تعد إيرادات قناة السويس أحد أهم مصادر العملة الأجنبية للدولة، ما يجعل وسائل الإعلام تراقب من كثب كل ما يصدر بشأنها من بيانات وتصريحات، سواء من الهيئة الخاصة بها أو من الجهات الحكومية الأخرى ذات الصلة، وتفرد المجال للخبراء، لإبداء الرأي والتحليل.
أحدث البيانات الصادرة بشأن إيرادات قناة السويس كانت قبل يومين، إذ أعلن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن إحصائيات الملاحة بالقناة خلال شهر أكتوبر الماضي سجلت أرقاما قياسية غير مسبوقة بتاريخ القناة في العائدات والحمولات الصافية الشهرية.
وقال ربيع: “إن إيرادات قناة السويس حققت أعلى عائد شهري، قُدِّر بقيمة 515.1 مليون دولار، وأكبر حمولة صافية شهرية بإجمالي حمولات صافية 108.9 ملايين طن”.
إيرادات قناة السويس
وفي سياق ارتفاع إيرادات قناة السويس، أضاف رئيس الهيئة: “أن حركة الملاحة بالقناة خلال شهر أكتوبر الماضي شهدت عبور 1790 سفينة من الاتجاهين، مقابل عبور 1657 سفينة خلال شهر أكتوبر من العام الماضي، بفارق 133 سفينة، وبنسبة زيادة قدرها 8%”.
ولفت إلى أن إجمالي الحمولات الصافية بلغ 108.9 ملايين طن، مقابل 103 ملايين طن خلال شهر أكتوبر من العام الماضي، بفارق 5.9 ملايين طن، وبنسبة زيادة بلغت 5.7%.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت الهيئة أن إحصائيات الملاحة الشهرية خلال العام الحالي كانت قد سجلت ثاني أكبر عائد شهري في تاريخ القناة، وهي عائدات شهر أغسطس الماضي، بإجمالي 510.1 ملايين دولار.
ومن جهتها، أصدرت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري تقريرا يتضمن استثمارات قناة السويس بخطة التنمية المستدامة لعام (2020/2019).
وقالت الوزارة: “إن نشاط قناة السويس يُعد من الأنشطة الاقتصادية سريعة النمو، التي تُدر عائدات كبيرة ومتزايدة، عاما تلو الآخر، وتُشكّل بذلك أحد المحاور الرئيسة للنقد الأجنبي، والداعمة لميزان المدفوعات.
وبحسب تقرير الوزارة، فإن إيرادات قناة السويس تنامت خلال الفترة الماضية من 5 مليارات دولار عام (2017/2016) إلى 5.7 مليارات دولار عام (2018/2017)، كما بلغت نحو 5.73 مليارات دولار بنهاية عام (2019/2018).
ولفت التقرير إلى أن مشروعات تطوير وتعميق المجرى الملاحي ساهمت في زيادة الإيرادات من خلال الآتي:
- استيعاب حركة التجارة المُتنامية.
- استقبال القناة للناقلات الضخمة والسفن العملاقة.
- انسيابية حركة المرور، واختصار فترات الانتظار والعبور.
وأشار إلى أن زيادة الإيرادات تعد انعكاسا لعدة عوامل داخلية وخارجية، أبرزها:
عوامل داخلية
- زيادة تنافسية القناة إزاء بدائل النقل الأخرى في ضوء أعمال التطوير والتوسعات التي جرت.
- زيادة حجم الحمولة الصافية العابرة لقناة السويس من نحو 1093 مليون طن إلى نحو 1137 مليون طن، مع استهداف ارتفاعها إلى 1182 مليون طن في عام 2020/19.
- تزايد عدد السفن المارة من نحو 17.8 ألف سفينة عام (2018/2017) إلى نحو 18 ألف سفينة عام (2019/2018)، ومستهدف أن تصل إلى حوالي 18.2 ألف سفينة بنهاية خطة عام (2020/2019).
عوامل خارجية
- تنامي الاقتصاد العالمي، وارتفاع معدل التجارة الدولية.
- النمو السريع لكل من الصين والهند والاقتصادات الناشئة الأخرى.
مخاوف وإجراءات
وفي السياق، قال مجدي صبحي، رئيس مركز الأهرام للدراسات والسياسات الإستراتيجية: “إن ارتفاع إيرادات قناة السويس يرجع إلى تحسن الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية”.
وأضاف صبحي خلال لقاء تلفزيوني: “أن زيادة عائدات القناة في الفترة المقبلة مرتبط بكيفية تسوية الأوضاع في العالم حاليا”.
ولفت إلى وجود خطر بنشوب حرب تجارية، خصوصا مع إقدام الولايات المتحدة بفرض تعريفة جمركية على واردات الصين، ما قد يؤثر سلبا على إيرادات قناة السويس مستقبلا، بالإضافة إلى مخاوف مستقبلية بتراجع إيرادات القناة، بعد إحياء اتفاقية طريق الحرير التي وقعت عليها مصر.
ولفت علاء سعداوي، الأمين العام لجمعية النقل، إلى أن إجمالي الإيرادات الحالية من قناة السويس والنقل البحري بشكل عام ما زالت دون المستهدف، إذ لا تتخطى 7 مليارات دولار.
وأكد في تصريحات صحفية أن ارتفاع إيرادات قناة السويس مؤخرا أمر مؤقت، كونه يعود بالأساس إلى تحسن حركة التجارة العالمية.
ولفت إلى أنه في ظل الأوضاع الحالية للتجارة العالمية، فمن المتوقع أن ترتفع إيرادات قناة السويس بنهاية عام 2019، لتصل إلى 6.5 أو 7 مليارات دولار.
وحذر الخبير من الاعتماد على ذلك، إذ إن هناك نقاطا كثيرة لا بد من دراستها واعتمادها، على رأسها:
- تطبيق التوقيع الإلكتروني.
- اعتماد التخليص الجمركي إلكترونيا.
- اعتماد دفع الأموال إلكترونيا.
- القضاء على الظواهر السلبية بالموانئ.
وعلى الصعيد، قال النائب محمد بدوي دسوقي، خلال اجتماع للجنة النقل: “إن قناة السويس لم تحقق نسب نمو من (30% إلى 40%) وفقا للمستهدف منذ افتتاح التفريعة الجديدة، وكما تعهد مسئولو الهيئة.
وتوجه النائب بسؤال في وقت سابق للواء خالد العزازي، مستشار رئيس هيئة قناة السويس عن الأسباب، وبدوره أجاب الأخير بأن ظروفا عالمية حالت دون ذلك، نتيجة ركود حركة التجارة العالمية، مضيفا “أن الإيرادات بدأت في التحسن مع تغير تلك الظروف”.
الحزام والطريق
وفي 26 أبريل الماضي، انضمت مصر إلى مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى إحياء طرق التجارة القديمة، عن طريق إنشاء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، من أجل بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية، لربط قارة آسيا بأوروبا وإفريقيا.
في حين يرى بعض المتخصصين أن انضمام مصر لطريق الحرير، بقدر ما له فوائد اقتصادية، إلا أنه يعني دخول منافسين جدد لقناة السويس، إذا بقي وضع القناة على ما هو عليه من تحصيل الرسوم فقط.
كما أن إحياء طريق الحرير من شأنه أن يؤثّر على حجم الحمولات المارة بقناة السويس، كما يمكن أن يمثل خطرا حقيقيا في حالة تطويره، وإنهاء كافة المشكلات السياسية في المنطقة التي يمر بها، ولا سيما وأن الطريق يوفر في الوقود والوقت.
أضف تعليق