سرقة الأبحاث العلمية في مصر ظاهرة انتشرت بشكل فج خلال السنوات العشرة الماضية كشفت عنها الوقائع والقضايا، التي تورط بها أساتذة جامعات وطلاب وباحثون، وتتنوع ما بين سرقة أبحاث عالمية وسرقة أبحاث طلاب أو أساتذة في جامعات أخرى.
ويلجأ البعض إلي السطو علي البحوث والمؤلفات ونسبها لشخصه دون النظر إلى خطورة هذه الجريمة الأخلاقية والجنائية في ذات الوقت، وهناك أسباب عديدة أدت لانتشار الظاهرة في الجامعات المصرية مع غياب للرقابة والحلول.
سرقة الأبحاث العلمية
آخر ما كشف من سرقة الأبحاث العلمية، خبر إصدار المحكمة الإدارية العليا أمس الأحد، حكما بعزل أستاذ جامعي بقسم اللغة الإنجليزية في كلية الدراسات الإنسانية وآدابها بتفهنا الأشراف في الدقهلية، بتهمة سرقة ثلاثة أبحاث.
وتقدم الأستاذ الجامعي بخمسة بحوث للترقية لدرجة أستاذ مساعد بالقسم ذاته في الكلية، وبعد فحص البحوث من المحكمين ثبت أن ثلاثة منها منقولة حرفيا من رسالة دكتوراه، قدمتها باحثة أمريكية بجامعة نورث كارولينا في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما تأكّد من تقرير لجنة علمية أخرى محايدة.
وشددت المحكمة في حيثيات حكمها بعزل الأستاذ الجامعي على أهمية مواجهة ظاهرة السطو العلمي لحماية الأمانة العلمية والنزاهة الأكاديمية في المجتمع العلمي.
سرقات لا تنتهي
سرقة أستاذ جامعي لثلاثة أبحاث عالمية لم تكن الواقعة الأولى، فمنذ أيام تصدر هاشتاج #وقف_جبروت_دكاترة_الجامعات، قائمة الأكثر تداولا عبر “تويتر” ردا على سرقة مشروعات تخرج الطلاب.
وكان عدد من خريجي كلية هندسة شبين الكوم بجامعة المنوفية، قد وجهوا اتهامات لرئيس جامعة سابق، وأستاذ جامعي آخر، بالاستيلاء على مشروع تخرجهم، ورفض السماح لهم بالحصول على المشروع بالرغم من توقيعه على ورقة بذلك.
كما شهدت الجامعات وقائع سرقات أبرزها:
- فبراير 2010، قامت الدكتورة “إ.ع” وهي أستاذ مساعد للغة الصينية بكلية الألسن، بسرقة بحثين علميين تقدمت بهما لترقيتها إلى أستاذ، بجانب أبحاث أخرى.
- يونيو 2015، أحال رئيس جامعة بني سويف، أستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلى التحقيق، اتهمت بسرقة مادة علمية من مراجع أجنبية.
- يناير 2016، حصل أحد الطلاب على درجة الماجستير من قسم اللغة العربية بجامعة دمياط عن موضوع “أفعال الكلام في الأحاديث القدسية.. دراسة تداولية”، وثبت سرقته للمادة العلمية.
- أغسطس 2016، أصدرت جامعة بني سويف، قرارا بفصل أستاذ مساعد بكلية الصيدلة، من الوظيفة، مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، وذلك بعد ثبوت قيامه بنسخ بحث من رسالة طالب وتقدم بها للترقية بوظيفة أستاذ مساعد.
- مايو 2017، اتهم الدكتور إبراهيم سالم رئيس جامعة طنطا عميد كلية الآداب بقيامه بالنقل الحرفي النصي لبحث كامل لأحد الأساتذة الجزائريين ووضعه في كتاب علم النفس البيئي.
- سبتمبر 2017، قررت جامعة القاهرة إعفاء “ع . ع”، أستاذ ورئيس قسم بكلية دار العلوم من منصبه، وإحالته للتحقيق بعد ما أثير من سرقته لأبحاث علمية.
- يناير 2019، طالبت محكمة 6 أكتوبر الابتدائية جامعة القاهرة، بسحب الدرجة العلمية من الدكتور عادل محمد عوض بعدما ثبت في حقه اتهامه بالسرقة، وفق محضر تسلمته المحكمة نوفمبر 2018.
أسباب وحلول
ووفقا لمتخصصين، يجرى كشف سرقة الأبحاث العلمية أو ما يسمى بالانتحال العلمي، من خلال برنامج كشف نسبة الاقتباس على الأبحاث والرسائل العلمية، فإذا تجاوزت نسبة الاقتباس 25% طبقا للكتب والأبحاث السابقة فيصبح متجاوزا ويجرى رفضه، ويعتبر غير صادق علميا ويدرك تحت السرقات العلمية ويحول صاحبه للتحقيق ثم العقوبة التى تصل للعزل من الوظيفة.
وبخصوص تأثير سرقة الأبحاث العلمية، أوضح عاطف العوام، رئيس جامعة عين شمس الأسبق، أن ظاهرة السرقات العلمية تشكل خطرا كبيرا على البحث العلمي وتهدد مسيرته بتأثيرها السلبي من خروج جيل لم يستفد من دراسته.
ولفت في تصريحات صحفية، إلى أن ظاهرة سرقة الأبحاث العلمية لا تقل خطورة عن ظاهرة الغش بالامتحانات، مما يترتب عليه خداع الجامعات بغش الدارس بعد حصوله على ما لا يستحق من درجة علمية وإيهام المجتمع بأنه خبير وعلى درجة علمية عالية.
وأشار إلى أن المشكلة تَكمُنْ في نظام البحث العلمي في مصر الذي يحتاج إلى إعادة نظر لأنه يعتمد على البحث النظري وليس التطبيقي.
معايير اختيار الباحثين
وفي السياق طالب كمال مُغيث، الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، بتغيير معايير اختيار المُعيدين ومن يرغب في تسجيل درجات علمية سواء كانت ماجستير أو دكتوراه من الخارج.
وأوضح أن المعايير الحالية قائمة على المجموع الكبير، وهذه معيار خاطئة، خاصة في ظل نظام يعتمد على الحفظ، وأوضح أن حماية البحث العلمي يتطلب معايير إضافية مُختلفة من بينها:
- اختبار اللجنة الشفهية عمل الطالب بتلخيص لموضوعات معينة ومناقشته فيها لإثبات المهارات والقدرات التي تؤهله لبحث علمي مرموق.
- توفير مرتبات مناسبة تغني الأساتذة عن اللجوء لعمل خارجي وتوفير الوقت الكافي للإشراف على الرسالة والبحث.
- الاهتمام بقضية البحث العلمي على المستوى السياسي بمتابعة الرسائل القيمة التي تناقش بالجامعات الأجنبية.
- تغليظ العقوبة على مرتكبي السرقات العلمية بشكل حاسم لأنها مثل سرقة الأعضاء البشرية، إذ إن تقدم الدول يقاس بالبحث العلمي وليس بالأموال.
مصر الثانية عالميا
زيادة سرقة الأبحاث العلمية والرسائل، جعل مصر تتصدر مؤشرات السرقات العلمية وفق تصريحات أشرف الشيحي، الوزير السابق للتعليم العالي.
وقال وزير التعليم العالي السابق، في ندوة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، عام 2017: إنّ التصنيفات العالمية أكّدت أنّ مصر هي الأعلى في معدلات السرقات العلمية.
وكانت الدكتورة فينيس جودة، قد قالت: إن هناك دراسة دولية تؤكد أنّ مصر تحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم في سرقة الأبحاث العلمية، و”هي فضيحة علمية كبرى”، على حد قولها.
أضف تعليق