حالة من التفاؤل تسيطر على سوق المال، وتوقعات بتحريك المياه الراكدة منذ أكثر من عام، بعد دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي طرح شركات الجيش بالبورصة، يصاحبها قلق بشأن إتمامها، واستيفاء المعايير المطلوبة لطرحها، التي قد تستغرق وقتا طويلا.
ودعا الرئيس السيسي، خلال افتتاحه أحد المشروعات الجديدة، إلى طرح شركات الجيش بالبورصة حتى يمكن للمواطنين شراء أسهم بها.
وقال السيسي في كلمة بثها التلفزيون المصري: “إن الطروحات التي تجهزها الدولة لطرحها في البورصة لا بد أن تكون هناك فرصة منها لشركات القوات المسلحة”.
طرح شركات الجيش بالبورصة
وفي سياق الدعوة إلى طرح شركات الجيش بالبورصة، كان السيسي قد أعلن في وقت سابق، أن “الجيش لا يعمل بأكثر من ثلاثة في المائة من حجم الناتج القومي”، مؤكدا أن مشاركة الجيش لا تصل إلى عشرة أو خمسين في المائة.
فيما لا تزال أرقام هذه الشركات لجهة رأس المال والاستثمارات قيد السرية، إلا أن توقعات محللي سوق المال، أن يُجرى طرح شركة صافي للمياه المعدنية وشركة الوطنية التي تمتلك عددا كبيرا من المحطات، وذلك نظرا للخدمات التي تقدمها للمواطنين.
ووفقا لمراقبين، فإن أصول هاتيْن الشركتيْن لم يُجرَ تقديرها بعد، على رغم عملهما في السوق منذ سنوات، لكن حصة استحواذهما زادت كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، ولا سيما مع التوسع في سياسات الإسناد بالأمر المباشر بدلا من المناقصات.
من جهته، قال إبراهيم النمر، المحلل الفني بشركة النعيم للسمسرة في الأوراق المالية: “إن السوق يحتاج للطروحات، لأن عدد الشركات الموجودة قليل جدا، لا يتجاوز الـ250 شركة، إذ إنها لا تمثل الاقتصاد المصري بالشكل اللائق به”.
وأضاف النمر، في تصريحات صحفية: “أن السوق يحتاج إلى شركات قوية وكبيرة للطرح، وذلك لتحقيق نجاح كبير”، مؤكدا أن الوقت المناسب للطرح هو خلال الفترة المقبلة، فكلما كان الطرح أسرع كان أفضل.
وتوقع النمر أن يُجرى طرح شركتي صافي والوطنية، لأنهما أكبر شركتين تقدمان خدمات للناس، وهو شرط مهم لنجاح الطرح.
شروط القيد بالبورصة
وتشترط عملية القيد في البورصة المصرية سلسلة من الإجراءات على أربع مراحل أساسية، تشمل:
- تسجيل الشركة في “الهيئة العامة للرقابة المالية”، إذ يُجرى عادة تسجيل البيانات الأساسية لكلّ من الشركات والجهات المصرية والأجنبية الراغبة في طرح أوراقها المالية في البورصة.
- ضرورة أن يكون لدى الشركة قوائم مالية لسنتين ماليتين سابقتين، مصدّق عليها من الجمعية العامة العادية، وتقديم آخر قوائم دورية صادرة، على أن تُعدّ القوائم المالية وفقا لمعايير المحاسبة والمراجعة المصرية.
- تحقيق نسبة صافي ربح يبلغ 5% كحدّ أدنى من رأس المال المطلوب قيده، وذلك قبل خصم الضرائب، على أن تكون تلك الأرباح متولّدة من ممارسة النشاط الأساس، فضلا عن أهمية أن تكون الشركة مساهمة ومُسجّلة لدى “هيئة الرقابة” للتأكد من أنه لا موانع تحول دون طرحها في البورصة.
ويتوقع عدد من العاملين في البورصة، أن تكون الشركات التابعة للجيش أكثر جذبا للاستثمار من الشركات الحكومية، وبخاصة في ظلّ السعي إلى زيادة رأس المال السوقي في البورصة.
وقال أحمد فاروق، رئيس الشركة المصرية للأوراق المالية: “إن طرح شركات الجيش بالبورصة، سيجذب العديد من المستثمرين خلال الفترة المقبلة لسوق المال”.
وبحسب فاروق، فإن شركات القوات المسلحة تحظى بثقة عالية من قِبَل المستثمرين، وهو ما سيدفع العديد من المستثمرين إلى الاكتتاب فيها.
وأشار إلى أن طرح شركات الجيش بالبورصة يتطلب توفيق أوضاعها إجرائيا، وفقا لمتطلبات عملية القيد في سوق المال.
معايير الشفافية
ورغم حالة التفاؤل للإعلان عن طرح شركات الجيش بالبورصة، إلا هناك قلقا بشأن إتمامها، واستيفاء المعايير المطلوبة لطرحها التي قد تستغرق وقتا طويلا.
وقال مصباح قطب، الخبير الاقتصادي: “إن مصر تحتاج الكثير، لذا فإن إنجاز الطرح قد يأتي في صالح الاقتصاد والبورصة”، موضحا أن القطاع العام كله لو دخل البورصة “فلن يكون كافيا للبلاد في السنوات العشر المقبلة”.
وأضاف قطب، في تصريحات صحفية: “أن الحكومة المصرية سبق وأعلنت أنها ستطرح نسبا من 24 شركة مملوكة للقطاع العام في البورصة، بقصد تنشيط الاستثمار بشكل عام، لكنها لم تفعل بعد مرور أربع سنوات وأكثر، واكتفت بطرح أربعة في المائة من الشركة الشرقية للدخان”.
وعن معايير الشفافية، فحسب قطب، فإن هيئة سوق المال لديها لوائح واضحة، ولا تفرق بين شركات تابعة للجيش أو غيرها، فاللوائح واحدة، وهي نشر ميزانية الشركة في آخر عامين قبل الإدراج، ومتابعة الوضع القانوني والإداري داخل الشركة، وأن تكون حقوق المساهمين مساوية لرأس المال المدفوع.
وأضاف: “أن الجدل الدائر بشأن شركات الجيش بأنواعها وما تملكه من أصول أو ما تحققه من أرباح، ومن أين يأتي التمويل أو أين يذهب الأرباح، قضايا تحتاج إلي شفافية للحد من هذا الجدل الذي سيظل دائرا، وهو ما قد تحققة بشكل ما الطروحات المنتظرة في البورصة”.
وفي سياق الدعوة إلى طرح شركات الجيش بالبورصة، فإن البورصة المصرية تعاني من مشكلات عديدة، أبرزها غياب السيولة، وفقدان الثقة، وعزوف المستثمرين، ما يؤدي إلى تهاوي مؤشراتها.
وقال محمد جاب الله، خبير أسواق المال: إن مشكلة البورصة المصرية في الوقت الراهن تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي:
- عزوف المستثمرين في الأساس عن الاستثمار في البورصة.
- عدم وجود البضائع الجيدة في السوق المصري، التي لها شعبية.
- افتقار الثقه في السوق بوجه عام.
أضف تعليق