بين الانخفاض والارتفاع تأرجح معدل البطالة في مصر خلال عام 2019، ليختتم على نحو 8% في الربع الرابع، مقارنة بنحو 7.8% خلال الربع الثالث من 2019.
وعلى الرغم من انخفاض معدل البطالة القياسي السنوي خلال العام الماضي، بما يقرب من 1%، فإن الأرقام الرسمية أكدت ارتفاع معدل البطالة خلال الربعين الماضيين بمقدار 5.%، وهو ما يثير تساؤلات، هل معدلات البطالة مرشحة للزيادة في عام 2020، وخاصة مع ضعف فرص العمل؟
معدل البطالة
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أمس السبت، ارتفاع معدل البطالة في مصر خلال الربع الرابع من العام الماضي (الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2019) إلى 8%، مقابل نحو 7.8% خلال الربع الثالث من عام 2019.
ويعد هذا الارتفاع هو الثاني خلال العام الماضي، بعدما ارتفع المعدل في الربع الثالث.
وبحسب جهاز الإحصاء، فقد سجل معدل البطالة انخفاضا خلال الربع الرابع من العام الماضي، مقابل الفترة نفسها عام 2018، إذ سجل وقتها 8.9%.
وسجل معدل البطالة بين الذكور خلال الربع الثاني من العام الماضي 2019 تراجعا، ليصل إلى 4.2%، مقابل 5.7% خلال الربع الأول من العام نفسه، في حين ارتفع معدل البطالة بين الإناث، ليصل إلى 22.4% مقابل 18.9% في الربع السابق له.
وبلغت نسبة الشباب (15 – 29 سنة) 84.6% من إجمالي المتعطلين، في حين بلغ معدل البطالة في الحضر نحو 9.3%، منخفضا من 9.8% في الربع السابق له، كما هبط معدل البطالة في الريف، ليصل إلى 6.1%، مقابل 6.9% مقارنة بالربع السابق.
وبلغ عدد المشتغلين خلال الربع الثاني من العام الماضي 2019، نحو 25.975 مليون مشتغل، إذ بلغ عدد المشتغلين في الحضر نحو 10.904 ملايين مشتغل، وفي الريف نحو 15.071 مليون مشتغل.
تقرير الجهاز المركزي للإحصاء عن الارتفاع الثاني في معدل البطالة خلال ستة أشهر يأتي في ظل وجود توقعات عالمية بارتفاع معدل البطالة العام المقبل مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، واستقرار المعدل بعد تحقيق تراجعات على ست سنوات.
وذكرت منظمة العمل الدولية في تقريرها السنوي: أن معدل البطالة استقر عند 5.4% في 2019، أو 188 مليون عاطل عن العمل، ومن المتوقع أن يظل عند هذا المستوى في 2020، وأن يرتفع إلى 5.5% في 2021.
وفي سياق ضعف فرص العمل، بيّنت ورقة بحثية عن منتدى البحوث الاقتصادية بعنوان “هل يخلق الاقتصاد المصري وظائف جيدة، خلق فرص العمل والضعف الاقتصادي من 1998 إلى 2018″، أن محاولات التعافي الاقتصادي خلال العقد الماضي لم تُسفر في واقع الأمر عن توفير فرص عمل جديدة.
وبحسب الأرقام الرسمية تحتاج مصر إلى فرص عمل جديدة تصل إلى مليون فرصة سنويا، لاستيعاب المتخرجين لسوق العمل، الذين تتراوح أعدادهم ما بين 650 إلى 750 ألف خريج كل عام، بجانب تراكمات بطالة هيكلية، تحدث بسبب الركود الطويل في بيئة الأعمال، بحسب ما أعلنه أسعد عالم، المدير القطري لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي.
أما مدونة البنك الدولي، فتشير إلى أنه في حالة الدول التي لديها مشكلة بطالة هيكلية ولا تكون هناك فرص عمل كافية، أو على الأقل العدد الكافي من الوظائف الجيدة، فقد لا يكون أمام الحكومة خيار آخر سوى تحفيز الاستثمارات، وخلق فرص العمل، وهو ما ينطوي على زيادة الطلب الكُلي أو الاستثمارات التي تستهدف قطاعات محددة.
مجالات العمل
وفيما يخص تراجع معدل البطالة السنوي، أوضحت ماجدة شلبي، أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن البطالة تعد من إحدى القضايا ذات التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية.
وأرجعت شلبي انخفاض البطالة إلى برامج الإصلاح الاقتصادي، إذ جرى إنشاء العديد من المشروعات القومية كثيفة استخدام العمالة، مثل: العاصمة الإدارية الجديدة، وشبكات الطرق والكباري.
وأشارت إلى استمرار ارتفاع معدلات البطالة بين المتعلمين، وما يشير إلى أهمية اللجوء إلى تعديلات جذرية في سياسات التعليم ومخرجات العملية التعليمية في ظل استمرار واضح للبطالة الهيكلية الناتجة عن تشوّه العرض والطلب في سوق العمل.
الهيكل الإداري
ورغم البيانات والأرقام الإيجابية غير المسبوقة عن انخفاض البطالة، فإن عددا من المراقبين يروْن أن معدلات الانخفاض لم يكن لها نتائج ملموسة على سوق العمل، وخاصة مع استمرار إغلاق المصانع التي تجاوزت 5800 مصنع.
وقال رضا لاشين، الخبير الاقتصادي، مدير منتدى الدراسات الاقتصادية والسياسية المصرية: “إن 65% من القوى العمالية في مصر من الشباب، وهم نحو 27 مليون مواطن”، مشيرا إلى أن الدولة تعاني مشكلات في الهيكل الإداري، إذ يصل حجم العمالة إلى 6.5 ملايين لخدمة 100 مليون”.
وأشار لاشين، في تصريحات صحفية، إلى أهمية التوسع في المشروعات القومية ومشروعات القطاع الخاص، لاستيعاب مزيد من حجم القوى العاملة.
وأوضح أن معدلات البطالة ارتفعت بعد ثورة 25 يناير بصورة كبيرة، وخاصة أن القطاع غير الرسمي استوعب معدلات كبيرة من العمالة بعد إغلاق عدد كبير من مشروعات الاقتصاد الرسمي.
وأضاف: “أن معدلات البطالة انخفضت في ظل زيادة المشروعات خلال السنوات الأخيرة، التي استوعبت عدد كبير من العاملين، إضافة إلى استقرار الأوضاع الأمنية التي ساهمت في عودة جميع القطاعات الرسمية للاتزان، بجانب تقلص الاقتصاد غير الرسمي، وضمه إلى نظيره الرسمي”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن عمالة المقاولات تصل إلى 6 ملايين عامل، ثم قطاع السياحة الذي يتخطى 4.5 ملايين عامل، وباقي العاملين موزعون على جميع القطاعات.
وطالب بخطة إستراتيجية قومية لتأهيل وتدريب وتشغيل العمالة وتصدير العمالة للخارج، بشرط أن تكون على درجة عالية من مستويات وفقا للمعايير العالمية.
أضف تعليق