على خلاف بعض التوقعات، عاد ارتفاع سعر الدولار في مصر أمام الجنيه مرة أخرى، إذ واصل صعوده لليوم الثالث على التوالي، وارتفع قرشين جديدين ليسجل 15.54 جنيها للشراء و15.64 جنيها للبيع الأربعاء، مقابل 15.52 جنيه للشراء و15.62 للبيع في اليوم الذي سبقه.
وبحسب الموقع الرسمي للبنك المركزي المصري، فقد جاء ارتفاع سعر الدولار بواقع 6 قروش منذ بداية الأسبوع الجاري، بعد أن خسر نحو 11% من قيمته، منها نحو نصف جنيه منذ مطلع 2020، وحتى نهاية تعاملات منتصف الأسبوع الجاري.
الأمر دفع الكثيرين للتساؤل بخصوص مواصلة الجنيه مسيرة هبوطه أمام الدولار، وسط توقعات سابقة أشارت إلى أن هبوط الدولار أمامه اعتمد على عوامل مؤقتة، وتشكيك خبراء في استدامة التراجع.
ارتفاع سعر الجنيه
وقبل ارتفاع سعر الدولار حاليا، تعرضت العملة الأجنبية لخسائر قاسية خلال الشهر المنصرم، بعدما فقد 26 قرشا، وتكبّد أكبر خسارة شهرية أمام الجنيه منذ سبتمبر الماضي، بينما فقد نحو 7.2 قروش في شهر ديسمبر 2019، و1.7 قرشا في نوفمبر، و13.2 قرشا في أكتوبر، و28.5 قرشا خلال سبتمبر.
وشجعت البداية القوية للجنيه مطلع العام المحللين وخبراء الاقتصاد لإطلاق العنان لتوقعاتهم بمستقبل العملة المحلية، وأن يواصل الدولار انخفاضه خلال العام الجاري 2020 ليتراوح سعره بين 14 و15 جنيها.
وقال الخبير الاقتصادي أيمن عبد المقصود، في تصريحات صحفية: إن ارتفاع الجنيه جاء انعكاسا لزيادة تدفقات الأجانب في أدوات الدين المحلية، في ظل قوة الفائدة الحقيقية واستقرار الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى التدفقات من المصادر الحيوية، مثل السياحة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج.
بدورها أوضحت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر السابق، أن تراجع الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري، يرجع إلى تحسن المؤشرات الاقتصادية لمصر خلال الفترة الراهنة، وإشادة المؤسسات العالمية، والبنك الدولي، وشركات التصنيف الائتماني بتحسن مؤشرات مصر.
وتوقعت الدماطي، أن يشهد الدولار بعض التراجعات أمام الجنيه خلال فترة قصيرة الأجل.
ارتفاع سعر الدولار
في المقابل، جاءت النتيجة عكس التوقعات السابقة، إذ عاد ارتفاع سعر الدولار في مصر، بعد أن عززت المكاسب التي سجلها سعر الدولار عالميا، من موقفه أمام الجنيه لليوم الثالث على التوالي، وكسر الدولار موجة خسائره خلال تعاملات الاثنين الماضي، ليرتفع 4 قروش، عن مستويات الأحد الماضي، عند مستوى 15.47 جنيه للشراء و15.56 جنيه للبيع، ثم يرتفع قرشين الثلاثاء، وقرشين جديدين الأربعاء.
بينما قالت رضوى السويفي، رئيس قطاع البحوث في بنك الاستثمار “فاروس”: إن المخاوف بشأن تأثير فيروس كورونا، على نمو الناتج المحلي الإجمالي، دفعت المستثمرين للتوسع في شراء الدولار عالميا واعتباره ملاذا آمنا.
ويرى مسئولو بنك مورجان ستانلي، أن انتعاش الطلب الحالي على سندات الخزانة الأمريكية يحركه المستثمرون الآسيويون، الذين يقبلون على شراء الديون الأمريكية ذات الآجال الطويلة، وذلك بسبب قربهم من مركز فيروس كورونا في الصين.
مصير الهبوط
وفي سياق التساؤل بخصوص مواصلة الجنيه هبوطه، بعد ارتفاع سعر الدولار في مصر، أوضحت رضوى السويفي، أن الانتشار السريع للفيروس دفع المستثمرين لطلب علاوة مخاطر أعلى لاقتناء عملات الأسواق الناشئة، وهو ما وضع ضغوطا على الجنيه، وظهر في نتائج عطاءات الأذون والسندات الأخيرة.
وأضافت أن ذلك الوضع سيستمر شهرين على الأقل لحين دخول فصل الصيف، والسيطرة على الوباء.
من جهته، كشف مصدر مسئول في البنك المركزي، في تصريحات صحفية : “أن السبب وراء ارتفاع سعر الدولار، لليوم الثالث على التوالي، هو خروج بعض المستثمرين الأجانب من أدوات الدين الحكومية، ضمن موجة خروج من الأسواق الناشئة، بسبب المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد”.
كما أرجعت مذكرة بحثية صادرة عن “كابيتال إيكونوميكس” لندن، قرار المركزي تثبيت الفائدة إلى مخاوف تتعلق بالسيطرة على معدلات التضخم عند مستهدفات البنك حول 9±3%.
وارتفعت معدلات التضخم في الشهر الماضي إلى أعلى مستوى لها في 5 أشهر، لتصل إلى مستويات 7.7% على أساس سنوي.
فيما ترى المذكرة البحثية أن البنك المركزي المصري ربما يريد أن يمنع الصعود المتواصل للجنيه الذي ارتفع أمام الدولار ، ما أدى إلى تراجع جاذبية الصادرات المصرية وتدور الأوضاع الخارجية لميزان المعاملات الجارية.
توقعات سابقة
بينما قالت إسراء أحمد، محللة الاقتصاد الكلي، في شعاع، إن هبوط الدولار أمام الجنيه كان مؤقتا، إذ تعاني مصر من عجز مزمن في حسابها الجاري، كما أن الفارق في التضخم لا يزال كبيرا بينها وبين شركائها التجاريين، إلى جانب فارق إنتاجية الفرد، مرجحة انخفاض سعر الجنيه على المدى المتوسط والطويل.
وذكرت إسراء، أن استمرار ارتفاع الجنيه كان مرهونا بمدى تحسن القوة الهيكلية الحقيقية للاقتصاد المصري، ولا يجب الاعتماد على أسباب مؤقتة مثل زيادة تدفقات استثمارات الأجانب في أدوات الدين، وهي عوامل مؤقتة مرهونة بالمخاوف، بحسب قولها.
ويتفق مع ذلك الرأي الخبير الاقتصادي هاني توفيق، والذي حذر البنوك، في وقت سابق من الإسراع بتحريك سعر الدولار مع دخول تدفقات الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، لأنه ثبت على المدى الطويل أن الاعتماد عليها أمر غير سليم، ولا بد من توفير مخصصات لتغطية خروج هذه الاستثمارات في أي وقت.
كما توقع عمرو الألفي رئيس قطاع البحوث في شعاع، أن يصل الجنية إلى مستوى 15.5 جنيها، ثم يبدأ في التراجع بنهاية 2020.
وكانت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” قد قالت في يونيو الماضي: “إنّ ارتفاع الجنيه مقابل الدولار على الأرجح لن يستمر، رغم كونه أفضل العملات أداء منذ بداية العام”، متوقعة أن يفقد جميع مكاسبه لاحقا.
أضف تعليق