مرّت العلاقات المصرية الإسرائيلية بمحطات كثيرة منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، ولم تسر على وتيرة واحدة خلال الأربعين عاما الماضية، فوصلت في بعض الأحيان لما يشبه القطيعة، وفي أحيان أخرى تحوّلت للنقيض، واستبدلت القطيعة بالتداخل الكامل في أغلب المجالات المطروحة.
ويمكن تقسيم المراحل التي مرّت بها العلاقات المصرية الإسرائيلية وفقا لعدة عوامل، أبرزها السلطة الحاكمة في كل مرحلة، حيث كانت لكل سلطة إطار يميزها في التعامل مع الجانب الإسرائيلي في الملفات المختلفة، وبخاصة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية.
السادات في الكنيست
تعد مرحلة الصلح مع وما سبقها من إعدادات من أهم المراحل التي مرّت بها العلاقات المصرية الإسرائيلية، حيث بدأت تلك المرحلة بتوقيع مصر وإسرائيل اتفاقا بإنهاء حالة الحرب، والسماح للسفن الإسرائيلية غير العسكرية بالمرور من قناة السويس.
وعقب ذلك الاتفاق الذي جرى عام 1975 كانت المرحلة الثانية، وتحديدا عام 1977، إذ ذهب الرئيس الأسبق أنور السادات إلى إسرائيل، لبحث كيفية إتمام عملية السلام، وقام بإلقاء الخطاب الشهير من قلب الكنيست الإسرائيلي.
تواصلت الخطى السريعة من أجل تحقيق السلام الشامل، فبدأت مفاوضات جديدة بواشنطن، لتسوية ملف الاستيطان، أعقبها توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في البيت الأبيض عام 1979، التي تنص على استعادة مصر لسيناء كاملة مقابل سلام كامل وعلاقات دبلوماسية.
في عام 1980، بدأت العلاقات الدبلوماسية بالفعل، فجرى رفع علم إسرائيل لأول مرة على أرض مصرية، بافتتاح السفارة الإسرائيلية في القاهرة.
وفي عام 1982 أكملت إسرائيل انسحابها من سيناء، باستثناء طابا التي تم الانسحاب منها عام 1989.
عهد مبارك
واصلت العلاقات المصرية الإسرائيلية على الجانب الرسمي تطوّرها السريع في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلا أن العلاقة رغم تداخلها الكبير في عدد من القضايا، إلا أنها كانت تضع بعض الحدود في القضايا الإستراتيجية، خاصة في القضايا التي تمس المنطقة، وتراعي الحساسيات الشعبية في كثير منها.
أبرز المواقف المصرية خلال عهد مبارك ظهرت إبان الانتفاضة الفلسطينية، وأمام الاجتياح الإسرائيلي عام 2002، عبر سماحه بالاحتجاجات الشعبية تحت متابعة أمنية ضد إسرائيل وتحركاتها، بالإضافة لعدم قيام مبارك بأي زيارة لتل أبيب باستثناء زيارة واحدة.
ومقابل التباعد السياسي الظاهر، جاء التقارب الاقتصادي، فقد جرى توقيع اتفاقية تنازلت بموجبها مصر عن حقها في الغاز لإسرائيل، لمدة اثني عشر عاما، واتفاقية الكويز التي تلزم المصنّع المصري باستخدام مكوّن إسرائيلي بنسبة 10% مقابل السماح له بالدخول للأسواق الامريكية دون جمارك.
العلاقات بين الطرفين شهدت تعاونا أمنيّا، عبر إفراج مبارك عن الجاسوس الإسرائيلي “عزام عزام”، إضافة إلى التطبيع الثقافي، وتمويل إسرائيل لتطوير المناهج المصرية.
بعد الثورة
تعد مرحلة 25 يناير وما بعدها من مراحل القطيعة في تاريخ العلاقات المصرية الإسرائيلية، حيث عبّرت بشكل كبير عن رفض شعبي للعلاقات، فبدأت بالهجوم على السفارة الإسرائيلية في سبتمبر 2011، وسُحب السفير الإسرائيلي من مصر في اليوم نفسه، وأُغلقت السفارة، وإيقاف تصدير الغاز إلى إسرائيل بسبب تدمير أنبوب الغاز الواصل بين البلدين.
هذه القطيعة استمرت خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، زاد عليها توتر في العلاقات، على خلفية سحب السفير المصري من إسرائيل، احتجاجا على الاعتداء على قطاع غزة.
بعد 30 يونيو
حرصت مصر بعد 30 يونيو، على إعادة العلاقات مع إسرائيل إلى سابق عهدها، ومحاولة مواجهة الاضطراب والأوضاع المختلفة في مصر، عبر اتخاذ العديد من الإجراءات.
أبرز الإجراءات جاءت بعودة السفير الإسرائيلي للقاهرة عام 2015، وقبلها إعادة السفير المصري لإسرائيل، والإعلان الإسرائيلي على موافقتهم باعتراف مصر بسعودية جزيرتي تيران وصنافير، رغم ما تمثّله في اتفاقية السلام بالنسبة لإسرائيل.
يضاف إلى ما سبق إعادة تفعيل اتفاقية الكويز عام 2016، والإعلان عن استمرار التعاون الإسرائيلي المصري في تصدير واستيراد الغاز المصري، والكشف عن تعاون أمني إسرائيلي يمكّنها من التدخل عسكريا لمواجهة مسلحي سيناء، ما ظهر في تصريح الرئيس عبدالفتاح السيسي أنه لن يسمح بتحوّل مصر لبؤرة تهاجم منها إسرائيل.
كما يضاف إلى تطور العلاقة العون المصري السابق في إطفاء عدد من الحرائق بإسرائيل، وتصويت مندوب مصر بالأمم المتحدة لصالح رئاسة إسرائيل إحدى اللجان الدائمة الست للمنظمة الدولية، وذلك للمرة الأولى منذ انضمامها عقب تأسيسها، عام 1949.
أضف تعليق