انتحار الشباب في مصر.. ما الأسباب والحلول؟

انتحار الشباب في مصر
انتشار ظاهرة انتحار الشباب في مصر مؤخرا ومناقشة الأسباب والحلول - مصر في يوم

ظاهرة مخيفة شهدتها مصر في الأيام القليلة الماضية، تسببت في حالة من الحزن بالشارع المصري، وهي انتحار الشباب.

فعلى مدار يومين متتاليين أقدم شابان، في مُقتبل العمر، على الانتحار، أحدهما فاجأ الجميع بالقفز من أعلى برج القاهرة، فيما ألقى الآخر بنفسه أسفل عجلات مترو الأنفاق، ليفارقان الحياة.

انتحار الشابين لم يكن البداية، فقد سبقه حالات أخرى كثيرة، الأمر الذي جعل المخاوف والتساؤلات تعصف بالرءوس، فما الذي يدفع برموز المستقبل، لاتخاذ قرار بالهروب من الحياة والانتحار؟ وهل هناك من سبيل لمواجهة تلك الظاهرة؟ أم أنها ستستفحل، لتحصد لحظات اليأس أرواح الشباب واحدا تلو الآخر؟

علماء الاجتماع والطب النفسي يقولون: “إن فكرة حلم الموت والخلاص من الحياة تسيطر على الشاب عندما يترسّخ بداخله أنه لا يستطيع مواصلة الحياة، في ظل المعوقات التي تصاحبه”.

وبحسب علماء النفس، تنتاب هؤلاء الشباب حالات الاكتئاب النفسي، الذي يفقد فيه الشاب أي رابطة بالحياة، فلا يرى فيها أي بهجة، وأنه لا حل لمعاناته وعذاباته سوى إنهاء حياته طوعا بيده”.

ومن جهته، أوضح محمد الشامي، استشاري الطب النفسي، أن الانتحار نوعان، الانتحار المخطط له، وهو الذي يُخطط فيه الشخص للانتحار، ويكون ناتجا عن تعرضه للاكتئاب، إذ يفكّر أن الانتحار هو الحل الأمثل لإنهاء معاناته التي لا يشعر بها أحد.

أما الثاني، فيسمى بالاندفاعي، الذي لم يفكر فيه الشخص، ولم يُخطط له مسبقا.

انتحار الشباب

وعن انتحار الشباب تحديدا، أشارت تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل هي التي تتحمل معظم العبء الناجم عن عمليات الانتحار على الصعيد العالمي، إذ يقع بها نحو 75% من حالات الانتحار بالعالم.

وأفادت تقارير المنظمة، بأن انتحار الشباب في تلك البلدان عادة ما يكون بسبب اليأس والتهميش، وتردِّي الأحوال الاقتصادية، وغياب العدالة الاجتماعية، والتمييز في المجتمع.

وأحدث حالات انتحار الشباب في مصر أعلنت عنها شركة مترو الأنفاق، أمس، إذ لقي شاب في العقد الثالث من عمره مصرعه، بإلقاء نفسه تحت عجلات قطار مترو الأنفاق، بمحطة أرض المعارض، في الخط الثالث للمترو بمصر الجديدة.

وعلقت شركة المترو على الواقعة المؤسفة، بقولها: “إن الشركة ليس لها دخل بأي حالة انتحار تحدث داخل المحطات”.

وفي أول من أمس، شهدت منطقة الزمالك، انتحار شاب -طالب في هندسة حلوان- بإلقاء نفسه من أعلى برج القاهرة في الجزيرة، الذي يبلغ ارتفاعه 187 مترا، ليسقط جثة هامدة.

وتبين من التحريات، انتحار طالب بهندسة حلوان، يُدعى نادر محمد جميل، وبحسب أقوال العاملين بالبرج، صعد الشاب إلى الطابق الأخير برفقة صديقه، ثم فاجأ الجميع، وألقى نفسه، ليسقط مضرجا في دمائه، ويلقى مصرعه في الحال.

وفي أكتوبر الماضي، انتحر شاب، داخل شقته بمساكن التمليك في كفر الدوار بالبحيرة، لمروره بأزمة نفسية بعد وفاة والدته، وقبل ذلك أقدم طالب مقيم بعزبة العتامنة بالغربية، على الانتحار بحبل في شجرة أمام مسجد القرية، ما أسفر عن مصرعه في الحال.

وفي واقعة غريبة ضمن ظاهرة انتحار الشباب، تخلص شاب يُدعى “إسلام”، سائق “توك توك”، ويقيم بشارع النيل المجاور لمنطقة المرور بمدينة السلام، من حياته، في بث مباشر على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.

وانتحر طالب بكلية طب خنقا، بوضع كيس بلاستيك على رأسه حتى لفظ انفاسه، لرسوبه المتكرر بالكلية، كما شهدت مصر أكثر من حالة انتحار طلاب عقب نتيجة الثانوية العامة 2019.

الاكتئاب واليأس

وبحسب الشامي، فإن الطبيعة الاندفاعية التي يتسم بها الشباب في هذه المرحلة العمرية، تجعلهم أكثر عرضة للإقدام على فعل الانتحار.

وأشار إلى أن أبرز الأسباب التي تدفع الشباب للانتحار هي عدم الاتزان النفسي، والاكتئاب، نتيجة أسباب تتلخص في:

  • ضغوط المجتمع التي تُلقَى على عاتق بعض الشباب، سواء كان في مرحلة الدراسة أو بداية طريق العمل.
  • الضغوط التي يسببها الأهل على الشباب، سواء في الدراسة، أو العمل، أو الزواج، وقد يكون الشاب غير مؤهل لتحمل ذلك، مما قد يدفعه لاكتئاب يقوده للانتحار.
  • بعض الأمراض النفسية، ومنها الوراثية التي يهمل علاجها، مثل: الفصام، من أكثر المشكلات النفسية المعقدة، التي تحتاج لوقت وجهد كبير في العلاج، وقد تدفع صاحبها للانتحار.
  • الإدمان، الذي يُعرف بالانتحار دون عمد.

ولفت الخبير النفسي إلى علامات قد تظهر على الشاب الذي يفكر بالانتحار، تتطلب ملاحظة وتدخّل الأهل، منها:

  • الحزن الشديد المستمر لفترة طويلة تمتد لأشهر.
  • العزلة الاجتماعية.
  • اضطرابات في الطعام، سواء بالإفراط أو فقدان ملحوظ في الشهية.
  • كثرة البكاء.
  • الحديث عن الموت والخلاص من الحياة.
  • البحث في وسائل الانتحار.
  • نصائح وإجراءات

ويتفق حسام عمارة، استشاري الأمراض النفسية والعصبية، مع الشامي في أن اليأس و الاكتئاب أهم أسباب الانتحار، مشيرا  إلى نقاط مهمة للتعامل مع مرضى الاكتئاب، منها:

  • تقديم الأصدقاء والعائلة والزملاء النصائح للمصاب بالاكتئاب، ومحاولة التخفيف عنه.
  • إقناع المريض بالذهاب إلى الطبيب، لأنه قد يحتاج في بعض الأحيان إلى العقاقير المهدئة.
  • حثّ المريض على ممارسة الرياضة، والانخراط في الأعمال الإيجابية.
  • الحصول على قدر كافٍ من النوم.

فيما يرى عمار حسن، خبير علم الاجتماع، أن الشعور باليأس من المستقبل و”الغبن السياسي” لدى الكثير قد يكون أحد أسباب انتحار الشباب، بحسب قوله.

ولفت في تصريح صحفي، إلى أن الثورات العربية انطلقت بحرق بوعزيزي لنفسه، وتكرر الأمر في مصر مع حادثة الاعتداء على عماد الكبير، وخالد سعيد، لكن من الخطأ قِصَر كل تلك الحالات على الناحية السياسية.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *