اتفاقية الغاز بين مصر وقبرص.. القصة الكاملة

أخبار مصر في يوم السبت 29 سبتمبر
غاز حقل أفروديت - أرشيف

جاءت اتفاقية مصر مع قبرص بخصوص نقل وإسالة ثمّ إعادة تصدير غاز حقل أفروديت، خطوة ضمن خطوات كثيرة تسعى بها مصر، لأن تصبح مركزا للغاز في شرق المتوسط، إلا أن تلك الخطوة محاطة بالكثير من التساؤلات.

وأبرز تلك التساؤلات هل الاتفاقية ثنائية أم إنها تضم دولا أخرى من دول حوض المتوسط؟ وما مصير هذا الغاز؟ وأين سيذهب بعد نقله لمصر؟

ويضاف إلى التساؤلات أيضا تساؤلا مهما عن مدى استفادة الاقتصاد المصري من الاتفاقية؟ وتكلفة إنشاء خطوط النقل؟ ومَن سيتحمّلها؟ وما العائد على دول حوض المتوسط المشتركة في الاتفاقية ككل؟

نقل الغاز

أعلن حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول المصرية، أن الوزير طارق الملا، وزير البترول اليوم وقّع اتفاقا مع قبرص، لنقل وإسالة غاز حقل أفروديت، وإعادة إرساله إلى مصر، لإعادة تصديره.

وقال عبدالعزيز في تصريح لوكالات أنباء: “إن الاتفاق يعد إطارا عاما للبدء في إنشاء خط غاز بحري مباشر بين البلدين”.

وكان الملا قد أعلن في تصريح سابق له: “أن تكلفة مد خط الأنابيب لنقل الغاز من قبرص لمصر ستتراوح ما بين 800 مليون ومليار دولار”.

إسرائيل والاتفاقية

على الرغم من أن إعلان الاتفاق اقتصر على قبرص ومصر، إلا أن موقع الحقل وسط مناطق حدودية بين حقول منطقة شرق المتوسط يثير التساؤل حول وجود دول أخرى في الاتفاق، أو إمكانية انضمام دول أخرى إليه مستقبلا.

تعد إسرائيل المرشح الأكبر للتضمين داخل تلك الاتفاقية، خاصة مع الخلافات السابقة بين مالكي حقوق التنقيب الإسرائيليين بجوار حقل أفروديت وبين قبرص نفسها.

والذين سبق وأن تدخّلوا في مارس 2018 مطالبين الحكومة الإسرائيلية بالتدخل من أجل منع توقيع قبرص اتفاقا مع مصر، زاعمين أن استيراد الغاز من حقل أفروديت سوف يؤثر على مصالحهم، ومخزون الغاز في الحقول المجاورة.

وادّعى مالكو حقل إيشاي الإسرائيلي الملاصق لحقل أفروديت، في مراسلات إلى مسئولين اسرائيليين أن عملية استخراج الغاز من الجانب القبرصي ستؤدّي إلى سحب الغاز من الجانب الإسرائيلي أيضا.

وطالب المسئولون عن التنقيب في الحقل الإسرائيلي إيشاي بضمان حق تل أبيب في ألا توقّع قبرص أي اتفاق بخصوص تصدير الغاز من أفروديت، إلا بموافقة الحكومة الإسرائيلية، ورفضت الحكومة القبرصية تلك الادعاءات حينها، واستمرّت الخلافات بين الطرفين.

وفي مايو 2018، تحدثت صحيفة هآرتس عن الخلاف أيضا، مشيرة إلى أن الخلاف بشأن تقاسم احتياطات حقل أفروديت للغاز الطبيعي بالبحر المتوسط.

وقالت الصحيفة: “إن الخلاف يهدّد بتأخير تنفيذ خطة تتكلّف عدة مليارات من الدولارات، لتحويل منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط لمركز رئيسي للطاقة في العالم” كاشفة عن زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ويوفال شتاينتز قاما، وزير الطاقة الإسرائيلي، إلى قبرص لبحث بعض الأمور.

وقال شتاينتز: “إن المسألة تمت تسويتها بين البلدين من حيث المبدأ، حيث تم الاتفاق بالفعل على خطة التوصل إلى اتفاق، وإن هذه الخطة تقضي بأن تسعى الشركات العاملة في استخراج الغاز الطبيعي على الجانبين القبرصي والإسرائيلي إلى التوصّل لتفاهم فيما بينها خلال شهر أو شهرين، وإذا لم يتم التوصّل لهذا الاتفاق، فإن البلدين سيلجأن إلى خبير دولي، وليس لمحكم دولي”.

وعلى الرغم من عدم تعليق وزير الطاقة القبرصي على تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي بشأن تقاسم احتياطيات حقل أفروديت من الغاز الطبيعي، إلا أن وكالات للأنباء نشرت نقلا عن مسئولين قبرصيين: أن الوزير المسئول عن شئون الطاقة في الحكومة القبرصية يورغوس لاكوتريبيس اقترح مسارا مشابها للحل الذي يتحدث عنه الإسرائيليون.

ولم يعلن أيّا من الجانبيين الإسرائيلي والقبرصي حتى الآن عن موقف إسرائيل من الاتفاق المُبرم، وهل ستكون إسرائيل جزءا منه، أم أن الاعتراضات الإسرائيلية يمكن أن توقفه.

مصر تشتري وتصدّر

أعلن الرئيس القبرصي، نيكوس اناستاسيادس أن تكلفة خط الغاز الذي سيعمل على نقل غاز حقل أفروديت بمحطات تسييل الغاز في مصر تصل إلى مليار دولار، واصفا التوقيع في تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر: إنها يوم فارق لقبرص.

ويقوم الاتفاق على شراء مصر الغاز من حقل أفروديت، الذي اكتشفته شركة نوبل إنرجي الأمريكية، ومن ثَمّ إعادة تصديره مرة أخرى.

ويحتوي الحقل على نحو 4.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.

أما عن مصير الغاز بعد نقله لمصر، فقد أعلن الملا أن الاتفاق المصري القبرصي ليس فقط تنفيذ خط أنابيب بحري، بل سيسهم مساهمة إيجابية في تأمين إمدادات الغاز للاتحاد الأوروبي.

وأضاف في تصريح له اليوم الأربعاء: “إن توقيع مذكرة التفاهم للشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة في أبريل الماضي تفتح آفاقا مهمة للدور الذي يمكن أن تقوم به مصر في هذا المجال”.

كيف تستفيد مصر

قال مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق: “إن الاتفاق يعد خطوة على طريق تحوّل مصر إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز في المنطقة”.

مضيفا: “إن الفائدة الأكبر هي تشغيل محطات الإسالة المصرية، بدلا من توقفها الحالي، الذي يساهم في تجنيب مصر الدخول في التحكيم الدولي، ودفع تعويضات”.

وتابع في تصريحات له: “يمكن استخدام الغاز القبرصي في تشغيل مصانع ومحطات كهرباء محلية” مشيرا إلى أن الاتفاق بين مصر وقبرص هو اتفاق بين حكومات وليس شركات قطاع خاص، على عكس اتفاق استيراد الغاز من إسرائيل، في إشارة منه لتعاقد شركة دولفينوس المصرية للطاقة فبراير الماضي مع شركتي نوبل إنرجي وديليك، لشراء الغاز من حقلي تمار وليفياتان الإسرائيليين بالبحر المتوسط.

وواصل مؤكدا أهمية هذا الاتفاق، وأنه سيساهم في تحوّل مصر لسوق حر لتداول الغاز، والخروج من السوق المغلق.

اقرأ أيضا:

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *