“ما بين دعوات الإلغاء ومطالبات بعودة الدين مادة أساسية أو إضافة منهج موازٍ لها” يقف منهج التربية الدينية، الذي يعاني تهميشا لسنوات، حائرا بين الوعود والتحديث، في ظل الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني، والبداية به من المدارس.
ومؤخرا، تجددت مطالب بعودة الدين مادة أساسية في المدارس، يُجرى إضافتها للمجموع، من أجل ترسيخ المفهوم الديني الصحيح للطلاب، تزامنا مع الدعوات الرسمية لتجديد الخطاب الديني، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
الدين مادة أساسية
ويرى خبراء في التعليم أن تجديد الخطاب الديني يبدأ من المدرسة، من خلال الاهتمام بحصة الدين، والمقررات التي أصبحت عبارة عن معلومات عامة، مطالبين بضرورة عقد ندوات ولقاءات للطلاب مع متخصصين بما ينشر القيم والتعاليم السمحة.
ودعا بهاء الدين أبو شقة، رئيس حزب الوفد، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب الحكومة، أمس الاثنين، إلى عودة الدين كمادة أساسية تُدرّس في المدارس، على أن يدرس كل طالب ديانته، موضحا أن جميع الأديان السماوية تدعو إلى الفضائل، ومكارم الأخلاق، والتعامل الإنساني مع الآخر.
وأكد “أبو شقة” ضرورة ترسيخ المفهوم الديني بالنسبة لطلاب المدارس، لأنها مسألة جوهرية، فجوهر الأديان واحد، وجميعها تشجع على التسامح، وترتكز حول ركائز واحدة، وهي الفضيلة وقيمة الإنسان في التعامل مع نفسه وجاره ونصرة المظلوم.
وتابع أبو شقة: “أن هناك تهميشا في المدارس لمادة التربية الدينية، وهو سبب رئيسي في أنها ليس مادة أساسية، فوجودها كمادة أساسية سيساعد الطلاب بشكل كبير على الاهتمام بها، إضافة إلى أن مادة التربية الدينية تساعد على نشر الأخلاق، لأن الأديان كلها تدعو إلى التسامح”.
فيما اعتبر عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب: “أن عودة الدين مادة أساسية في المدارس سيكون له دور قوي في مواجهة الإرهاب، وتعليم الدين الصحيح للطالب”، لافتا إلى أن عدم اعتبار هذه المادة كأساسية تضاف للمجموع جعلها دون أهمية.
وأضاف أمين، سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، في تصريحات صحفية: “أنه سيتقدم بطلب عاجل إلى البرلمان، موجه إلى وزير التربية والتعليم، للمطالبة بأن يصدر قرارا باعتبار أن الدين مادة أساسية تضاف إلى المجموع، وأن يُجرى العمل على إعداد محتواها من خلال الأزهر والكنيسة، وأن يكون المحتوى يساعد على تعاليم الطلاب الدين الصحيح”.
ولفت إلى أن وجود المادة أساسية سيساعد الطلاب بشكل كبير على الاهتمام، إضافة إلى أنها تساعد في ظل مطالبات تجديد الخطاب الديني الذي تطالب به الدولة.
آثار سلبية
ووفقا لمراقبين، فإن عدم اعتماد الدين مادة أساسية كان له آثار سلبية وتداعيات على المجتمع، إذ قالت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم: “إن أغلب طلاب المراحل التعليمية يذاكرون ويراجعون مادة التربية الدينية قبل الامتحان بيوم أو يومين فقط”.
وأضافت عبير، في تصريحات صحفية: “أنها علمت من عدد كبير من الأمهات أن أبناءهم يفتحون كتاب مادة التربية الدينية لأول مرة تقريبا قبل الامتحان بيوم واحد”، واصفة ذلك بـ”الكارثة”.
ولفتت عبير النظر إلى أن أحد الأسباب الرئيسية لتدهور المجتمع وانتشار التحرش والعادات السيئة والسرقات وغيرها هو تجاهل مادة التربية الدينية، وعدم اهتمام الطلاب بما تحتويه من مواضيع مهمة، تفيدهم في الحياة اليومية والعملية، سواء في تعاملاتهم مع زملائهم وأصدقائهم وأسرهم وداخل العمل.
وطالبت عبير أولياء الأمور بتشجيع أبنائهم على مذاكرة وفهم ومراجعة موضوعات كتاب التربية الدينية أولا بأول، وعدم تجاهلهم له، على اعتبار أنه خارج المجموع.
واستطردت: “مذاكرة والاستفادة من موضوعات التربية الدينية في حياة الفرد أهم بكثير من الحصول على درجات”، بينما ناشدت وزارة التربية والتعليم والأزهر الشريف بضرورة التنبيه على المدارس بالتشديد على الطلاب في مراجعة وفهم منهج مادة التربية الدينية”.
مطالب ليست جديدة
عودة الدين مادة أساسية تضاف للمجموع الكلي مطالب ليست بجديدة، إذ تقدم شكري الجندي، وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، في عام 2017، بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون وزارة التربية والتعليم “الخاص بالمواد الدارسية والمناهج”، لاعتبار التربية الدينة الإسلامية والمسيحية مادة أساسية.
ويهدف التشريع إلى أن يكون هناك اهتمام داخل البيئة المصرية بمادة التربية الدينية، لأن عدم إضافتها كمادة أساسية أدى إلى إهمالها من تلاميذ المدارس، ما جعل عقولهم فارغة من تعاليم الدين.
وعكفت لجنة التعليم بـ”بيت العائلة”، الذي يشرف عليه شيخ الأزهر، في عام 2016، على إعداد وثيقة تعليمية، تهدف إلى تطوير مادة التربية الدينية بمشاركة الكنيسة القبطية، بإدراج موضوعات دينية تتصل بالقيم والأخلاق والثوابت الوطنية المصرية، وأسس الحوار البناء.
وأوصت اللجنة في وثيقتها بضرورة إضافة مادة التربية الدينية “إسلامية ومسيحية” إلى المجموع، على أن تبدأ دراسة التربية الدينية منذ المرحلة الابتدائية وحتى الشهادة الثانوية بتسلسل في الموضوعات المطروحة، وبما يتوافق مع طبيعة الطلاب في كل مرحلة دراسية، وحتى يستذكر الطلاب المادة جيدا، ويعي ما تتضمنه.
وبخلاف المطالبات بعودة تدريس التربية الدينية كمادة تضاف للمجموع، كان طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قد أعلن تفاصيل مبادرة تدريس كتاب الدين المشترك في المدارس، بدءا من العام الدراسي المقبل.
وقال وزير التعليم في تصريحات صحفية: “إن الفكرة لا تعني أننا سنلغي تدريس كتاب الدين الإسلامي والدين المسيحي مثلما اعتقد البعض”.
وأضاف شوقي: “سيُجرى تأليف كتاب مشترك باسم التربية الدينية لتدريس (الأخلاق والمعاملات) إلى جانب تأليف كتاب آخر لكل دين، سواء إسلامي أو مسيحي لتدريس (العقائد والعبادات)”.
أضف تعليق