أزمات عديدة يواجهها أصحاب مزارع الدواجن ومربوها، بدءا من تقلبات الطقس والأمراض، ومرورا بارتفاع أسعار العلف ومدخلات الإنتاج والغاز والكهرباء، وانتهاء بقوانين وتشريعات وصفوها بأنها “تخدم مصالح رجال الأعمال”.
صناعة الدواجن ماتزال ملجأ المواطنين في الحصول على غذاء البروتين، لرخص سعره مقارنة بمصادر البروتينات الأخرى، إلا أنها صناعة محفوفة بالمخاطر، كون رأس المال يحتاج لرعاية وحذر وتحصين من الأمراض، ما أدى بكثير من المزارع إلى الإغلاق.
وفي تصريحات صادمة، أعلنت شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية أن نسبة مزارع الدواجن التي خرجت من السوق مؤخرا تراوحت بين 30% و40%، بسبب مشكلات تتعلق بارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة بالمقام الأول.
وقال عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية: إن ذلك يأتي في الوقت الذي لم يصل فيه سعر كيلو الدواجن خلال الفترة الماضية إلى السعر العادل، الذي من شأنه أن يحافظ على استقرار المزارع.
أزمة مستمرة
تصريحات رئيس شعبة الدواجن جاءت تأكيدا لتصريحات سابقة لمنى محرز، نائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والداجنة، التي أعلنت، في 28 فبراير من العام الماضي، أن 40% من مزارع الدواجن مغلقة نتيجة ارتفاع أسعار التدفئة في فصل الشتاء وانخفاض البرودة في المزارع نتيجة نقص المعايير، ما يعني أن المشكلة ماتزال قائمة منذ أكثر من عام، وهو ما ينذر بتفاقم مشكلة الأسعار وتأثر المستهلك على المدى القريب بحسب مختصين.
وأشارت محرز، في تصريحات صحفية، إلى قانون منع تداول الطيور الحية، الذي صدر منذ عام 2009، لمنع التلوث البيئي خاصة مع وجود إنفلونزا الطيور، لمنع انتشار الأمراض، وبدأ تطبيقه بالقاهرة والجيزة وبعدها في عواصم بعض المحافظات.
وهنا تبرز أزمة أخرى، إذ أعلن أصحاب مزارع الدواجن رفضهم تطبيق قانون حظر تداول الدواجن الحية بالشكل الحالي، ووصفوه بأنه “يخدم كبار رجال الأعمال الذين يملكون مجازر آلية”، ويمثل إعداما للمربين وأصحاب المحلات.
خسائر كبيرة
وبالانتقال إلى أسباب أخرى أدت إلى أزمات مزارع الدواجن، يأتي في مقدمتها ارتفاع الأسعار، وارتفاع المدخلات مقابل الإنتاج، إذ كشف البدري حسن، صاحب مزرعة دواجن، أن ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج من أعلاف وخدمات أخرى كانت سببا في البيع بسعر أقل من التكلفة.
وأضاف حسن أن نسبة كبيرة من الخسائر التي يشهدها القطاع ترجع إلى ارتفاع أسعار الخدمات، ومنها أسعار الكهرباء والغاز والعمالة.
بينما أوضح طارق سليمان، رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة، أن تلاعب السماسرة هو السبب الحقيقي لهذه الأزمة، مشيرا لضرورة وضع قواعد لضبط الشراء والبيع ومشاركة المنتج الصغير بكميات بيع للشركات المسيطرة على السوق.
وقف الاستيراد
بدوره، قال السيد محمد بدوي، أستاذ صحة الدواجن بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة: إن مزارع الدواجن تشهد انهيارا كبيرا يتمثل في توقف عمل العشرات منها لتحقيقها خسائر كبيرة لا يستطيع المنتجون تحملها، لأسباب منها: وجود أمراض ضاربة تحصد الآلاف من الطيور كالنيوكاسل وإنفلونزا الطيور والالتهاب الشعبي المعدي.
وأضاف بدوي، أن تكلفة الإنتاج زادت بشكل كبير نتيجة لارتفاع أسعار مكونات الأعلاف ونتيجة لنفوق أعداد كبيرة من الطيور بعد تفشي العديد من الأمراض، ولفشل برامج التحصين واللقاحات المستخدمة فى تكوين بنية مناعية تكفى لحماية الطيور، ولارتفاع الأجور والكهرباء والغاز والسولار.
وكشف بدوي أن السبب المباشر وراء تدني أسعار بيع الطيور وبيض المائدة هو ضعف السيولة النقدية لدى شريحة ضخمة من المستهلكين، وهو أمر لا يمكن تداركه أو إصلاحه إلا بقرارات سيادية أو اللجوء إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب.
ويؤكد أستاذ صحة الدواجن أن على أجهزة الدولة أن تتوقف عن استيراد آلاف الأطنان من الطيور المجمدة ذات الأسعار المتدنية والتي يؤدي استيرادها إلى إحداث خلل كبير في آليات العرض والطلب.
أين الحل؟
وبعد عرض مشكلات ارتفاع أسعار المدخلات ورخص المستورد وأمراض الدواجن وقانون حظر تداول الدواجن الحية، يوضح رئيس شعبة الدواجن أن أحد الحلول يكمن في آليات تفعيل دور بورصة الطيور والدواجن لنشر أسعار الأعلاف والبيض الحقيقية على أرض الواقع لمواجهة ارتفاع أسعار الفراخ.
وبين أنه لا بد من توافر مساحات وقطع الأراضي لإنشاء مزارع الدواجن فى الظهير الصحراوي لزيادة الطاقات الإنتاجية، فضلا عن التشريعات اللازمة للتسهيل عند عملية تسجيل المزارع.
وبخصوص ذلك قال النائب إيهاب غطاطي، في أكتوبر 2018، إنه ستكون هناك مهلة لمربي الدواجن من أجل نقل مزارعهم إلى الظهير الصحراوي، ومن المتوقع حصول مربي الدواجن على قروض بنسبة 5% من جانب المركزي، فضلا عن الإعفاء الضريبي، وتوفير القروض الميسرة، والبنية التحتية من جانب الدولة.
مزارع الدواجن × أرقام
ويعمل في صناعة الدواجن بمصر حوالي 2.5 مليون عامل، ويبلغ حجم استثماراتها وفقا للأرقام المعلنة 65 مليار جنيه، وتنتج سنويا ما يقرب من مليار و250 مليون كتكوت وحوالي مليار دجاجة و12 مليار بيضة.
كما يصل عدد المزارع لحوالي 40 ألف مزرعة تقريبا على مستوى الجمهورية، وبشكل عام يبلغ إنتاج مصر من الثروة الداجنة 1.6 مليون طن سنويا.
وأوضحت نائب وزير الزراعة أن مزارع الدواجن المرخصة حتى منتصف فبراير 2019، بلغ نحو 10731 مزرعة، وعدد مصانع الأعلاف المرخصة 1493 مصنعا، بإجمالي 12290 منشأة ثروة داجنة.
بينما كشف أستاذ صحة الدواجن، في أكتوبر الماضي، أن عدد مزارع الدواجن فى مصر نهاية 2018 تجاوز 100 ألف مزرعة تنتج نحو 1.3 مليار من بداري التسمين و80 مليار بيضة من بيض المائدة، فضلا عما يزيد على 3 ملايين من البط سريع النمو، و300 مليون من الطيور التي تربى في المنازل.
أضف تعليق