ضخ الغاز الإسرائيلي لمصر.. ماذا عن الاكتفاء الذاتي؟

ضخ الغاز الإسرائيلي لمصر.. ماذا عن الاكتفاء الذاتي؟
بدء استقبال الغاز الطبيعي من إسرائيل، استعدادا لإسالته في مصر- مصر في يوم

أثار بدء ضخ الغاز الإسرائيلي لمصر، اليوم الأربعاء، لأول مرة في تاريخها بعد أن كانت مصدرة، تساؤلات عديدة عن الاكتفاء الذاتي الذي أعلنت الحكومة الوصول إليه في 2018، وتحقيق فائض في 2019، ومدى جدوى تلك الخطوة.

ووفقا لمراقبين فإن استيراد الغاز من إسرائيل يأتي في إطار تنفيذ مخطط تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة، فضلا عن تسوية قضايا التحكيم الدولي، ورخص سعر الغاز الإسرائيلي مقارنة بالغاز المسال.

استيراد الغاز الإسرائيلي

وفي سياق الحديث عن بدء استيراد الغاز الإسرائيلي أعلنت اليوم، وزارة البترول بدء استقبال الغاز الطبيعي من إسرائيل، استعدادا لإسالته عبر محطات الإسالة في مصر، ثم إعادة تصديره مرة أخرى.

وتنتظر مصر خطوة ثانية في إطار التحول لمركز طاقة إقليمي، عبر استيراد الغاز من حقل “أفروديت” القبرصي، لإسالته وإعادة تصديره هو الآخر.

ومن المتوقع أن يوافق كل من وزراء الطاقة في مصر وقبرص واسرائيل واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين على تأسيس منظمة إقليمية للغاز خلال انعقاد القمة، التي ستعقد غدا في القاهرة.

ووفقا لمصادر في قطاع البترول، فإنه من المخطط الوصول بكمية الغاز المستوردة تدريجيا إلى ما يقرب من 7 مليارات متر مكعب بحلول 2022، عبر خط أنابيب شرق المتوسط، الذي كان يستخدم سابقا في تصدير الغاز المصري لإسرائيل والمتوقف منذ سنوات.

ويأتي استيراد الغاز الإسرائيلي بعد اتفاق وقعته الشركات الإسرائيلية والمصرية، لاستيراد الغاز من حقلي “ليفياثان وتمار” الإسرائيليين للغاز بنحو 20 مليار دولار، في فبراير 2018.

مركز إقليمي للطاقة

وفي فبراير 2018 صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن مصر  وضعت قدمها على الطريق صوب أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة في الشرق الأوسط، وذلك على خلفية إبرام اتفاق لاستيراد الغاز الإسرائيلي.

وقال السيسي: إن مصر “أحرزت هدفا” باتفاق استيراد الغاز الإسرائيلي الذي وقعته شركة خاصة هذا الأسبوع.

وتمتلك مصر محطتي إسالة في إدكو ودمياط،، إذ يحتاج الغاز الطبيعي إلى تحويله لمادة سائلة من أجل تحميله على السفن وتصديره.

وكانت هذه الوحدات توقفت عن العمل في السنوات الأخيرة، بسبب نقص الإنتاج المحلي من الغاز، وتأمل مصر في إعادة تشغيل هذه المحطات من أجل تصدير كميات من الغاز الخاص بها، أو الغاز المكتشف في الدول المجاورة مثل إسرائيل وقبرص.

الاكتفاء الذاتي

وتأتي خطوة بدء استيراد الغاز الإسرائيلي رغم إعلان وزارة البترول عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بنهاية 2018 بعد زيادة إنتاج حقل ظهر، وتحقيق فائض في 2019.

وفي هذا السياق قال طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية: إن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي في أكتوبر 2018.

وأضاف في تصريحات تلفزيونية: أن مصر استأنفت تصدير الغاز الطبيعي إلى الأردن، معتبرا أن ذلك يعد أمرا مهما بسبب الإحراج الذي سببه انقطاع التصدير إليها.

وعن الدعم المقدم للغاز، قال وزير البترول: “لا ندعم الغاز بأي صورة من الصور أو الغاز الموصل إلى المنازل أو المصانع، لكننا ندعم أسطوانة البوتاجاز”.

أسباب الاستيراد

وعن أسباب استيراد الغاز الإسرائيلي رغم تحقيق الاكتفاء الذاتي، يرى مراقبون أن استيراد الغاز من الخارج سيوفر تأمينا إضافيا للاحتياجات المصرية من الغاز الطبيعي حتى لو كان ذلك سيجرى عبر الشركات الخاصة.

وقال أسامة كمال وزير البترول الأسبق: إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، لا يعني أن مصر لا تحتاج إلى استيراد الغاز سواء من قبرص أو إسرائيل.

وأضاف كمال في تصريحات صحفية، أن “ملف توريد الغاز الإسرائيلي أو القبرصي إلى مصر، مختلف عن ملف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز”.

وأوضح أن المفاوضات مع الأطراف الإسرائيلية أو القبرصية تستهدف إعادة تشغيل وحدات الإسالة المصرية المتوقفة نتيجة عدم كفاية الغاز المصري للتصدير.

وذكر كمال أن مصر فتحت سوق الغاز بعد إقرار قانون تنظيم الغاز الطبيعي، ومن حق شركات القطاع الخاص استيراد الغاز من أي طرف من الخارج لاستخدامها في مشروعاتها الخاصة مقابل دفع رسوم مرور هذا الغاز في الشبكة المصرية.

فيما يرى جمال عبدالجواد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن استيراد الغاز الإسرائيلي يأتي في إطار “استئناف لعلاقة اقتصادية تعثرت لفترة ثم عادت مرة أخرى”.

ورفض الباحث المصري اعتبار الشراكة الاقتصادية حلفا سياسيا، موضحا أن “التحالف هو التزام على الحلوة والمرة بين الأطراف المتحالفة والتعهد على مساندة بعضهم البعض في جميع الأحوال، أما الشراكة فتقوم بالأساس على تحقيق المنفعة المتبادلة”.

ويرى آخرون، أن خطوة استيراد الغاز الإسرائيلي تأتي في إطار تسوية الغرامات وقضايا التحكيم الدولي، إذ يقول مدحت يوسف النائب السابق لرئيس الهيئة العامة للبترول في مصر والاستشاري بمجال الطاقة: إن  مصر لن تدفع أي شيء.

وأضاف في تصريحات صحفية، أنه سيجري تسديد الجزء الأكبر من الغرامات التي أعلنت من قبل هيئة التحكيم الدولية بعد تفجير خط الغاز ووقف التصدير من خلال سماح مصر بتصدير الغاز الإسرائيلي عبر أراضيها وتخفيضها لتكلفة نقله لأي دولة أخرى عبر تسهيلات التصدير المصرية.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *