في أزمة سد النهضة.. لماذا هددت إثيوبيا مصر بالحرب؟

إثيوبيا تهدد مصر في أزمة سد النهضة
تهديدات إثيوبية لمصر باستعمال القوة العسكرية في أزمة سد النهضة - مصر في يوم

تجاوزت أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا حدود الإطارات الدبلوماسية، ووصلت إلى حد التراشق بالألفاظ، وتوجيه التلميحات والتصريحات السياسية لما قد يتطوّر إلى صراع وحرب على المياه.

فخلال الساعات الماضية، أعربت جمهورية مصر العربية، عن صدمتها ومتابعتها بقلق بالغ وأسف شديد تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، التي ألقاها أمام برلمان بلاده، في إجابته على أسئلة النواب، عن أزمة سد النهضة.

بيان صحفي___أعربت جمهورية مصر العربية، في بيان صادر عن وزارة الخارجية اليوم ٢٢ أكتوبر الجاري، عن صدمتها ومتابعتها…

Gepostet von ‎الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية‎ am Dienstag, 22. Oktober 2019

تهديدات عسكرية

وقالت الخارجية المصرية في بيانها: “إن التناول الإثيوبي لقضية سد النهضة تستغربه مصر، باعتبار أنه لم يكن من الملائم الخوض في أُطروحات تنطوي على تناول لخيارات عسكرية”.

وأضاف بيان الخارجية: “أن القاهرة لم تتناول الخيار العسكري في أي وقت إلا من خلال الاعتماد على أُطر التفاوض، وفقا لمبادئ القانون الدولي، والشرعية الدولية، ومبادئ العدالة والإنصاف”.

وأكد البيان، دهشة مصر من تصريحات آبي أحمد، خصوصا أنها تأتي بعد أيام من حصوله على جائزة نوبل للسلام، مما كان يجدر بالجانب الإثيوبي أن يُبدي الإرادة السياسية والمرونة وحُسن النوايا نحو الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم وشامل، يُراعي مصالح الدول الثلاث: مصر، وإثيوبيا، والسودان”.

تصريحات مقلقة

وكان آبي أحمد قد صرح، أمس، بأمور تخص أزمة سد النهضة، على خلفية تلويح مصر باستخدام القوة، خلال جلسة استجواب بالبرلمان الإثيوبي، حسب وكالة الأنباء الإثيوبية.

وقال آبي أحمد: “يتحدث البعض عن استخدام القوة من جانب مصر، لكن يجب أن نؤكّد أنه لا يوجد قوة يمكنها منع إثيوبيا من بناء السد”.

وأضاف رئيس الوزراء الإثيوبي: “إذا كانت ثمة حاجة لخوض حرب، فيمكننا حشد ملايين، إذا تسنّى للبعض إطلاق صاروخ، فيمكن لآخرين استخدام قنابل، لكن هذا ليس في صالح أيّ منا”.

وتابع: “إثيوبيا ستواصل بناء السد، بغض النظر عن المخاوف التي لا أساس لها، والتهديدات العسكرية التي يطلقها إخواننا المصريين، وسألتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الروسية الإفريقية المقررة، الأربعاء والخميس، بمنتجع سوتشي”.

المفاوضات هي الطريق

وفي بيان الخارجية نفسه، ورد أن مصر قبلت دعوة من الإدارة الأمريكية، لاجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في واشنطن، اتساقا مع سياستها نحو تفعيل بنود اتفاق إعلان المبادئ.

يأتي هذا بينما أعلن محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، في 6 من أكتوبر الجاري، أن مفاوضات سد النهضة وصلت إلى “طريق مسدود“؛ نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي، ورفضه جميع الأطروحات التي تُراعي مصالح مصر المائية، وتتجنّب إحداث ضرر جسيم للبلاد.

وقدمت مصر بعدها اقتراحات، لكنها قوبلت بالرفض، لتعلن وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية، في بيان، يوم 9 أكتوبر الجاري، أن “اقتراح مصر الجديد بشأن سد النهضة أصبح نقطة خلاف بين البلدين”، وفق الوكالة الإثيوبية الرسمية للأنباء.

وبحسب الوكالة، فإن اقتراحات مصر المرفوضة تمثلت في الآتي:

  • إطلاق 40 مليار متر مكعب من المياه كل عام.
  • إطلاق المزيد من المياه عندما يكون سد أسوان أقل من 165 مترا فوق مستوى سطح البحر.
  • استدعاء طرف رابع في المناقشات بين الدول الثلاثة.

حلول بديلة وديون

من جانبها، تُسارع الحكومة إلى بحث حلول جديدة للأزمة التي باتت شبه حتمية، عبر الاستثمار في محطات المياه سواء بالتحلية أو بمعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي، في محاولة للتغلب على ما سيلحق مصر من بدء تشغيل سد النهضة الإثيوبي رسميا العام المقبل.

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي: “إن مصر تعتزم إنفاق 900 مليار جنيه بمشروعات توفير المياه بحلول عام 2037″، موضحا إنفاق نحو 200 مليار جنيه منذ 2014، لتنفيذ مشروعات تحلية المياه، ومن المتوقع إنفاق نحو 100 مليار جنيه بنهاية العام المقبل”.

وفي 21 من مارس الماضي، أوضح عاصم الجزار، وزير الإسكان، أنه جارٍ إنشاء 181 محطة معالجة صرف صحي، بإجمالي طاقة 4.8 ملايين متر مكعب يوميا، أي: ما يُقدّر بـ1.8 مليار متر مكعب سنويا، لخدمة 28 مليون نسمة.

تدهور الزراعة

والأحد الماضي، كشف مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، خلال فعاليات مؤتمر “القاهرة الثاني للمياه” تحت شعار “استجابة لندرة المياه” أن قطاع الزراعة سيتعرّض للضرر الأكبر جراء نقص المياه في مصر، بسبب سد النهضة.

وقال مدبولي، خلال كلمته بالمؤتمر: “وفي ضوء ندرة المياه وتدني نصيب الفرد من الموارد المائية، والتنافس بين القطاعات المستخدمة للمياه على الموارد المائية المحدودة، فإنه من المتوقع أن يتعرض قطاع الزراعة، الذي يستهلك ما يزيد على 80% من موارد المياه العذبة المتاحة في منطقتنا للجانب الأكبر من تبعات الندرة المائية”.

وكشف رئيس الوزراء عن التحدي المقبل، قائلا: “إن هذا سيؤثر سلبا على الأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي بشكل كبير”، وذلك بسبب ما سيخلفه سد النهضة من تدنٍّ في حصة مصر من مياه النيل.

من جهته، حذّر محمد عبد العاطي، وزير الري، من أن سد النهضة الإثيوبي قد يخفّض حصة مصر من المياه، ما يهدد ببوار 200 ألف فدان، وحدوث مشكلات لما يوازي مليون أسرة تقريبا، كما توقّع آخرون تبوير نحو 60% من الأراضي الزراعية، وتشريد نحو ستة ملايين فلاح.

وسيخلف سد النهضة آثارا سيئة على مصر، منها: نقص حصتها من المياه والجفاف، وخاصة أنه من المتوقع أن يحجز السد 74 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يعادل تقريبا حصتيْ مصر والسودان السنوية من مياه النيل.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *