسع في تصنيع مكونات ومدخلات الإنتاج الوسيطة، يمكن أن تمثل أحد حلول تلك الأزمة.

التقدير الجزافي للضرائب

وتبرز أيضا تلك المشكلة من تحديات النمو الصناعي، إذ طرح محمد البهي، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، تلك المشكلة خلال أغسطس الماضي، مشيرا إلى تلقي اللجنة العديد من الشكاوى بشأنها، وأنها ناتجة عن “سوء التقدير” من اللجان التابعة لمصلحة الضرائب العقارية، التي تقوم بأعمال الحصر والتقدير.

واتفق محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، مع هذا الرأي، وأن القطاع الصناعي يعاني من التقديرات الجزافية للضرائب، وطالب مصلحة الضرائب بوقف التقديرات الجزافية على المصانع، بما يعرّض المنشآت الرسمية إلى الخطر، وإعادة النظر في طريقة حساب الكهرباء والغاز للمصانع.

ودعا في كلمته خلال إطلاق البرنامج القومي لتعميق التصنيع المحلي، الثلاثاء الماضي، بمقر اتحاد الصناعات، إلى وقف تطبيق الضريبة العقارية على المصانع، وتطبيق النظام الضريبي بعدالة.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *