الوجبة المدرسية.. قصة قديمة وأزمة متجددة

الوجبة المدرسية
الوجبة المدرسية

الوجبة المدرسية، قصة عمرها 66 عاما، بدأت بإصدار قانون 25 لسنة 1942، الذي يلزم الدولة بتوفير النفقات اللازمة للتغذية لمراحل التعليم الأوليّة، ومنذ إقرارها في المدارس وهي قصة مستمرة بآمالها وآلامها حتى الآن.

تعتبر الوجبة من عوامل الجذب للطلاب، خاصة أصحاب الظروف المعيشية الصعبة، توزّعها وزارة التربية والتعليم، وتشارك في إعدادها وزارات التضامن والزراعة والتموين والصحة والتعليم، وتهدف بالأساس إلى علاج نقص التغذية بين الأطفال.

ويستفيد منها سنويّا قرابة الـ14 مليون طالب وطالبة، وتبلغ ميزانية الوجبة المدرسية قرابة المليار جنيه، بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء .

وتوزّع على طلاب مدارس المتفوقين، والتربية الخاصة، ومرحلة رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية، وطلاب المدارس المجتمعية، والتربية الرياضية الحكومية فقط.

أنواع الوجبة

الوجبة المدرسية لها عدة أنواع، تشمل الجافة، والفطيرة، والبسكويت بالعجوة، والوجبة المطهية.

الوجبة الجافة عبارة عن جبن، وخبز، وحلاوة طحينية، وتوزّع عادة على طلاب محافظات الصعيد، أما الفطيرة المدرسية تنتجها وزارة الزراعة، ويشارك فيها قرابة الـ13 مصنعا، وبعض مدارس الزراعة بالتعليم الفني.

أما وجبة البسكويت فتنتجها مصانع مختارة من قِبَل الجهات المعنية وفق الشروط التي يتفق عليها، ويجب ألا تخضع للتخزين في المدارس لمدة تتخطى الخمسة أيام، على أن توزّع الوجبة الجافة والفطيرة يوما بيوم، دون خضوعها للتخزين في المدارس.

ومن المفترض أن تخضع الوجبة لتحليل عينات قبل وبعد إنتاجها بمعرفة المعهد القومي للتغذية بوزارة الصحة، للتأكّد من مطابقتها للاشتراطات الصحيّة، كما تخضع للإشراف الكامل من قِبل وزارة التموين والتجارة الداخلية، إذ يجري إجراء التفتيش على مصانع الإنتاج ومراحل تخزينها في مخازن المورّدين بمعرفة وزارة التموين.

أزمة كل عام

واجهت منظومة توزيع الوجبة المدرسية عدّة مشكلات على مدار العامين الماضيين، ففي مارس 2017، قرّر طارق شوقي، وزير التربية والتعليم وقف صرف الوجبات إلى الطلاب لحين إشعار آخر، بعد وقائع الاشتباه في تسمّم ما يقرب من 4650 طالبا في مدارس الجمهورية، وفقا لتقارير حكومية رسمية، نتيجة تناولهم الوجبات المدرسية، إذ ظهرت أزمة تعرّض الطلاب إلى إعياء منذ بدء العام الدراسي، ولكن زاد عدد الحالات خلال شهر مارس، بعد وقائع إصابة طلاب محافظات سوهاج، وأسيوط، والمنوفية، وأسوان، وبني سويف بتسمم.

وفي العام الدراسي الماضي (2017-2018) استمرّ إيقاف الوجبة المدرسية خلال الفصل الدراسي الأول، بسبب مخاوف من تكرار ما حدث في العام السابق له.

وبدورها صرّحت راندا حلاوة، رئيس الإدارة المركزية لمعالجة التسرب التعليمي، والمشرفة على التغذية المدرسية بالوزارة، أنه كان من المقرّر أن تستقر الوزارة على أحد الشركات لتوريدها الوجبات المدرسية، ولكن حتى الآن لم تستكمل الوزارة الإجراءات، وتحدّد الشركات والمصانع التي تعمل على توريدها، ونفت وجود حالات تسمّم بالوجبات، وبررّت ما حدث بأنه تلبّك معوي فقط، وليس من أثر الوجبة المدرسية، ووعدت بتوزيع الوجبات المدرسية في الفصل الدراسي الثاني.

وبالفعل أعلنت وزارة التربية والتعليم عن اتخاذ حزمة إجراءات، لضمان سلامة وجودة الوجبة المدرسية، خاصة بعد تدخّل الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتوصياته برفع جودة الوجبة، والتأكّد من سلامتها وتخزينها بشكل سليم قبل توزيعها على التلاميذ، مع الأخذ في الاعتبار بإيقافها بمجرد تضرّر أحد التلاميذ.

ووُزِّعَت الوجبة المدرسية في بداية مارس 2018 بعد توقّف استمر لعام كامل، وما هي إلا أسابيع حتى أعلنت وزارة الصحة والسكان في 20 مارس 2018 تعرض ثلاثة تلاميذ لآلام بالبطن بمدرسة الشهيد محمود زكريا الابتدائية بقرية بئر شمس، مركز الباجور، محافظة المنوفية، بعد تناولهم الوجبة المدرسية، ثم 58 تلميذا آخرين.

ديدان في البسكويت

انتشرت بعد وقائع التسمم صورا وفيديوهات للبسكويت المدرسي تحتوي على ديدان، الأمر الذي نفته وزارتي التعليم والصحة، وأكّدتا أنه لا يمكن أن يحدث، وبرّرت الأمر بأن هناك أيد خفية تتلاعب بملف التغذية المدرسية.

وعلّق شوقي أن هناك حربا شرسة من صغار المورّدين بعد سماعهم أنباء عن التوجّه إلى الشركات الكبرى العام القادم، وأضاف: “أن الصور والفيديوهات مفبركة”.

وقبل انطلاق العام الدراسي الحالي بعدة أسابيع يوم 9 أغسطس أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الاستعداد لملف التغذية المدرسية، وأكّدت أن هناك لجنة مشكّلة من عدّة وزارات وهيئات معنيّة لمتابعة ملف التغذية المدرسية، والتجهيز لها قبل بدء الدراسة، موضحة أن هناك تقارير تتعلّق بالشركات الموردة موجودة لدى الوزارة، ومن ثَمّ فلن تشهد الوجبة تأخيرا مثل العام الماضي في وصولها إلى الطلاب.

وقبل أيام، صرّح محمود فكري، المشرف بمشروع التغذية بالوزارة أن الاستعداد يجري لتوفير الوجبة المدرسية والتجهيز لها، إذ رصدت الوزارة نحو مليار جنيه، يستفيد منها 11٫5 مليون تلميذ بالمرحلة الابتدائية ورياض الأطفال، وأنها لن تتأخّر مثل العام الماضي.

وبدورها أعلنت وزارة الصحة والسكان اليوم بدء العمل على خطة فحص التغذية المدرسية، الممثّلة في كانتينات المدارس أو الوجبات التي توزّعها وزارة التربية والتعليم على الطلاب، لضمان سلامتهم ووقايتهم من أي تسمّم محتمل.

وجبات المدارس عالميّا

وتولي الجهات المختصّة على مستوى العالم اهتماما كبيرا بالوجبة المدرسية، لأهميتها التي أكّدتها دراسات حديثة، أجمعت على أن التغذية المدرسية من أهم العوامل المؤثّرة على مستوى تحصيل الدراسة لدى التلاميذ، خصوصا في المرحلة الابتدائية.

ونستعرض مجموعة من أفضل الوجبات المدرسية في العالم:

  • في اليونان: الدجاج المشوي، وورق العنب المحشو أرزا، وسلطة من الخيار والطماطم، واللبن مع حب الرمان، وثمرتا برتقال.
  • سنغافورة:  السلطة مخلوطة بالجبن.
  • بريطانيا: الفلفل مع خضار مطبوخ وأرز وقرنبيط، وكعكة مع الكاسترد، والفاكهة موز.
  • فرنسا: وجبة ساخنة من الخضراوات والأسماك مع الأرز، وشريحة من الخبز، وسلطة من الكرفس والجزر، والفاكهة برتقال.
  • أمريكا: الدجاج المقلي مع صلصة، وملعقة من البطاطا المهروسة، والبازلاء الخضراء، وفاكهة وكعكة.
  • الهند: الأرز الأبيض، وحساء، والقرع المقلي، واللبن الرائب، وحلوى محلية.
  • إيطاليا: نظام غذائي متوازن مكوّن من المكرونة، والأسماك، ونوعان من السلطة، والعنب الأحمر.
  • اليابان: السمك المقلي، والأعشاب البحرية المجفّفة، والطماطم، وحساء بالبطاطا، والأرز مقدّم في حاوية معدنية، ليبقى ساخنا، بالاضافة إلى الحليب.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *