احتكار وأزمات.. من يواجه مافيا سوق الدواء في مصر؟

احتكار وأزمات.. من يواجه مافيا سوق الدواء في مصر؟
توجيهات بضرورة توفير مخزون استراتيجي من الأدوية في جميع الجهات الحكومية- مصر في يوم

مشكلات سوق الدواء في مصر ذات جذور تبدو عصية على الاستئصال، ولها فروع وتشعبات تحتاج إلى جسارة وحلول قوية لمواجهتها، خصوصا أنها تنعكس على المواطن والمريض الذي يجد صعوبة وربما استحالة في الوصول لبعض أصناف العلاج والدواء، بالإضافة لارتفاع أسعار أصناف أخرى بصورة باهظة بسبب الاحتكار ومافيا السوق.

قضية الاحتكار في سوق الدواء تجلت اليوم، واتجهت لها أنظار المهتمين، بعد أن كشف مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن اهتمام الرئيس السيسي بالقضاء على أية ممارسات احتكارية في مجال الأدوية، وذلك أثناء اجتماعه لمتابعة مشروع إنشاء مخازن لوجستية متكاملة للأدوية والمستلزمات الطبية.

وأوضح مدبولي ضرورة توفير مخزون استراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية في جميع الجهات الحكومية لفترة تتراوح من شهرين إلى أربعة أشهر، كما جرى خلال الاجتماع مناقشة موقف المخازن المقترح إنشاؤها، وأماكن توزيع تلك المخازن.

أزمات مصطنعة

ووسط ترقب وانتظار من المتابعين والمرضى لخطوة المخازن لعلها تنهي أزمات سوق الدواء الذي يعاني من اختفاء أصناف بسبب الاحتكار وأزمات الصيدليات التي تلقي بظلالها على الأمر.

وتقول إحدى الأمهات التي ظلت تبحث عن دواء لمرض ابنها طوال شهور، في حوار صحفي: إن لديها اعتقادا جازما بأن الاختفاء المريب لبعض الأدوية وارتفاع أسعارها- إن وجدت- يرجع لتحكم أشخاص في السوق ويحتاج تدخلا جادا وحاسما من الدولة.

فى ذات السياق، يرى متابعون لمشكلات سوق الدواء أنه لا يمكن الفصل بين ما يجرى من الاحتكار وارتفاع الأسعار واختفاء بعض الأنواع، وما شهدته الأيام الماضية من حالة حرب بين نقابة الصيادلة وسلاسل صيدليات كبرى، مثل العزبي ورشدي.

فيما رأى صيادلة أن هناك مافيا تدير سوق الأدوية، وتدهس في طريقها الصيدلي وبالتبعية المريض، وأن الوزارة أعجز من أن تواجهها، على حد تعبيرهم، وفسروا إخفاء بعض الأصناف في مخازن الكبار بأنه سياسة ممنهجة لمضاعفة الأرباح.

المشكلات لا تتوقف عند إخفاء الأدوية وإنما تمتد إلى:

  • انخفاض كفاءة المادة الفعالة في بعض الأدوية ومجهولية مصدرها.
  • إعادة تدوير أدوية منتهية أو اقتربت نهاية صلاحيتها.
  • قيام الأطباء بصرف الأدوية لصالح الشركات، بعيدا عن احتياجات المريض.

من جهته أشار صاحب شركات توريد أدوية في تصريحات صحفية، إلى أنه كان يورد قديما أدوية لسلاسل معينة، ثم فوجئ بأن صاحب هذه السلاسل احتكر استيراد هذا الصنف.

هيئة الدواء الجديدة

وفى 27 أغسطس الماضي، نشرت الجريدة الرسمية قانونا أقره البرلمان بإنشاء هيئتين للدواء، اﻷولى هيئة الدواء المصرية، والتي جاءت بدلا لجميع الهيئات اﻷخرى، والثانية هيئة الشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي وإدارة التكنولوجيا الطبية.

وتضم هيئة الدواء الجديدة جميع الجهات والكيانات الإدارية التي تختص بقطاع الدواء، لتحل محل كل من الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية والهيئة القومية للبحوث والرقابة على المستحضرات الحيوية. كما تحل محل وزارة الصحة والسكان في اختصاصاتها بشأن مزاولة مهنة الصيدلة.

وذلك بهدف حماية المواطنين من ممارسات شركات الأدوية كالاحتكار، وكرد فعل على ظهور بعض الأصناف الدوائية المحظور تداولها في السوق العالمية داخل مصر.

وتسعى الهيئة الجديدة لتحقيق ذلك من خلال حل المشكلات التالية:

  • عدم توفر الدواء، وانتشار ظاهرة الأدوية المغشوشة والمهربة.
  •  الممارسات الاحتكارية في سوق الدواء، وضعف الرقابة عليها.
  • العقبات التي تواجهها صناعة اﻷدوية في مصر.

مشكلات سوق الدواء

كان مئات من المواطنين قد تجمعوا أمام صيدلية الإسعاف في ديسمبر 2017 لصرف حقن البنسلين طويل المفعول، بعد معاناة جراء اختفائه من الأسواق لعدة أشهر.

كما شهد سوق الدواء ارتباكا بعد اختفاء عقار “فاركوبريل بلاس”، لعلاج ضغط الدم المرتفع، بالتزامن مع تصريحات لمسئولين في شعبة الدواء بالغرفة التجارية، كشفت أن نواقص الأدوية تخطت الـ1500 صنف، من بينها أكثر من 500 ليس لها بدائل.

من جانبه يقول أحد الصيادلة بمحافظة الإسكندرية، التي تشهد نقصا شديدا في دواء ضغط الدم: إن المرضى يحمّلون الصيادلة المسئولية عن اختفائه، ويعتقدون أنهم يقفون وراء إخفاء الدواء.

وكشف أن ظاهرة اختفاء الأدوية أو نقصها بات لها توقيتات دورية معروفة بين الصيادلة، يتحكم بها المصنعون والمستوردون، وأوضح الصيدلي في تصريحات صحفية، أن هذه التوقيتات تبدأ مع تردد أنباء رفع الأسعار أو فرض ضرائب جديدة، وليس لها علاقة بالعرض والطلب تماما.

وبحسب تقارير صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مايو 2015، تشكل اﻷدوية المهربة والمغشوشة نسبة 15% من مبيعات تجارة الدواء في مصر، أي ما يقرب من خمسة مليارات جنيه. ويتداول السوق المصري نحو 7% من الأدوية المغشوشة على مستوى العالم.

توزيع المخازن اللوجستية

مخازن الدواء إذن مشروع جديد مثل تأسيس هيئة الدواء، وكلها مازالت محاولات لمواجهة الاحتكار والأزمات المتشعبة، مثل ارتفاع الأسعار، ونقص أنواع متعددة من العلاج، وهي مشكلات مزمنة كما هي بلا حل منذ عقود طويلة وعلى مر حكومات متعاقبة.

وقد اعتبر البعض الحلول الجديدة بمثابة طفرة جديدة في صناعة الدواء، وحلّا لكل مشكلات وأزمات الدواء في مصر، وأنها وُضعت بتجرد كامل بشكل يخدم المصلحة العامة، فيما رأى البعض المخازن اللوجستية نقلة من احتكار أصغر لاحتكار أكبر.

كان الاجتماع قد خلص إلى توزيع المخازن الاستراتيجية الستة على المحافظات لتغطي أنحاء الجمهورية وذلك على النحو التالي:

  • مخزن استراتيجي في القاهرة يخدم محافظة القاهرة والعاصمة الإدارية.
  • مخزن يخدم الإسكندرية ومطروح والعلمين.
  • مخزن في الإسماعيلية يخدم مدن القناة وسيناء.
  • مخزن في المنصورة يخدم وسط الدلتا.
  • مخزن  في المنيا ليخدم شمال الصعيد.
  • مخزن في محافظة قنا يستهدف خدمة جنوب الصعيد والبحر الأحمر.

عمر الطيب

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *