“أنام ربع ساعة”.. التنمر يغتال براءة الطفل الباكي

"أنام ربع ساعة".. التنمر يغتال براءة الطفل الباكي
الطفل الباكي

“الطفل الباكي” وصف لخّص واقعة أثارت عاصفة من الجدل، بعد تداول روّاد السوشيال ميديا مقطع فيديو انتشر بقوة خلال الساعات الماضية، يظهر خلاله طفل يدعى محمد صالح في الصف الأول الابتدائي بمدرسة منية السرج الابتدائية، التابعة لإدارة الساحل التعليمية، وهو يستجدي المعلّمة للسماح له بالنوم “ربع ساعة” فقط، قائلا: “أنا عاوز أنام ربع ساعة بس يا حاجة.. عاوز أنام ربع ساعة والنبي، أنام ربع ساعة يا حاجة”.

واستنكر المجلس القومي للطفولة والأمومة، في بيان له أول أمس الثلاثاء، نشر وتصوير طفل أثناء اليوم الدراسي بصورة مسيئة، بما يخالف قانون الطفل، الذي يحظر تصوير أو نشر أي مواد إعلامية تحتوي على مشاهد مسيئة للأطفال أو التشهير بهم.

ووصف البيان ما حدث مع الطفل بالتنمّر الإلكتروني الذي يسيء للأطفال بشكل عام، مطالبا التحقيق في الواقعة، وإزالة الفيديو من جميع وسائل الإعلام وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الطفل.

والد الطفل الباكي

وفور تداول الفيديو عبّر والد الطفل عن استيائه من الواقعة، وقال في تصريحات إعلامية: “بكاء الطفل قطع في قلوبنا، علشان كان عايز ينام، لأنه كان مريض من 3 شهور بسبب تعرّضه لكسر في قدمه”، مشيرا إلى أن تصوير الفيديو كان أول يوم يروح فيه محمد المدرسة.

وأضاف: “تعرّفنا على اسم مصوّر مقطع الفيديو، وهو مدرس بالمدرسة، وسنتقدّم ضده، وضد المدرسة، ووزارة التربية والتعليم بمحضر، ومحمد في الصف الأول الابتدائي بمدرسة شبرا، وده كان أول يوم دراسة له”.

وتابع: “محمد في حالة نفسية سيئة منذ مشاهدة الفيديو على شاشات الفضائيات، ويرفض التوجّه للمدرسة مرة أخرى”.

رد التعليم

قال أحمد خيري، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم: “إن الوزارة ستتّخذ إجراءات حاسمة ضد مُرتكبي الواقعة ومصوّرها، وسيتم منع اصطحاب المحمول داخل المدرسة”.

 وأضاف خيري: “أن لجان المتابعة بالوزارة رصدت الفيديو، وتبحث عن مَن صوّر الطفل الباكي داخل الفصل من أجل النوم”.

وأشار إلى أن هناك تعليمات مشدّدة بعدم الضرب داخل المدارس، وإجراءات حاسمة ضدّ مَن يمارسه، وهناك مسح شامل للتعرف على اسم المدرسة التي جرى تصوير الفيديو فيها منذ أربع ساعات، للتعرف على اسم المدرسة، مطالبا مصوّر الفيديو بالإعلان عن اسم المدرسة ومديرية التعليم التابعة لها.

مواجهة التنمر

وبدأت منذ أيام حملة قومية لحماية الأطفال من التنمر، وهي الحملة التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة، وتبنّاها عدد كبير من الشخصيات العامة، وسفراء اليونيسيف في مصر، للتوعية بإخطار هذه الظاهرة على طلاب المدارس، وإبراز دور المعلّم وولي الأمر للمساعدة في القضاء عيها.

وقالت الدكتورة عزة عشماوي، أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة: “إنه يجب أن تتم مواجهة هذه الظاهرة، حتى لا يعاني أي طفل من الأذى أو التوتر البالغ الذي يسببه التنمر”.

وأشارت عشماوي في بيان لها إلى آثار التنمر، قائلة: “التنمر كأي شكل من أشكال العنف ضد الأطفال، يزيد من احتمال الإخلال بالنمو الصحي للعقل، ويؤدّي إلى تدنّى إحساس تقدير الذات لدى الطفل، وفي الحالات الشديدة يمكنه أن يؤدّي إلى ميول انتحارية”.

وكان المجلس القومي للطفولة قد رصد 289 حالة عنف ضد الأطفال داخل المؤسسات التعليمية، خلال العامين (2013-2014) وتصدر الذكور بلاغات العنف.

أشكال التنمر

وحدّد خبراء علم النفس أشكال العنف التي يتعرّض لها الطفل داخل العملية التعليمية، وترتكز في النقاط التالية:

  • تحقير طفل لطفل آخر، بسبب ضعفه، أو مرضه، أو إعاقته.
  • نعت طفل لآخر بألقاب معيّنة لها علاقة بالجسم، مثل: الطول، أو القصر، أو السمنة المفرطة.
  • تهديد طفل لآخر بالضرب، لأنه أقوى منه، أو مجموعة أصدقاء يهاجمون شخصا واحدا، أو يهاجمون مجموعة من التلاميذ تكون هادئة ولا تثير المشكلات.
  • السب والشتم بألفاظ جارحة.
  • الضرب، والركل، والعض، والبصق.
  • استخدام كتب الطفل، وأدواته المدرسية بالقوّة أو إتلافها.
  • الكتابة بالحبر على جسم الطفل، أو ملابسه، أو كتبه.
  • إجبار الطفل على ترك طعامه للآخرين.

آثار خطيرة

وحذّر مراقبون من خطورة تنامي ظاهرة التنمر والآثار النفسية على الضحايا، إذ لفت الدكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ علم النفس في جامعة حلوان، إلى أنّ التأثير الأبرز للعنف بين التلاميذ يكون على ثقتهم في أنفسهم، ويسبّب اضطرابات نفسية وسلوكية بشكل عام.

وانتقد عبداللطيف المنظومة التعليمية في مصر، معتبرا إياها لا تساعد على حماية حقوق الطفل، مضيفا: أن أكثر من 70% من الطلاب يميلون إلى العنف، نتيجة التنشئة الخاطئة منذ طفولتهم، وهذا العنف على المدى البعيد يصبح خطرا، ويمتد ويتكرّر، ما يدفع الأطفال إلى الانعزال، ورفض الذهاب إلى المدرسة.

وأكّد ضرورة تضافر جهود الدولة، والمدارس، والاستعانة بمتخصّصين اجتماعيين ونفسيين في المدارس، من أجل مواجهة ظواهر العنف في المدارس.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *