يمثل مصطلح المصانع المتعثرة والمتوقفة عن العمل عنوانا لملف شائك شديد الأهمية، لما تحمله طياته من قضايا تمس حياة ومستقبل آلاف بل ملايين المواطنين الذين أضيروا جراء فقدانهم وظائفهم ومصدر دخلهم بخلاف ما يمثله من خسائر للاقتصاد القومي تقدر بعشرات المليارات.
وحظي ملف المصانع والشركات المتعثرة الذي تعاقبت عليه حكومات عدة على مدار عقد من الزمن، أو ربما أكثر من ذلك، بوعود ومبادرات كثيرة للمساهمة في حل الأزمة.
غير أن تصريحات طارق عامر، محافظ البنك المركزي، في معرض حديثه عن مبادرة جديدة، بأن هناك 5184 مصنعا متعثرا، والتي يصل مبلغها إلى 31 مليار جنيه، جاءت لتكشف أن أيا منها لم يقدم حلا جذريا لأزمة المصانع المتعثرة.
المصانع المتعثرة
وقال طارق عامر، محافظ البنك المركزي، إنه جرى توجيه البنوك بإزالة الفوائد المتراكمة على المصانع المتعثرة وعددها 5184 مصنعا متعثرا، والتي يصل مبلغها إلى 31 مليار جنيه.
وأوضح عامر أنه إلى جانب إزالة الفوائد المتراكمة على 5184 مصنعا متعثرا، فإنه جرى التوجيه بإزالتهم من القوائم السلبية، وإسقاط القضايا المنظورة أمام المحاكم.
تصريحات عامر تزامنت مع إعلان مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي، عن عدة مبادرات جرى التوافق عليها بين الحكومة والبنك المركزي، تخص قطاع الصناعة، باعتباره قاطرة النمو لمصر، لافتا إلى أنها تتضمن، مبادرة للتعامل مع المصانع المتعثرة ورفع الأعباء التي تعاني منها، وأن المبادرة هي حافز للمصانع المغلقة، إذ إن عددها كبير ولا بد من عودتها للعمل، وفقا لمدبولي.
مبادرات سابقة
مبادرة مجلس الوزراء بالتعاون مع البنك المركزي رغم ما تحمله من أمل لحل الأزمة، الا أن الأمر لا يخلو من بعض المخاوف التي تحول دون الإفراط في الأمل كونه سبقتها مبادرات عدة.
كان آخرها تأسيس شركة مصر لرأسمال المخاطر في أكتوبر من العام الماضي، برأسمال قدره 150 مليون جنيه بهدف إعادة تأهيل المصانع المتعثرة.
وبحسب هاني توفيق، رئيس مجلس إدارة شركة يونيون كابيتال، الشركة المسئولة عن إدارة شركة مصر لرأسمال المخاطر، فإن صندوق تحيا مصر امتلك نحو 46.6% من رأسمال الشركة، بمساهمة قدرها 70 مليون جنيه، ويتوزع باقي رأسمال الشركة على كل من بنك الاستثمار القومي وشركة أيادي للاستثمار، ومركز تحديث الصناعة بحصص متفاوتة.
وفور إعلان تأسيس الشركة، قال توفيق: إن لديها بيانات نحو 4200 مصنع متعثر و70 شركة، مشيرا إلى أنها ستقوم بدراسة تلك الحالات فنيا وماليا عقب تشكيل مجلس الإدارة.
وأوضح توفيق، أن الشركة ستقوم بتأهيل المصانع والشركات المتعثرة على دفعات بواقع 3 أو 4 شركات في كل دفعة، مشيرا إلى أن حجم التمويل المتاح للشركة الواحدة يتراوح حده الأقصى بين 10 و15 مليون جنيه.
بيروقراطية حكومية
وبحسب بهاء العادلي، رئيس جمعية مستثمري مدينة بدر، فإن الشركة لم تعمل بشكل فعلي على أرض الواقع، إذ كان تحركها محدودا ومقيدا بالبيروقراطية الحكومية، والنتيجة أنه بعد أكثر من عام من إطلاقها، مازالت أغلب المصانع تعاني مشكلات التعثر.
وأشار إلى أنه يصعب حصر المصانع المتعثرة جزئيا، لتخوفها من الإعلان عن تعثرها وارتباطها بسداد قروض للبنوك وتوريدات متفق عليها، فضلا عن العمالة التي تعمل بالمصنع والشركة.
وفي السياق، يرى العادلي أن المصانع والشركات المتعثرة تنقسم إلى مرحلتين زمنيتين هما:
- الأولى: عقب ثورة 25 يناير 2011.
- الأخرى: عقب قرار تحرير سعر الصرف.
طابور البطالة
ومن جانبهم، وصف أعضاء البرلمان قضية المصانع المتعثرة بأنها خطر يهدد الاقتصاد القومي المصري، إذ تسبب إغلاق الآلاف من المصانع في زيادة أعداد البطالة.
مؤكدين أن ما يقرب من ربع مليون عامل، كانوا يعملون بتلك المصانع، انضموا جميعا لطابور البطالة بعد أن أغلقت أماكن رزقهم، وأصبح مصيرهم الشارع، وفقا لإحصاءات رسمية.
ومن جهته أشار النائب إيهاب الخولي، عضو لجنة الشئون التشريعية بالبرلمان، أنه سبق وتقدم بأكثر من طلب لرئيس البرلمان، واصفا الأزمة أنها قضية أمن قومي، مشيدا بالمبادرة التي أعلن عنها مجلس الوزراء.
وفي السياق، قال النائب فايز أبو خضرة، عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان: إن الإحصائيات الرسمية، تشير الى أن 44 شركة من شركات قطاع الأعمال العام قد بلغت خسائرها نحو 7 مليارات جنيه خلال العام المالي 2016-2017، من بين 124 شركة.
أسباب وأرقام
وعلى الصعيد، يقول علاء مرسى، رئيس جمعية مستثمري المنيا: إن عدد المصانع المتعثرة بمدينة المنيا يبلغ 48 مصنعا متعثرا كليا، و12 مصنعا تعثرا جزئيا، من إجمالي 212 مصنعا بالمحافظة.
وعن أسباب ارتفاع عدد هذه المصانع لتصل إلى 5184 مصنعا وفقا لإعلان المسئولين، يرى مرسي أن أبرزها:
- تبعات قرار تحرير سعر الصرف، ومنها ارتفاع أسعار المواد الخام ما أدى إلى زيادة التكلفة.
- رفع الدعم عن الوقود.
- حالة الركود التي اجتاحت السوق، في ظل عدم قدرة المواطنين على الشراء.
- ضعف الدعم الحكومي والمحفزات للمستثمر المصري مقارنة بالأجنبي.
- صعوبة الحصول على التراخيص اللازمة لبدء التشغيل، من جانب هيئة التنمية الصناعية وجهاز المدينة.
- تراكم الخسائر وفشل المصانع في سداد المبالغ المستحقة عليها للبنوك.
- سوء الإدارة.
- ضعف قدرة المصانع على التسويق الجيد.
- إغراق السوق بالمنتجات المستوردة التي تنتجها المصانع المحلية.
- ارتفاع مقابل الودائع والشهادات بالبنوك، ما قلل حجم السيولة النقدية بالأسواق.
تعثر منتشر
وبحسب هاني توفيق فإن مسحا جرى في 2018 على 10 جمعيات مستثمرين، أظهر تعثر 7587 مصنعا، منها 1144 مصنعا متعثرا كليا، و132 مصنعا متعثرا جزئيا.
وقال عبدالغني الأباصيري، عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري 15 مايو: يبلغ عدد المصانع المتعثرة بمدينة 15 مايو 198 مصنعا من إجمالي 265 مصنعا مقيدا بالمدينة.
وقال علي حمزة، رئيس جمعية مستثمري أسيوط، إنه يوجد 400 مصنع متعثر من إجمالي 1000 مصنع.
أضف تعليق