“اطلبوا الإسعاف” استغاثات تتردد عشرات المرات يوميا لإنقاذ حياة مرضى ومصابين في حوادث على الطرق، فيما تعاني خدمة الإسعاف في مصر رغم محاولات التطوير.
وعلى الرغم من زيادة أعداد السيارات سنويّا، ووصول أسطولها إلى نحو 3200 سيارة حتى الآن، وتطوير خدمات الهيئة من إسعاف جوي ولانشات نهرية، فإن شكاوى المواطنين مستمرة، نظرا لأن العدد أقل من المعدل العالمي.
خدمة الإسعاف
وفي سياق المعاناة من خدمة الإسعاف، كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع عدد مراكز الإسعاف بنسبة 17.4% خلال عام، لتصل إلى 1464 مركزا خلال عام 2018، مقابل 1774 مركزا في العام السابق عليه، بانخفاض قدره 310 مراكز خلال عام، بينما كان عدد مراكز الإسعاف قد بلغ 1561 مركزا عام 2016.
ولفت جهاز الإحصاء، وفقا للنشرة السنوية لخدمات الإسعاف، إلى أن عدد حالات الإسعاف تقلّص لـ943 ألف حالة سنويا خلال عام 2018 مقابل 1.2 مليون حالة في العام السابق عليه، بانخفاض قدره 332 ألف حالة، بينما كان عدد حالات الإسعاف قد بلغ 1.1 مليون حالة عام 2016.
ويتركز العدد الأكبر من مراكز الإسعاف بمحافظات إقليم الدلتا بعدد 299 مركزا، يليه إقليم القاهرة الكبرى بعدد 266 مركزا، ثم إقليم مدن القناة بعدد 259 مركزا.
فيما بلغ عدد مراكز الإسعاف بمحافظات إقليم جنوب الصعيد 177 مركزا، وإقليم شمال الصعيد 146 مركزا، وإقليم وسط الصعيد 140 مركزا.
وتشكو عشرات القرى من عدم وجود سيارات إسعاف أو وجودها على مسافات كبيرة، أو إغلاق نقاط الإسعاف، ما يعجّل من زيادة إصابة المرضى أو وفاتهم، بدعوى أن هناك مراكز لكل محافظة، ويسهل وصول الإسعاف إلى أي قرية من خلالها.
وفي هذا الشأن، قال وائل سرحان، نقيب العاملين بهيئة الإسعاف: “إن نقاط الإسعاف المُغلقة حاليا كانت في الماضي تابعة للأهالي”، مشيرا إلى أن ذلك كان مسموحا به في الماضي، حينما كان الإسعاف مرفقا وليس هيئة، غير أنه الآن لا يوجد نقاط تابعة للهيئة مغلقة.
وأضاف “سرحان”، في تصريحات صحفية: “أنه كان مسموحا للأهالي ببناء مكان مخصص للإسعاف في نطاق قراهم، على أن يُجرى إرسال سيارة إسعاف تتمركز بهذا المكان، غير أن الهيئة وجدت أن هناك نقاطا منها غير مطابقة للمواصفات، أو أنه وفقا للتوزيع الجغرافي لسيارات الإسعاف، فإن هذا التمركز غير مُفيد”.
أقل من المعدل العالمي
ولفت رئيس نقابة العاملين بهيئة الإسعاف إلى أن تأمين المناطق بسيارات إسعاف في أماكن قريبة لها يجعلها ليست في حاجة لتمركز سيارات إسعاف بها، وخاصة أن عدد السيارات بمصر أقل بكثير عن المُعدل العالمي في هذا الشِق، لذلك فإن الهيئة تحاول أن يكون توزيع سيارات الإسعاف عادلا قدر الإمكان.
وقال: “إن هناك مطالبات تأتيهم لدعم بعض القرى بسيارات إسعاف، وعند مخاطبة المسئولين بالمحافظة التابعة لها يجدون أن هذه القرى مؤمّنة بسيارات في قرى قريبة لها، ولا يُمكن سحب السيارات من القرى المجاورة، حتى لا تحدث أزمات مع سكان القرية المتواجد بها سيارات الإسعاف”.
وبخلاف نقص مراكز الإسعاف، تشهد خدمة الإسعاف مشكلات بالجملة في مصر، بداية من التأخر الملحوظ في إنقاذ الحالة، ورفع التكلفة، حتى أصبحت للأغنياء فقط، ناهيك عن عدم تجهيز السيارات بالشكل الكامل، للتعامل مع الحالات الحرجة، وتهالك بعضها.
شكاوى يومية تتناقلها وسائل الإعلام عن تأخر خدمة الإسعاف، وخاصة على الطرق السريعة، ما يؤدي إلى تدهور صحة المريض، ولا سيما حالات الطوارئ، بسبب عدم وجود مراكز إسعاف كافية.
ووفقا للمواطنين، فإنهم يتصلون بسيارات الإسعاف مرات عديدة متتالية حتى تصل بعدها بساعتين أو أكثر، ويقومون بنقل مرضاهم بسيارتهم الخاصة، ومنهم من يتوفى في الطريق إلى المستشفى.
وبحسب الهيئة، فإن مشكلة تأخر وصول الإسعاف إلى المواطنين ترجع إلى:
- الاتصالات الهادفة إلى المزح وطلب سيارات الطوارئ لأسباب واهية.
- عدم وجود عنوان دقيق.
- ازدحام الطرق.
- مدة طلب خروج سيارة إسعاف.
ويستقبل المركز يوميا ما يقرب من 80 ألف اتصال، 5 آلاف اتصال منها فقط جادة، وتحتاج إلى مساعدة حقيقية.
وعزا نقيب العاملين بهيئة الإسعاف أسباب تأخر السيارات عن إنقاذ المصابين والمرضى إلى زحام الطريق، لافتا إلى أن هناك أعدادا كبيرة في نقل الحالات، ولكن ما تشهده بعض الطرق من الازدحام الشديد، ورغم صفارة الإنذار التي تطلقها سيارة الإسعاف، فإنه لا يوجد استجابة من قائدي السيارات.
للأغنياء فقط
ويشكو مواطنون من ارتفاع تكلفة خدمة الإسعاف، ففي أغسطس الماضي، قررت هيئة الإسعاف المصرية، رفع خدماتها لنقل الحالات غير الطارئة من خمسين جنيها إلى 125 جنيها.
ووضعت جدولا لأسعار النقل بين المحافظات بقيمة خمسة جنيهات لكل كيلو متر، وبحد أقصى خمسة آلاف جنيه، بالإضافة إلى زيادة مستلزمات الإسعاف، مثل: أسطوانة الأكسجين التي باتت بمئة جنيه، مع تأمين قدره 2700 جنيه، بخلاف ما جرى إقراره من زيادات على إسعافات المنافسات الرياضية في الملاعب المختلفة.
وتعليقا على ارتفاع أسعار خدمة الإسعاف، قالت إليزابث شاكر، عضو لجنة الصحة والسكان بمجلس النواب: “إنه في السابق كان يُجرى نقل المريض من منزله إلى أي مستشفى حكومي مجانا، وبسعر رمزي إلى مستشفي الخاص، لكن لائحة الأسعار الجديدة مبالغ فيها”.
وأضافت في تصريحات صحفية: “أن نظير الخدمة المقدمة لا يتناسب على ما يُجرى تقديمه”، مشيرة إلى تردي مستوى الخدمة، فبدلا من هيكلة الهيئة والنهوض بمستواها نقوم برفع أسعار الانتقال للمريض والخدمة كما هي.
أضف تعليق