“التحرش بطل المناسبات في مصر”، فلا تكاد تخلو مناسبة من وقائع تحرش تهز الرأي العام، وتثير موجة من الغضب، آخرها واقعة التحرش بفتاة المنصورة في احتفالات رأس السنة.
ورغم تجريم القانون ووجود فتاوى تُحرّم، فضلا عن الإنكار المجتمعي، فإن التحرش في المناسبات أصبح من الظواهر السلبية التي ضربت مصر خلال السنوات الأخيرة.
وشهدت مصر خلال العام الماضي 2019 منحدرا خطيرا، وصل إلى حد القتل والاعتداء على الضحية أو مَن يدافع عنها، أبرزها واقعة قتل محمود البنا، وفتاة العياط.
التحرش في المناسبات
وعاد الحديث عن التحرش في المناسبات بمصر، بعد واقعة التعدي على فتاة لم تتجاوز العشرين عاما في رأس السنة بالمنصورة، وتعالت صيحاتها وصرخاتها وسط الشارع.
وتداول ناشطون، أمس الأربعاء، مقاطع فيديو لفتاة تستغيث وهي تتعرض لتحرش جماعي في شارع المشاية بمدينة المنصورة في محافظة الدقهلية، أثناء الاحتفال بليلة رأس السنة.
ويظهر الفيديو تجمهر عدد كبير من الشباب حول الفتاة، والتحرش بها جنسيا، إلى أن تمكن شباب من إنقاذها، ووضعها داخل سيارة، انطلقت بها بعيدا عن مكان الواقعة.
وقام أحد المتواجدين بفتح سيارة صغيرة موجودة بالمكان، وأدخلها فيها بعيدا عن أيدي الشباب، وظهرت الفتاة بالفيديو وقميصها ممزق.
وأثارت واقعة التحرش غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بسرعة القبض على الشباب المتورطين في الواقعة، وتقديمهم للمحاكمة.
وعبر هاشتاج “التحرش_زاد_بسبب” طرح رواد مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلا عن أسباب انتشار الظاهرة، كاشفين عن العديد من الأسباب التي أدت لذلك من وجهة نظرهم.
وتلخصت الأسباب من وجهة نظر الناشطين في غياب الوازع الديني والأخلاقي، فيما ألقى آخرون اللوم على الأسرة في تربية الأبناء.
ووصف مراقبون الشخص المتحرش بأنه شخصية غير سوية، ويعاني من أمراض نفسية، إذ قالت صافيناز عبد السلام، استشاري الطب النفسي: “إن مَن قام بالواقعة مريض نفسي، يحتاج إلى التدخل النفسي”.
وأضافت عبد السلام، في تصريحات صحفية: “أن الشخص المتحرش غير سوي، ويعاني من مشكلات نفسية، تدفعه إلى التحرش”.
وتابعت: “أن هؤلاء الأشخاص يعانون من اضطراب الشخصية السيكوباتية، إذ تتميز بتكرار للفعل الخاطئ، لذلك فإن الشخص الذي يقوم بفعل التحرش الجنسي لمرة واحدة على الأرجح سيفعله مرات متتالية”.
وعن أسباب انتشار ظاهرة التحرش، خصوصا في الأعياد والمناسبات، أرجعت عبد السلام، السبب إلى غياب الوعظ الديني، بالإضافة إلى الانهيار الأخلاقي، الذي تسبب في غياب الوعي والعقل عند ارتكاب مثل هذه الوقائع.
وطالبت بتغليظ العقوبة على المتحرش من خلال الحبس، بالإضافة إلى علاجه، حتى يكون شخصا نافعا بالمجتمع.
حرام شرعا
وفي هذا الصدد، أفادت دار الإفتاء المصرية بأن التحرش الجنسي لا يصدر إلا عن ذوي النفوس المريضة، والأهواء الدنيئة، التي تتوجّه همّتها إلى التلطّخ والتدنّس بأوحال الشهوات، بطريقة بهيمية، وبلا ضابط عقليّ أو إنساني، مؤكدة أنه حرام شرعا، وكبيرة من كبائر الذنوب، وجريمة يُعاقب عليها القانون.
وأضافت في بيان لها: “أن الشرع عظّم من انتهاك الحرمات والأعراض، وقبّح ذلك، ونفّر منه، وتوعّد فاعل ذلك بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، سواء كان ذلك قولا أو فعلا.
وكشف مركز المرأة للإرشاد القانوني والتوعية عن عقوبة الشخص المتحرش طبقا للقانون، إذ أوضح أن المادة 36 (ا) تنص على ما يلي: “يُعاقب المتهم بالسجن لمدة ستة أشهر على الأقل، وبغرامة تتراوح بين 3.000 جنيه و5.000 جنيه، أو بواحدة من هذه العقوبات، أي شخص تعرض للآخرين في مكان عام أو خاص”.
وأضاف: “أن العقوبة هي السجن لمده لا تقل عن سنة واحدة، وغرامة لا تقل عن 5.000 جنيه، ولا تزيد على 10.000 جنيها، أو واحدة من هذه العقوبات، إذا كان الفعل يتكرر من قِبَل الجاني من خلال الملاحقة والتعقب للضحية.
التحرش في 2019
وفي سياق الحديث عن التحرش في المناسبات بمصر، فقد شهد عام 2019 وقائع لحوداث تحرش هزت الرأي العام، أبرزها فتاة الدقهلية التي تعرضت للتحرش داخل ميكروباص، ووثقت ذلك بجوالها، وهو ما اتخذته الداخلية كدليل للوصول إلى المتحرش، والقبض عليه، ومواجهته بالتهمة.
وكانت حادثة “فتاة العياط” هي الأبرز على مدار العام، إذ أودت مقاومة الفتاة لمن حاول الاعتداء عليها جنسيا بحياته، بعدما طعنته بسكين، وأُلقي القبض على الفتاة بعد الحادثة، وظلت خمسة أشهر قيد الحبس، إلى أن أفرجت عنها النيابة، لعدم وجود سند قانوني لاحتجازها، وأُسقطت القضية لأن الفتاة كانت في موضع دفاع عن شرفها.
وشهدت بطولة الأمم الإفريقية، التي استضافتها القاهرة في يونيو 2019، بعض حوادث التحرش، أبرزها ما أظهرته مقاطع فيديو تحرش شباب مصري بمشجعات مغربيات في محيط إستاد السلام.
فيما تلقّت شرطة مطار القاهرة شكوى من مسافرة أمريكية، تفيد بتحسس أحد العمال بالمطار لجسدها أثناء خروجها من دورة المياه، حسب صحيفة “ديلي ميل”، وهو ما اعتذرت عنه سلطات المطار بتوقيف العامل، وفتح تحقيق معه.
ودفع الطفل “محمود البنا” حياته ثمنا للدفاع عن فتاة ضد أربعة متحرشين، بينما أُسدل الستار بالحكم على الجناة بالسجن 15 سنة.
أضف تعليق