استيراد مصر الغاز الإسرائيلي.. من الرابح الأكبر؟

الغاز الإسرائيلي

انتهت قضايا التحكيم الدولي من شركات الغاز الإسرائيلية ضد مصر بالتصالح، إذ تنازلت الشركات الإسرائيلية عن التعويضات المقرّرة لها مقابل شراء مصر نسبة من أسهمها، بالإضافة – وهو الثمن الأبرز – إلى استيراد مصر الغاز الإسرائيلي.

وعلى الرغم من الترحيب الحكومي الكبير بالاتفاق الذي يحمل في طياته التنازل عن الغرامة، إلا أنه سيكلف مصر مبالغ تتخطّى الـ15 مليار ثمن الاستيراد، بالإضافة إلى تسييل ونقل الغاز الإسرائيلي.

وعلى الرغم من السعي المصري لإعادة تصدير الغاز الإسرائيلي والاستفادة منه وفقا للاتفاق المعلن، إلا أن السؤال الأبرز ماذا عن الغاز المصري الذي وصل في حقل ظهر وحده لما يزيد على الـ30 تريليون قدم مكعب؟ بالإضافة إلى الحقول الأخرى، ومن المستفيد الأكبر من هذا الاتفاق، مصر أم إسرائيل؟

غرامات سابقة

كانت محكمة سويسرية قد ألزمت شركات الغاز الطبيعي المصرية في مايو 2017 بدفع مبلغ 2 مليار دولار لصالح شركة الكهرباء المملوكة للدولة في إسرائيلـ لخرق العقود السابقة بينهم، إذ اعتبرت المحكمة أن الشركة المصرية العامة للبترول وشركة الغاز الطبيعي المصرية مسؤولتان عن الأضرار الناجمة عن الهجمات المتكرّرة على خط أنابيب الغاز في سيناء.

وخسرت مصر من إجمالي القضايا المرفوعة من إسرائيل بسبب الغاز الطبيعي ثلاث قضايا دولية، وتبلغ خسائر مصر من تلك القضايا مبلغا يصل إلى 8 مليار دولار وفقا لتقدير الدكتور محمود وهبة، أستاذ التنظيم، وعميد معهد الدراسات التطبيقية بمركز الدراسات العليا بجامعة مدينة نيويورك سابقا.

وانتهت قضايا التحكيم المرفوعة من قِبَل إسرائيل بالإعلان عن التصالح مع مصر، وفقا لما أعلنه بيان صحفي لشركة “ديليك” الإسرائيلية أمس، إذ قالت الشركة أنه جرى الاتفاق مع شركات “نوبل إنرجي” و”ديليك” و”غاز الشرق المصرية” على شراء 39% من أسهم خط أنابيب غاز شرق المتوسط مقابل 518 مليون دولار.

حلم إسرائيلي

قالت وكالات أنباء: “إن مصر عقدت اتفاقا مع إسرائيل لاستيراد الغاز، ومن ثَمّ إعادة تصديره بعد إسالته”.

وأضافت الوكالة: أنه من المخطط أن تبدأ مصر استيراد البترول بكميات قليلة، ليصل لذروته سبتمبر 2019، أما التصدير من الجانب المصري فسيبدأ في الربع الأول من العام القادم.

وستصدّر إسرائيل إلى مصر كمية قدرها 64 مليار متر مكعب من الغاز، من حقلي “تمار” و”لوثيان” البحريين بقيمة 15 مليار دولار على مدى عشر سنوات.

ليس الأول

سبق الاتفاق الحالي اتفاق آخر شبيها في المضمون، وفي إطار المصالحة أيضا، إلا أنه تعطّل بسبب تعنّت الموقف الإسرائيلي، ومن ثَمَّ تجمّد الحديث حوله ليبرز الاتفاق الأخير.

حيث سبق ووقَّعت شركة “دولفينز” للغاز الطبيعي ومجموعة تمار الإسرائيلية اتفاقا في فبراير الماضي لاستيراد الغاز من إسرائيل بقيمة 20 مليار دولار على مدى 15 عاما، مقابل عدة شروط، أبرزها إنهاء الخلافات مع الحكومة، وقضايا التحكيم الدولي ضد مصر، وأن يجري استيراد الغاز عبر أنابيب شركة “البحر المتوسط” التي كانت تستخدم من قبل في تصدير الغاز من مصر إلى إسرائيل، على مدار سبع سنوات، وبكلفة قيمتها 1.2مليار دولار.

وعقب شهر واحد من الاتفاقية التي أُبرمت نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن محامي شركة البحر المتوسط أرسل خطابا باسم الشركة إلى شركات الحفر المشاركة في حقل “تمار” يؤكّد خلاله أن شركته تنفي أي مشاركة في التفاهمات التي أُنْجِزَت مع شركة “دولفينوس”، مؤكّدا في الوقت ذاته أن استخدام أنابيب الشركة بشكل منعكس “من إسرائيل إلى مصر” غير متاح.

ضغط التحكيم

يعد الاتفاق النهائي الذي توصّلت إليه مصر مع إسرائيل حول استيراد الغاز من إسرائيل هو الهدف الأساسي من قضايا التحكيم الدولي وفقا لما قاله أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إذ قال كمال: “إن مصر خاضت مفاوضات بشأن استغلال إسرائيل لمحطات إسالة الغاز المصرية، بشروط منها التنازل عن حكم التعويض”.

وأكد كمال في تعليق سابق له على حكم صادر لصالح إسرائيل أن إسرائيل سعت للضغط على مصر بقضية التعويضات، لدفعها قبول تسييل مواردها من الغاز.

أيّد تعليق كمال تصريحا سابقا لرئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إذ قال: “أرحب بهذه الاتفاقية التاريخية التي تم إعلانها للتوِ، التي تقضي بتصدير غاز طبيعي إسرائيلي إلى مصر، هذه الاتفاقية ستُدخل المليارات إلى خزينة الدولة، وستُصرف هذه الأموال لاحقا على التعليم، والخدمات الصحية، والرفاهية لمصلحة المواطنين الإسرائيليين”.

ووصف نتنياهو الصفقة التي جرت أخيرا بأنها “عيدا على دولة إسرائيل”.

أين الغاز المصري؟

على الرغم من كون الاتفاقية تنهي غرامات على مصر تقدّر بأربعة مليار دولار إلا أنها تكلّف مصر ما يزيد على الـ15 مليار ضريبة استيراد الغاز، بالإضافة إلى تكلفة تسييله، على الرغم من امتلاك مصر من حقل ظهر وحده ما يقارب 30 تريليون قدم مكعب من الغاز.

وقال محمد شاكر، وزير الطاقة، في تصريحات سابقة له: “إن التشغيل التجريبي لحقل ظهر يرفع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 5.5 مليار قدم مكعب يوميا” مضيفا: “بدأنا الإنتاج بطاقة 200 مليون قدم مكعب يوميا، على أن ترتفع في وقت لاحق إلى 350 مليون قدم مكعب يوميا”.

ويضاف إلى حقل ظهر عدد ضخم من حقول الغاز، التي تضمّ رصيدا ضخما من احتياطي الغاز المصري، أبرزها حقل “نور” الذي يضم احتياطيا يقدر بـ90 تريليون قدم مكعب، وحقل “شروق” باحتياطي يقدّر بـ30 تريليون ، وحقل “آتول” باحتياطي يقدّر بـ1.5 تريليون، وغيرهم من الحقول التي تساعد مصر إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي.

وسبق أن أعلن وزير البترول سعي مصر إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي نهاية 2018 بالاعتماد على الاكتشافات المستمرة لحقول الغاز.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *