بحيرة المنزلة.. البيع أقل المخاطر

بحيرة المنزلة
مخاطر تواجه بحيرة المنزلة

رغم النفي الرسمي لأنباء بيع بحيرة المنزلة، إلا أن هذا لا ينفي ما يواجهه الصيادون من مشكلات، بالإضافة لما تتعرض له البحيرة من مخاطر تهدّدها، كثروة إستراتيجية لمصر.

تبرز أهمية البحيرة في كونها شريانا نابضا، يربط أربع محافظات ببعض، ومرعى طبيعي للأسماك، ومصدرا ضخما للثروة السمكية حتى فترة قريبة، شكلت مورد رزق للآلاف من الصيادين.

أهمية كبيرة للبحيرة، وأزمات كثيرة تحيط بها، ووعود بحلول ومشروعات للتطهير، وتراجع في الإنتاج السمكي، وأضرار تلحق بالصيادين، وسط شائعات عن البيع، ونفي حكومي رسمي، محاور عديدة نحاول رصدها في هذا التقرير.

أهمية البحيرة

بحيرة المنزلة إحدى أكبر وأهم البحيرات الطبيعية الداخلية في مصر وأخصبها، تطل عليها مدينة المطرية، وعلى ضفافها أربع محافظات، هي: (الدقهلية – بورسعيد – دمياط – الشرقية).

وهي تتصل بقناة السويس من خلال بوغاز يحد بورسعيد من الجنوب، ويسمى “قناة الاتصال” ويصلها بالبحر الأبيض المتوسط بوغازي “الجميل”.

يتوفر لها أهم مقومات المربى السمكي الطبيعي، لتوافر المواد الغذائية الطبيعية، واعتدال المناخ طوال العام، وتنتج ما يقرب من 48% من إنتاج البحيرات الطبيعية، وكان لاتصالها بالبحر الأبيض من خلال الفتحات التي تسمح بتبادل المياه وتوازنها ودخول وخروج الأسماك، وهي ميزة ساعدت على وجود أفخر أنواع الأسماك.

تبلغ مساحتها قبل تعرض أجزاء منها إلى الجفاف حوالي 750 ألف فدان، وأدى الجفاف إلى وصولها إلى 190 ألف فدان في عام 1990، ووصلت إلى 125 ألف فدان في الوقت الحالي، نتيجة لأعمال الردم والتجريف والتجفيف، وأصبحت تطل على أربع محافظات نتيجة لذلك بعد أن كانت تصل على خمس، وهم: (الدقهلية – بورسعيد – دمياط – الشرقية – الإسماعلية).

نفي الحكومة

كانت عدة مواقع إخبارية قد نشرت أنباء عن تحويل البحيرة إلى مزرعة خاصة، وتأجيرها لإحدى الدول العربية، وهو ما قامت الحكومة بنفيه.

وأصدرت حكومة مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، بيانا نفت فيه ما تم تداوله من أنباء عن توجه الحكومة إلى بيع البحيرة إلى إحدى الدول العربية، ونفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تلك الأنباء.

وأضاف البيان اليوم الأربعاء: “أن البحيرة لن يتم تأجيرها لأي دولة أخرى” وأكد إجراء إزالة كافة التعديات بالبحيرة، واستردادها، وفتحها أمام الصيد الحر، كمصدر طبيعي للأسماك.

وأشارت الوزارة إلى قيامها بتطهير وتطوير البحيرة، مضيفة: أن التطوير يستهدف تطهير وتعميق وتجديد المياه، للمساعدة في استزراع أنواع جديدة، وزيادة الإنتاج السمكي، وبجودة عالية، وذلك لصالح جميع المقيمين في المنزلة، وكافة المحافظات التي تطل على البحيرة، التي ستستفيد من عملية التطهير، وسيعود كل ذلك بالنفع على الصيادين.

يأتي البيان الحكومي في ظل أزمات أدت إلى انخفاض مساحة البحيرة، إذ وصلت إلى أقل من 125 ألف فدان، مقابل 750 ألف فدان في الستينيات، أزمات تهدد أرزاق الصيادين، ومصير الثروة السمكية.

التجريف والتجفيف

مشكلة التجريف والتجفيف لبحيرة المنزلة أول وأهم الأزمات والكوارث التي تتعرض لها منذ سنوات طويلة، ما أدى إلى انخفاض مساحتها لأقل من 25% من مساحتها الأصلية، وهي من أكثر السياسات تدميرا للبحيرة، وإضرارا بالاقتصاد القومي، وتأثيرا على الأمن الغذائي المصري، بالإضافة إلى الأضرار الاجتماعية من بطالة تواجه الصيادين، وقلة المخزون السمكي الناتج عن ذلك.

وأدى التجفيف إلى خروج محافظة الإسماعيلية من بحيرة المنزلة، التي كانت تشتهر بأفضل مزارع الثروة السمكية، ثم تحولت إلى أرض زراعية.

وفي بورسعيد خرج ما يقرب من 25 ألف فدان من مساحة البحيرة، التي عرفت بمشروع ناصر من أجل الزراعة، بالإضافة إلى كارثة أخرى لم يمنع حكم محكمة القضاء الإداري إيقافها، وهي كوبري العجايبة، الذي يستكمل إنشاؤه حتى الآن، ومن أجل إنشائه يجرى تجفيف 32 ألف فدان.

ويخترق الكوبري البحيرة، ويقوم على ردم 33 ألف فدان من البحيرة، ويهدد بزوال البحيرة خلال 10 أعوام على الأكثر، حسب ما أكده حسن الشوا، نقيب صيادي المطرية.

ورغم حصول عدد من صيادي البحيرة على حكم في 2015 من القضاء الإداري ببورسعيد بإزالة الكوبري، إلا أن قرار الإزالة لم ينفذ.

وامتد التجريف أيضا إلى آلاف الأفدنة في المحافظات الأربع بأسباب مختلفة، مثل: الزراعة، والتوسع العمراني، وشق الطرق، واستقطاع ترع.

ومن أمثلة ذلك، ما حدث في دمياط بمنطقتي أبوجريدة وبر حميد، إذ جفف ما يزيد عن 7 آلاف فدان، بغرض التوسع العمراني، واستقطاع ترعة السلام جنوب البحيرة، التي أدت إلى استقطاعات أخرى، بلغت 50 ألف فدان جنوب بورسعيد، بالإضافة إلى 62 ألف فدان شمال سهل الحسينية.

وعلى الرغم من ضخامة قصص التجفيف المشار إليها، إلا أنها تعد جزءا مما تتعرض له البحيرة، ويهدد تواجدها.

التلوث والبحيرة

لا تقتصر أزمات البحيرة على التجفيف، بل يضاف إليها أيضا مشكلة التلوث، التي طالت البحيرة، ولا تهدد الثروة السمكية فحسب، بل تهدد صحة الصيادين والمزارعين في المناطق المحيطة بها.

وحددت إدارة المعلومات بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية مصادر التلوث في البحيرة، وأبرزها: مصرف بحر البقر، الذي يصب ما يقارب من 1.6 مليون متر مكعب يوميا في البحيرة، والصرف الصحي لبورسعيد، الذي يُصب في البحيرة دون معالجة.

ويعتبر الصرف الصناعي من أبرز الملوثات التي تؤثر على البحيرة، إذ تقوم المصانع بإلقاء مخلفاتها دون معالجة، والمعادن الثقيلة الملقاة لها آثار تراكمية، وتعتبر من أخطر الآثار على الأسماك مستقبلا.

ويعاني الكثير من الصيادين بالبحيرة من فيروس سي، بالإضافة إلى أمراض جلدية أخرى، كما تواجه البحيرة مشكلات متعددة نتيجة التلوث، أبرزها إغلاق البواغيز.

التعديات

تنضم التعديات إلى أبرز التحديات التي تهدد البحيرة، إذ يجرى تجفيف أجزاء مخصصة من البحيرة من أجل تعديات البناء، وحتى المصانع التي تبحث عن مصارف لها.

واتهم صيادون بالبحيرة محافظة البحيرة بتسهيل التعدي على مساحة تقدر بـ2800 فدان، لإنشاء مصانع تزيد من التلوث، ووجه الصيادون بالبحيرة عن طريق شيخ الصيادين إبراهيم نوفل، نداء للرئيس عبدالفتاح السيسي، نهاية 2017، يطالبونه بالتدخل لمواجهة التعديات، خاصة التعديات من قِبل المسؤولين، التي تهدد مستقبل البحيرة.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *