التسمم والأمراض بين طلاب المدارس.. لماذا تتكرر الوقائع؟

التسمم والأمراض بين طلاب المدارس.. لماذا تتكرر الوقائع؟
اتخاذ إجراءات وقائية ضد الأمراض التي تنتشر بين طلاب المدارس بعد ظهور العديد منها- مصر في يوم

مع دخول فصل الشتاء، وقع العديد من طلاب المدارس بين براثن أمراض مثل الالتهاب السحائي والتيفود والجدري المائي والإنفلونزا والحمى القرمزية والحصبة، وتسببت الأمراض في وفاة بعضهم، وأخذ آخرون إجازات تصل لنصف شهر، وأُغلقت مدارس حتى تحصينها.

لم يتأثر طلاب المدراس بهذه الأمراض فقط، ولكن بظروف أخرى تسبب فيها المسئولون أنفسهم، فخلال الساعات الأولى من دوام المدارس، أمس، شهدت محافظة بني سويف إصابة 150 تلميذا باشتباه تسمم، بعد تناولهم الوجبة المدرسية (فطيرة)، التي جرى توزيعها عليهم في مدرسة الجفادون، بمركز الواسطي، ونُقلوا جميعا إلى المستشفى.

تسمم وتقزم وأنيميا

واتجهت وزيرة الصحة، هالة زايد، إلى مكان الواقعة، ووجهت بالتحفظ على المخزن المورد للوجبات الغذائية، التي يصنعها جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة ووزارة الزراعة، كما صرحت رئيس الإدارة المركزية لمعالجة التسرب من التعليم، راندا حلاوة، في 3 من أكتوبر 2016.

تأتي الحادثة رغم إعلان سهير عبد الحميد، رئيس هيئة التأمين الصحي بوزارة الصحة، في ديسمبر 2018، أنه سيُجرى تغيير الوجبات المدرسية، للقضاء على أمراض على رأسها الأنيميا، بعدما كشفت عن أن 22% من طلاب المدارس مصابون بها، و14% من طلاب المدارس مصابون بالسمنة، بينهم 11% من الفتيات.

ولم يقتصر غذاء الطلاب الفاسد على الوجبة المدرسية، لكن فيما يباع أيضا في المحلات المنتشرة حول المدراس، بسبب ضعف الرقابة، فقال مصطفى زمزم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة “صناع الخير”، في أبريل الماضي: إن مباردة “أولادنا في عنينا” كشفت عن زيادة نسبة الأنيميا والتقزم بين طلاب المدراس بالعاصمة القاهرة، نتيجة تناولهم الوجبات السريعة، وإن 40% من طلاب بعض المدراس كانوا بحاجة إلى نظارات طبية.

طلاب المدارس

كما أشار المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، في تقريره عام 2014، أن 20% من أطفال مصر يعانون من التقزم الناتج عن سوء التغذية، و27% من الأطفال تحت خمس سنوات مصابون بالأنيميا، وأن أمراض السمنة والتقزم والأنيميا تسبب نصف وفيات الأطفال حول العالم.

وشهد الشهر الجاري العديد من الإصابات الأخرى بين طلاب المدارس، ففي 4 نوفمبر، أغلقت مديرية التربية والتعليم بكفر الشيخ مدرسة “الجمهورية الابتدائية” بمدينة فوه، لثلاثة أيام، بسبب إصابة 16 طالبا بمرض الجدري المائي، لتعلق بثينة كشك، وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، بأن هذه الحالات “بمعدلها الطبيعي ومتعارف عليها”.

وبعد تداول أخبار بشأن وفاة أكثر من طالب بالإسكندرية، بميكروب الالتهاب السحائي، نفت وزارة الصحة، موضحة أنها “شائعات” لتبدأ بعدها بشكل مفاجئ، في 18 من أكتوبر الماضي، تطعيم 7 ملايين طالب بمراحل التعليم المختلفة ضد المرض مجانا.

تطعيم وفقد مناعة

ومما زاد من الشكوك في القضية، تقدم إلهام المنشاوي، عضو لجنة الصحة في مجلس النواب، في نفس الوقت، ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب، لتوجيهه لرئيس الوزراء، ووزير الصحة، بشأن أزمة الالتهاب السحائي في الإسكندرية، التي أثارت الذعر بين الأهالي، وتوفيت الطالبة “كارما مصطفى عبدالعزيز” بسبب الاشتباه في المرض.

وقالت المنشاوي، في طلبها: “ما حدث في الإسكندرية من تعتيم وإهمال وتقصير وسوء إدارة للأزمة في التعامل مع حالات مرض الالتهاب السحائي بين طلاب المدارس، ما أثار الذعر بين الطلاب وأولياء الأمور، بسبب إنكار المسئولين وجود المرض، بينما كان على الوزارة التعامل بحرفية بدلا من الإنكار وإثارة الخوف”.

وفي حالة مؤلمة، تعاطف رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فيديو نُشر لطفل فى الصف الأول الابتدائي جرى تطعيمه ضد الالتهاب السحائي مرتين بمجمع مدارس عادل الفقي بمحافظة مرسى مطروح، ما أدى لإصابته بفقد المناعة وعدم قدرته على السير، لترد سمير النيلي، مدير مديرية التربية والتعليم بالمحافظة على الواقعة قائلة: الطفل جرى تطعيمه مرة بالمدرسة، لكن والده طعمه مرة أخرى خارجها، و “ما حدث ليس لنا به علاقة”.

Gepostet von ‎أبواليزيد رمضان أبواليزيد حسن‎ am Montag, 11. November 2019

نفي وتأكيد

وفي 3 من الشهر الجاري، توفي الطالب “حازم محمد عبد الغني” بالثاني الإعدادي، بمدرسة “فاطمة الزهراء” في الشرقية، نتيجة الإصابة بعدوى الالتهاب الرئوي، بحسب تصريحات فاتن فتحي، مديرة إدارة العاشر من رمضان التعليمية.

وفي 8 من نفس الشهر، نفى تقرير مجلس الوزراء ما تردد في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، بشأن تفشي حمى التيفود، بينما كانت وزارة التربية والتعليم قد أكدت إصابة طالب بمدرسة المستقبل 9 بالقاهرة بالمرض، وحُجز بأحد المستشفيات.

وقالت “التعليم”، في 30 من أكتوبر الماضي: “جرى إبلاغ الطب الوقائي، لفحص المدرسة، ولا يوجد أي مشكلات حاليا بها”، ليعلن “الطب الوقائي” بالمنوفية، في نفس اليوم، رش وتحصين مدرسة “اسطنها الابتدائية”، لإصابة تلميذ بالتيفود.

إجراءات مضادة

وضمن خطتها لوقاية طلاب المدارس من الأمراض المعدية، أعلنت “الصحة”، في 3 من هذا الشهر، تطعيم 12.7 مليون طالب ضد الطفيليات المعوية، وقبلها بأسبوع أعلنت تطعيمها سنويا 11 مليون ضد الالتهاب السحائي والدفتيريات والتيتانوس والبلهارسيا.

وفي 19 من سبتمبر الماضي، أعلنت اتخاذ إجراءات وقائية ضد الأمراض التي تنتشر بين طلاب المدارس، منها: تثقيف طلاب المدارس بالعادات الصحية السليمة، ودعم المستشفيات والعيادات والتأمين الصحي بالقوى البشرية والتجهيزات الطبية.

ليس أولوية

تتكرر هذه الوقائع، في ظل ما كشفه تقرير البنك الدولي، في 18 من مايو الماضي عن أن قطاعي الصحة والتعليم لم يستفيدا من وفورات الإصلاحات المالية التي قامت بها الحكومة خلال السنوات الماضية، إذ تراجع الإنفاق على التعليم من 3.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في 2016، إلى 2.5% في 2018، ومقرر له 2.2% في الموازنة الجديدة.

وقال التقرير: إن مخصصات “الصحة” في الموازنة أيضا تراجعت، إذ بلغ الإنفاق عليها 1.6% من إجمالي الناتج المحلي في 2018، ليؤكد ما فجرته وزيرة الصحة، في نفس الشهر: “طالبنا أن تكون الموازنة 96 مليار جنيه، ولكن المالية اعتمدت لنا 63 مليارا فقط، ونحتاج نحو 33 مليار جنيه، والصحة ليس فيها رفاهية”.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *