يتعامل المسئولون في الدولة مع الزيادة السكانية وارتفاع معدلاتها على أنها كابوسا يهدد شتى مجالات التنمية، بل ويمتد للأمن القومي، وتؤكد تصريحاتهم في مختلف المحافل نظرتهم إليها كعامل مشترك، يتسبب في تأخر جني ثمار الإنجازات في المجالات المختلفة.
ورغم الجهود المبذولة للحد من الزيادة السكانية، وعمل أجهزة الدولة وفق خطة لخفض معدلات الخصوبة، فإن النتائج ما زالت غير مُرضية للمسئولين، وخاصة بعد إعلان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، أمس، وصول عدد المصريين إلى 100 مليون نسمة.
واحتلت مصر بذلك المركز الرابع عشر عالميا، والأولى بين الدول العربية والمرتبة الثالثة بين الدول الإفريقية بعد كلّ من نيجيريا وإثيوبيا.
الزيادة السكانية
وتوالت تصريحات وتحذيرات المسئولين على هامش مؤتمر الإعلان عن وصول سكان مصر إلى 100 مليون نسمة، أمس الثلاثاء.
وقالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية: “إن الساعة السكانية، منذ بدء عملها من منتصف عام 2012، يعتبرها الجهاز والمجتمع بمثابة جرس إنذار للزيادة السكانية”.
وأضافت: أن استمرار مستويات النمو السكاني على معدلاتها الحالية له عواقب خطيرة على المجتمع، منها:
- استنزاف عوائد التنمية والإنتاج.
- انخفاض مستوى المعيشة.
- ارتفاع معدلات التضخم.
- تراجع في توفير الخدمات الضرورية.
وأشارت السعيد إلى أن استمرار الزيادة السكانية على هذا النحو له آثار سلبيـة في النواحي الاجتماعية، أهمها:
- تراجع نصيب الفرد في السكن والخدمات التعليمية والصحية، وخلق فرص العمل.
- ارتفاع نسب البطالة، والفقر، والأمية.
- زيادة معدلات الزواج المبكر.
وأشادت وزيرة التخطيط باهتمام القيادة السياسية بالمشكلة السكانية، ووضعها في مقدمة أولويات العمل في الفترة المقبلة.
التعليم والصحة
وفي مجال التعليم، حذّر خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، من عواقب الزيادة السكانية، لافتا إلى أنه من المتوقع وصول عدد الطلاب إلى 38 مليون طالب بحلول عام 2052 في حالة وصول عدد السكان إلى 192 مليون نسمة، وذلك مقابل 20 مليون طالب حاليا.
وأوضح أن وصول عدد الطلاب إلى هذا الرقم سيحتاج إلى زيادة عدد المدرسين إلى نحو 1.8 مليون مدرس مقابل 964 ألف مدرس، وأن يصل عدد المدارس إلى 70 ألف مدرسة مقابل 37 ألف مدرسة حاليا.
وفي حوار تلفزيوني سابق، قال طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم: “إن الوزارة حاليا في سباق مع الزيادة السكانية”، موضحا أن مشكلة كثافة الفصول بالطلاب ليست صنيعة النظام الحالي، بل مشكلة موروثة، سببها ارتفاع معدلات زيادة السكان”.
وفي مجال الصحة، أشار بركات إلى أن وصول عدد سكان مصر إلى هذا الرقم يعني أنها ستكون بحاجة إلى زيادة عدد الأطباء إلى 257 ألف طبيب، مقابل 128 ألف طبيب حاليا، بنسبة زيادة 100.8%.
كما ستحتاج مصر -في حالة وصول عدد السكان إلى 192 مليون نسمة- إلى زيادة عدد الممرضين إلى 429 ألف ممرض، مقابل 214 ألف ممرض حاليا، بنسبة زيادة 100.5%، على أن يتضاعف عدد المستشفيات إلى 4 آلاف مستشفى، مقابل 2000 مستشفى حاليا، بحسب بيانات الجهاز.
وصرحت هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، خلال مؤتمر صحفي، يوليو الماضي، بأنها توجه دائما بوضع حلول غير تقليدية للحد من الزيادة السكانية، وتحسين الخصائص السكانية، من خلال خطط طموحة تنتهجها الوزارة بالتعاون مع كافة الوزارات والهيئات المعنية.
وأوضحت أن ذلك يأتي في إطار تنفيذ توجيهات القيادة السياسية للبلاد بمواجهة الزيادة السكانية غير المنضبطة، والحد منها، كونها تشكل عائقا أمام خطط التطوير، ومنها: القطاع الطبي.
أخطر من الإرهاب
ووصف رئيس جهاز الإحصاء، أمس، مشكلة الزيادة السكانية بأنها من أخطر المشكلات التي تشهدها مصر، وتوازي ما يعانيه المجتمع من إرهاب، على حد وصفه.
وفي السياق ذاته، قال محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب خلال بيان له: “إن الزيادة السكانية لا تقل خطورة على الدولة عن الإرهاب، والحل ليس مسئولية جهة بعينها”.
وطالب أبو حامد كافة الوزارات والمؤسسات بالعمل على حل الأزمة، وزيادة وعي المواطنين حول خطر الزيادة السكانية.
وعلى الصعيد، تقدم ماجد طوبيا، عضو مجلس النواب، بطلب مناقشة عامة عن نتائج تطبيق الإستراتيجية القومية للسكان “مصر 2030”.
وقال النائب: “إن الزيادة السكانية لا تقل خطورة عن الإرهاب، وتقلل نصيب الفرد من الناتج القومي، وتنعكس بشكل مباشر وصريح على نتائج المشروعات القومية، ما يستوجب ضرورة تضافر الجهود جميعها، والوزارات والقطاعات المعنية بهذا الأمر، على رأسها: الصحة، التربية والتعليم، الشباب والرياضة، والأوقاف، والإعلام، يقع على عاتقها نصيب كبير في هذه المهمة”، وفقا له.
وفي تصريحات تلفزيونية، قال بهاء أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب ورئيس حزب الوفد: “إن الزيادة السكنية أخطر من الإرهاب، تلتهم النمو الاقتصادي”.
تصريحات المسئولين وتخوفاتهم من آثار الزيادة السكانية جاءت مع تكرار تحذير الرئيس عبد الفتاح السيسي في عدة مناسبات، إذ أكد من خلالها أن هناك تهاونا مع الزيادة السكانية، مشدّدا على ضرورة التعامل معها بالجدية اللازمة.
وفي يوليو الماضي، قال السيسي، خلال المؤتمر الأول لمبادرة حياة كريمة: “هل من المناسب عدد الأبناء يكون فوق طاقتي، وفوق طاقة الدولة.. طيب ده هنعمل فيه إيه؟”.
وأضاف السيسي: “لازم فرق المتابعة الخاصة بمبادرة حياة كريمة تسأل الناس.. الأطفال دي هنعمل فيهم إيه؟ وهتبقى فرص شغلهم فين؟ وهيتعلم إزاي؟ وهيكون ليه بيت إزاي؟ كله هيبقى فوق طاقة مصر”.
وفي تصريح سابق له، قال الرئيس: “إن الزيادة السكانية هي تحدي التحدي، وأن أكبر خطرين يواجهان مصر هما الإرهاب والزيادة السكانية”.
أضف تعليق