أنا ضد التنمر.. هل تكفي لحماية التلاميذ؟

التنمر
تصاعد ظاهرة التنمر في المجتمع - أرشيف

تتصاعد موجات العنف بشكل ملحوظ في المجتمع المصري بكل مكوناته، ومن أشكاله ظاهرة التنمّر، والمكوّن الأبرز والأهم الذي يبرز تلك الظاهرة هو الأطفال، فتلاحقهم في مدارسهم، وتهدّد مستقبلهم، بل وتودّي في بعض الأحيان إلى الاكتئاب، أو الانتحار، أو الإجرام.

وعلى الرغم من عدم وجود احصائيات حديثة، إلا أن دراسة أجراها المجلس القومي للطفولة والأمومة واليونيسيف عام 2015، شملت ثلاث محافظات، كشفت أن 47% من الأطفال تعرّضوا للعنف الجسدي، وأن أعلى مستوى من العنف حدث في المنزل تليه المدرسة.

وينتشر التنمر عالميا لا في مصر فقط، فعلى الرغم من وجود إحصائيات خاصة بالتنمّر في مصر إلا أن أحدث دراسات اليونسكو حول هذه الظاهرة تؤكّد ربع مليار طفل يتعرضون للتنمر من إجمالي مليار طفل حول العالم.

وشملت الدراسة 19 دولة، حيث كشفت نتائجها، وهي:

  • 34% من الطلاب تعرّضوا لمعاملة قاسية.
  • 8% منهم يتعرضون للبلطجة يوميا.

كل ذلك كان الدافع لانطلاق أول حملة قومية مصرية لمواجهة ظاهرة التنمر في المدارس، بعنوان معا ضد التنمر، التي بدأت اليوم بمشاركة رموز المجتمع، وسفراء اليونسكو.

ولكن يظل التساؤل عما بعد تلك الحملة؟ وهل ستستكمل الدولة خطواتها لحماية الأطفال من أحد أبرز أشكال العنف الذي يهدد مستقبلهم؟

انتشار ظاهرة التنمّر

على الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية حول ظاهرة التنمر في مصر، إلا أن انتشارها ليس بالمجهول، بل تتواجد الكثير من الشهادات حول تلك الظاهرة، وانتشارها في مصر.

وتعدّ قصة الشاب مصطفى أشرف – الذي يقوم بعمل حملات لمواجهة تلك الظاهرة – من أكبر النماذج على تغلْغل تلك الظاهرة في مصر، إذ قامت صديقة مصطفى وهو في السابعة من عمره بالانتحار، نتيجة إصابتها بالاكتئاب بسبب تنمر زملائها.

يؤكّد مصطفى رغم تعرضه للتنمر طيلة الوقت، لم يستطع فهم ما حدث لصديقته إلا بشكل تدريجي، وذلك خلال تسع سنوات لاحقة من انتحار صديقته.

وكان قد قام أشرف بتكريس وقته لإطلاق حملات لمساعدة مَن هم في مثل عمره على مواجهة التنمر، حيث بدأت تلك الحملات منذ عام 2014 عبر الفيس بوك ووصلت لمختلف أنحاء العالم، وتعاون من خلالها مع اليونيسيف.

وقالت الدكتورة عزة العشماوي، الأمين العام للمجلس القومي للأمومة والطفولة: “إن المجلس رصد 289 حالة عنف ضد الأطفال داخل المؤسسات التعليمية، خلال العامين 2013-2014”.

وأضافت في تصريح لها: أن البلاغات كشفت تعرّض أكثر من طفل للخطر والعنف داخل البلاغ نفسه، مما يؤكّد زيادة عدد حالات ضحايا العنف من الأطفال عن عدد البلاغات الواردة، مشيرة إلى أن الذكور تصدّروا بلاغات العنف .

وحدّد الدكتور جمال شفيق أحمد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي، ورئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس، في تصريح سابق له أشكال العنف المدرسي من طفل لطفل آخر في ثمانية نقاط، هي:

  • تحقير طفل لطفل آخر، بسبب ضعفه، أو مرضه، أو إعاقته.
  • نعت طفل لآخر بألقاب معيّنة لها علاقة بالجسم، مثل: الطول، أو القصر، أو السمنة المفرطة.
  • تهديد طفل لآخر بالضرب، لأنه أقوى منه، أو مجموعة أصدقاء يهاجمون شخصا واحدا، أو يهاجمون مجموعة من التلاميذ تكون هادئة ولا تثير المشكلات.
  • السب والشتم بألفاظ جارحة.
  • الضرب، والركل، والعض، والبصق.
  • استخدام كتب الطفل وأدواته المدرسية بالقوة أو إتلافها.
  • الكتابة بالحبر على جسم الطفل، أو ملابسه، أو كتبه.
  • إجبار الطفل على ترك طعامه للآخرين.

تدني نفسية الطفل

تتعدّد الآثار النفسية على الأطفال ضحايا التنمر، وتتراوح شدّتها على مدى قدرة الطفل على التعامل معها، ويشير الدكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ علم النفس في جامعة حلوان، إلى أنّ التأثير الأبرز للعنف بين التلاميذ يكون على ثقتهم في أنفسهم، ويسبّب اضطرابات نفسية وسلوكية بشكل عام.

وانتقد عبداللطيف في تصريح له المنظومة التعليمية في مصر، معتبرا إياها لا تساعد على حماية حقوق الطفل، مضيفا أن أكثر من 70% من الطلاب يميلون إلى العنف، نتيجة التنشئة الخاطئة منذ طفولتهم، وهذا العنف على المدى البعيد يصبح خطرا، ويمتد ويتكرّر، مما يدفع الأطفال إلى الانعزال، ورفض الذهاب إلى المدرسة.

وأكّد على ضرورة تضافر جهود الدولة، والمدارس، والاستعانة بمتخصّصين اجتماعيين ونفسيين في المدارس، من أجل مواجهة ظواهر العنف في المدارس.

مصر تواجه التنمر

بدأ المجلس القومي للطفولة والأمومة – بالتعاون مع منظمة اليونسكو ووزارة التربية والتعليم – أول حملة قومية لحماية الأطفال من التنمر، وهي الحملة التي تبنّاها عدد كبير من الشخصيات العامة، وسفراء اليونيسيف في مصر.

وأُعلن عن الحملة في دعاية تلفزيونية ضخمة، ورسائل على مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن رفضهم للتنمر، ولتشجيع الأطفال على مواجهة تلك الظاهرة، من خلال نقل تجاربهم واقتراحاتهم أمام ظاهرة التنمر، مستخدمين شعار الحملة #أنا_ضد_التنمر.

وقالت الدكتورة عزة عشماوي، أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة، في بيان مشترك بين المجلس والمنظمة الخميس: “يجب أن تتم مواجهة هذه الظاهرة، لأنه لا يجب أن يعاني أي طفل من الأذى أو التوتر البالغ الذي يسببه التنمر”.

وأشارت العشماوي في بيانها إلى آثار التنمر، قائلة: “التنمر كأي شكل من أشكال العنف ضد الأطفال، يزيد من احتمال الإخلال بالنمو الصحي للعقل، ويؤدّي إلى تدنّى إحساس تقدير الذات لدى الطفل، وفي الحالات الشديدة يمكنه أن يؤدّي إلى ميول انتحارية”.

وأضافت: “أن الحملة موجّهة للآباء ومقدمي الرعاية للطفل على تناول التنمر، وتحثّ الطفل على معارضته في الأوساط التعليمية وغير التعليمية، بالإضافة للسعي للحصول على الإرشاد والتوجيه من المتخصصين المدرّبين، من خلال خط نجدة الطفل 16000”.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *