التعصب الكروي في مصر.. من المسئول عن إشعال النار؟

التعصب الكروي في مصر.. من المسئول عن إشعال النار؟
انتقال "كهربا" إلى الأهلي، وتصريحات بلال، ضد مصطفى محمد أشعل النار مجددا- مصر في يوم

نار مشتعلة وفتنة جماهيرية، إذا هدأ لهيبها أو خمدت جذوتها سرعان ما تجد من يشعلها من جديد ويسكب البنزين فوقها لتتوهج مرة أخرى، إنها نار التعصب الكروي بين جماهير ومسئولي الأندية في مصر، خصوصا بالطبع قطبي الرياضة الأهلي والزمالك.

المسألة قديمة منذ عشرات السنين ولا تتوقف، ولكنها مرت بأوقات هدوء، إلا أن الفترة الأخيرة أصبحت القضية على أشدها خصوصا في ظل انتشار برامج الإعلام الرياضي التي تبحث عن الإثارة وتحقيق نسب المشاهدة عبر بث وإذكاء روح التعصب الكروي، بالإضافة لوسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت عاملا مؤثرا في الموضوع.

ولا يخفى على أحد أن إثارة الفتن الجماهيرية تخضع لعوامل أخرى منها إلهاء الرأي العام وشغله بقضايا جانبية هامشية، بعيدا عن التفكير في قضاياهم المصيرية وأحوالهم المعيشية، وهو ما زادت حدته مؤخرا ووجدت العوامل المساعدة له.

التعصب الكروي

في ظل انتقال “كهربا” إلى النادي الأهلي بعد هروبه من الزمالك، وتصريحات نجم الأهلي السابق أحمد بلال، ضد مصطفى محمد مهاجم الزمالك، اشتعلت من جديد أجواء التعصب الكروي بين جماهير القطبين.

ويكفي أن تنظر لكم الوسوم “الهاشتاجات” المتبادلة بين جماهير الناديين على موقع التدوينات القصيرة “تويتر” لتدرك حجم وخطورة الأمر، إذ يبلغ الاحتقان مداه ويتحول لسباب متبادل على السوشيال ميديا، وعبارات مسيئة تنم عن التردي الأخلاقي.

ولا يتوقف الأمر على الجماهير، وإنما يمتد إلى المسئولين، فرئيس نادي الزمالك، مرتضى منصور، لا يكف عن تهديداته وتصريحاته النارية، ويرد عليه مسئولو الأهلي بتقديم البلاغات ضده وطلب رفع الحصانة البرلمانية عنه لمحاكمته، بالإضافة للتصريحات والسخرية المتبادلة بين سيد عبد الحفيظ، مدير الكرة بالفريق الأول للنادي الأهلي، وأمير مرتضى، المشرف على قطاع الكرة بنادي الزمالك.

قصف جبهة

ودخل على الخط عدد كبير من لاعبي الناديين المعتزلين، والذين بحثوا عن مكان لهم تحت دائرة الضوء، بتصريحات إعلامية وعبر حساباتهم الشخصية على السوشيال ميديا، تهاجم الطرف الآخر، وتسترضي جماهير ناديهم، في ظل مزايدات لا تتوقف، و”قصف جبهة” متبادل، والنتيجة إضرام نار التعصب الكروي بقوة غير مسبوقة.

والعجيب أن التعصب مشتعل في ظل مدرجات خاوية، ومباريات تجرى بدون جمهور منذ عدة أعوام، ويقتصر الحضور الجماهيري مؤخرا على أعداد معينة أغلبها من أعضاء الجمعية العمومية للأندية، غير أن السباب الجماعي لم يتوقف، كما حدث من جماهير الزمالك في مباراة بيراميدز، تجاه “كهربا” وأحمد بلال، وأحمد الشناوي.

النادي الأهلي حسم الأنباء المترددة منذ فترة، والتي انتشرت بعد ترك “محمود كهربا” للزمالك منذ بداية الموسم، وأعلن أمير توفيق، مدير التسويق والتعاقدات بالأهلي عن التعاقد مع اللاعب محمود عبد المنعم “كهربا” لمدة أربع سنوات ونصف، تبدأ مطلع يناير المقبل.

كهربا وبلال

وجاء انتقال “كهربا” في صفقة انتقال حر، بعدما قام بفسخ تعاقده مع نادي أفيش البرتغالي بالتراضي قبل أيام، وهو ما صاحبه هجوم وغضب من جماهير الزمالك ضد اللاعب، ليتذكر الجميع أجواء التعصب الكروي بعد انتقال التوأم حسام وإبراهيم حسن من الأهلي للزمالك.

وسبق الإعلان الرسمي عن الصفقة بيومين، تصريحات من أحمد بلال، مهاجم الأهلي السابق، في حوار على فضائية إم بي سي مصر، لبرنامج “اللعيب”، راهن فيها بلال أن مصطفى محمد مهاجم الزمالك لن يسجل في مباراة بيراميدز.

إلا أن اللاعب سجل هدفا في مباراة فريقه، لتسب الجماهير بلال في المدرجات أثناء المباراة، وعبر مواقع السوشيال ميديا، بينما دخلت جماهير الأهلي في ردود مدافعة عن نجمها السابق.

تحذيرات

وزارة الرياضة واتحاد الكرة والمسئولون عن الرياضة في مصر، اقتصر دورهم في مواجهة التعصب الكروي على إطلاق النداءات بوقف التراشق، وامتد إلى عقد بعض المؤتمرات التي جاءت بغرض الصلح بين الأطراف.

ففي مارس الماضي، دعت رابطة النقاد الرياضيين وجمعية اللاعبين المحترفين، يوم الثلاثاء الماضي، لعقد مؤتمر صحفي من أجل نبذ التعصب بين جماهير الكرة في مصر، حضره هاني أبو ريدة، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم السابق، ونائبه أحمد شوبير، وعدد من أعضاء اتحاد الكرة وقتها، بجانب أشرف صبحي وزير الرياضة، ورئيس نادي الزمالك.

وخلال المؤتمر، شدد هاني أبو ريدة، على أهمية دور مسئولي الأندية في نبذ التعصب بين الجماهير، محذرا من خطر التعصب على الكرة المصرية، بينما أكد رئيس نادي الزمالك على أنه لا يوجد أي عدوانية تجاه “كيان” النادي الأهلي، مشيرا إلى أن أزمة الأهلي في الأشخاص وعقلية من يحكم النادي وليس الكيان.

الإفتاء على الخط

وفي نفس الشهر المذكور، علق أمين الفتوى بدار الإفتا، الشيخ خالد عمران، على حالة التعصب الكروي التي تشهدها الملاعب الرياضية بين الحين والآخر فقال: إن الرياضة “سلوك إنساني يسهم في سعادته وتنمية مهاراته الحياتية، وهذه أمور يشجعها الإسلام ويثنى عليها”.

وأضاف: “التعصب يقلب المقاصد الحسنة لوجود الرياضة في الشعوب إلى سلوك مشين، و يجب على الإنسان أن يرقى بنفسه منه، فالرياضة مرتبطة بالأخلاق”.

وتابع: “أما التعصب الذي يورث البغضاء والفرقة بين الناس فإنه من مساوئ الأخلاق”.

عبد الرحيم التهامي

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *