“رشق القطارات بالحجارة” أزمة يومية تتعرض لها هيئة السكة الحديد من قِبَل الأطفال، إذ خلّف ذلك العديد من الأضرار والإصابات للقطارات وللركاب.
وتعد ظاهرة “أطفال الحجارة” كما يطلق عليها البعض جريمة تتزايد معدلاتها، ويقع بسببها العديد من الضحايا بإصابات خطيرة، تصل في بعض الأحيان إلى فقدان البصر، وقد تفوق ذلك، ويظل الجاني في غالبية الجرائم مجهولا، ليُعيد جريمته من جديد، دون خوف من عقاب.
وبسبب تزايد ظاهرة رشق القطارات بالحجارة، أطلقت السكة الحديد أكثر من مرة تهديدا بعدم وقوف القطارات بالمحطات القريبة من أماكن الاعتداءات، التي جرى تحديدها من قِبل سائقي القطارات، نظرا لتكرار تلك الحوادث بشكل منتظم ومستمر.
رشق القطارات بالحجارة
وأثارت واقعة إصابة سائق قطار المنصورة في الرأس، بعد رشق صبية بالحجارة كابينة القيادة لقطار 339 إكسبريس القاهرة – المنصورة على طريق الزقازيق، جدلا جديدا، وخاصة مع عدم اتخاذ الدولة خطوات فعالة للقضاء على هذه الظاهرة.
وأعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر، في بيان صادر عنها، أمس، أنه أثناء مسير قطار 339 إكسبريس القاهرة – المنصورة طريق الزقازيق، ما بين محطتي ههيا – أبو كبير، قام بعض الصبية برشق القطار بالحجارة، ما أدى إلى إصابة عبد السلام صبري، قائد القطار، في رأسه.
وأشارت الهيئة إلى أن مثل هذه السلوكيات السلبية تؤثر على حركة مسير القطارات، وتُحدث تلفيات بالوحدات المتحركة، وإضرارا بالركاب وطاقم القطار.
فيما تكثف مديرية أمن الشرقية، جهودها لضبط عدد من الأطفال، كما تعمل الأجهزة الأمنية على تفريغ كاميرات المراقبة الموجودة بمحيط المحطة، وذلك لمتابعة خط سير الأطفال المتورطين في الواقعة، الذين يترددون على المحطة بقصد التسول.
مواجهة المؤامرة
واعتبر خبراء ومراقبون ظاهرة رشق القطارات بالحجارة كارثة، تتطلب التصدي لها من جميع مؤسسات المجتمع وأفراده.
وقال محمد فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب: “إن مواجهة هذه الكارثة ليست مسئولية وزارة النقل أو هيئة السكك الحديدية، وإنما هي مسئولية المجتمع كله”.
وأعرب عامر، في بيان له، عن أسفه الشديد لإصابة سائق قطار المنصورة في الرأس، مؤكدا أن مثل هذه السلوكيات السلبية يؤثر على حركة مسير القطارات، ويُحدث تلفيات بالوحدات المتحركة، وأضرارا بالركاب وطاقم القطار.
وطالب عامر من الجميع التصدي لهذه الكارثة بكل حسم وقوة، والقبض الفوري على مرتكبيها، وإجراء دراسة بشأنهم، ومعرفة الدوافع والأسباب التي وراء هذه الظاهرة الخطيرة، وخاصة بعد تكرارها.
وأكد أن القبض على مرتكبي هذه الجرائم سوف يكشف جميع أبعاد هذه المؤامرة، ومن يقفون وراءها.
لن نقف في المحطات
وهددت هيئة السكك الحديد أكثر من مرة بعدم القطارات في المحطات، التي يُجرى الرشق في محيطها، لمواجهة الظاهرة، إذ قال مصدر مسئول بالهيئة القومية للسكك الحديدية: “إن الهيئة خاطبت المحافظات، لتشديد الرقابة على خطوط سير القطارات، لمنع أي محاولة للاعتداء على القطارات من جانب الأطفال”.
وأكد المصدر، في تصريح صحفي، أن الهيئة هددت بمنع توقف القطارات في المحطات التي تتعرض للقذف بها، وقد تصل العقوبة إلى منع وقوف القطار على المركز بالكامل، حال استمرار الاعتداء على القطارات من جانب الأطفال.
وأوضح المصدر أن الهيئة تتعرض لخسائر يومية، نتيجة قذف القطارات بالحجارة، لا تقل عن 200 ألف جنيه يوميا، نتيجة تكسير ألواح زجاج للقطارات، وتكسير بعض الأملاك بالسكك الحديدية.
حوادث متكررة
ويعد رشق القطارات وركابها بالحجارة جريمة تتزايد معدلاتها، خصوصا على خطوط الضواحي، ما يعرّض الركاب وسائقيْ القطارات للخطر.
وقال عبد الفتاح فكري، رئيس نقابة العاملين بالسكة الحديد: “إن الواقعة تتكرر كثيرا، وحذرت الهيئة منها أكثر من مرة”، مشيرا إلى أن موظفي هيئة السكة الحديد يعملون في ظروف خاصة على مدار 24 ساعة، ومرتباتهم لا تتناسب نهائيا مع الجهد المبذول.
وكشف فكري، في تصريحات صحفية، عن وفاة سائق لأحد قطارات الإسكندرية الشهر الماضي، نتيجة إصابة مماثلة، بسبب رشق القطارات بالحجارة، ولم يتحدث عنه أحد، موضحا أن هذه الأفعال تستلزم وقفة حاسمة من شرطة السكة الحديد والمسئولين عن تأمين القطارات.
وقال مصطفى شكري، رئيس رابطة قائدي قطارات السكة الحديد: “إن ظاهرة رشق القطارات بالحجارة، تلحق ضررا بالغا على قائدي القطارات وهيئة السكة الحديد، نفسيا، وماديا، ومعنويا”.
ولفت في تصريحات صحفية إلى أن قذف الحجارة على القطارات، يُحدث إصابات خطيرة بالركاب أو قائدي القطارات والمساعدين، قد تؤدي إلى الوفاة، إضافة إلى تحطيم زجاج عربات القطارت والجرارت، ويُجرى إصلاحها من ميزانية هيئة السكة الحديد، غير إلحاق الضرر النفسي والمعنوي لقائد القطارات.
وذكر رئيس رابطة قائدي القطارات، إحدى الوقائع التي تعرض لها أثناء قيادة رحلته إلى مطروح، قائلا: “جرى إلقاء حجارة علينا، ما تسبب في إصابة مساعدي بقطع بالحاجب، وخياطة غرزتين، ما أدى إلى تعطل القطارات لوقت طويل، امتد لساعات، بإحدى المحطات، واتصلنا بسيارة الإسعاف لنقله إلى المستشفى، وجرى استبداله لاستكمال الرحلة”.
وتابع: “في إحدى الحوادث السابقة تعرض مساعد قطار لإصابة بالغة في الرأس (الطوبة جات في رأسه)، نتج عنها نزيف داخلي بالمخ”.
ووفقا لتقارير سابقة لهيئة السكة الحديد، فإن معظم الاعتداءات في محطات وجه بحري، وخاصة في المناطق القريبة من المناطق العشوائية أو تجمعات سكنية، وأيضا المناطق القريبة من المدارس.
وتتركز الاعتداءات بشكل أكبر مع قطارات الضواحي، وشملت خط بركة السبع، وخط مطروح التي تشهد حوادث مماثلة بشكل يومي، وتحديدا بالقرب من محطة بركة السبع، ومنطقة أبيس بالإسكندرية، ضمن خط مطروح.
أضف تعليق