وصلت مباحثات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا إلى طريق مسدود، ورغم توقيعهما وثيقة إعلان المبادئ في مارس 2015، إلا أن كلا منهما بات يتهم الآخر بمخالفة بنوده، ما اضطر مصر إلى عقد مباحثات مع أطراف أخرى تشارك في الأزمة.
وعقد السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية للشئون الإفريقية، الأحد، اجتماعا مع سفراء كل من ألمانيا وإيطاليا والصين، وهي الدول التي تعمل شركاتها في سد النهضة.
وفي الاجتماع، أعرب لوزا، عن استياء مصر من مواصلة تلك الشركات العمل في السد، رغم عدم وجود دراسات بشأن الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهذا السد على مصر، ومع علم هذه الشركات بتعثر المفاوضات نتيجة تشدد الجانب الإثيوبي، حسب تعبيره.
خبر صحفي__ عقد السفير/ حمدي سند لوزا نائب وزير الخارجية للشئون الأفريقية اليوم 13 اكتوبر 2019 اجتماعاً مع سفراء كل من…
Gepostet von الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية المصرية am Sonntag, 13. Oktober 2019
مخالفة للاتفاق
وأوضح لوزا للسفراء أن عدم إجراء الدراسات وعدم التوصل إلى اتفاق على ملء وتشغيل سد النهضة يمثل مخالفة لالتزامات إثيوبيا بموجب اتفاق إعلان المبادئ وبموجب قواعد القانون الدولي.
وأكد السفير المصري على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته في التأكيد على التزام إثيوبيا بمبدأ عدم إحداث ضرر جسيم لمصر، والعمل على التوصل إلى اتفاق يراعي مصالحها المائية.
وبهذا الخصوص، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد قال، في كلمة مصر بالأمم المتحدة خلال انعقاد الدورة الـ74 لها في 24 من سبتمبر الماضي: “مياه نهر النيل بالنسبة لنا مسألة حياة وقضية وجود، وهو ما يضع مسئولية كبرى على المجتمع الدولي للقيام بدور بناء من أجل التوصل إلى اتفاق مُرضٍ للأطراف كافة”.
الشركات العاملة
وبحسب وسائل إعلام إثيوبية وعالمية، فإن الشركات الدولية العاملة في المشروع تتضمن:
- شركة “ساليني إمبريجيلو” الإيطالية التي تتولى دور المقاول الرئيسي.
- شركة “ألستوم” الفرنسية التي تقوم على أعمال التوربينات والمولدات والمعدات الكهروميكانيكية.
- مجموعة الهندسة الميكانيكية الألمانية “فويث” التي تم الاتفاق معها على توريد توربينات.
- مجموعة “Gezhouba” الصينية المحدودة للإنشاءات والمقاولات.
- شركة “Voith Hydro Shanghai” الصينية التي تعمل في استكمال بناء محطة التوليد بالسد.
كما كشفت مصادر صحفية، في 23 من أبريل 2014، عن قيام أربع شركات مصرية متخصصة في أعمال المقاولات والإنشاءات، بنقل نشاطها من الأراضي الليبية إلى إثيوبيا، ومشاركتها في أعمال بناء سد النهضة بطرق غير مباشرة، حسبما ذكرت جريدة “الصباح”.
شركات مصرية إسرائيلية
وأضاف المصدر أن الشركات الأربعة هي: شركة “أي في كريت”، المتخصصة في مجال الأسمنت والحديد، وشركة “ترانس بيلد”، المتخصصة في نقل مواد البناء، وشركة “أكسبريس بيلدينج”، المتخصصة في أعمال الاستشارات الهندسية، وشركة “إليكرتيك أيفست” المتخصصة في أعمال الهندسة الكهربائية.
وأفاد المصدر أن هذه الشركات دخلت في مناقصة طرحتها الحكومة الإثيوبية، عبر تخصيص أكثر من 100 مليار دولار في أعمال الإنشاءات العمرانية التي تشهدها المدن الإثيوبية، وهو ما اعتبرته الشركات المصرية تعويضا عن خسائرها في ليبيا، لتنقل نشاطها إلى الأراضي الإثيوبية.
من جانبه، كشف اللواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، أن هذه الشركات المصرية هي شركات إسرائيلية في المقام الأول، يدعمها رجال أعمال يهود، بالتعاون مع بعض العملاء المصريين، وهذا ما لم يستبعده أيضا وكيل كلية الحقوق بجامعة قنا، محمد يونس.
بناء السد يتعثر
وتعرض القائمون على بناء السد إلى العديد من التحديات، إذ أعلنت الحكومة الإثيوبية، مقتل سيمجنيو بقلي، مدير سد النهضة الإثيوبي، في 27 يوليو 2018، “برصاصة وكان في يده مسدس” وذلك داخل سيارته في ميدان مسكل وسط العاصمة أديس أبابا، حسبما أفاد مفوض الشرطة الإثيوبية، جمال زينو.
لتعلن بعدها الحكومة، في 4 من أكتوبر 2018، عن تعيين المهندس كيفلي هورو، مديرا لمشروع سد النهضة، خلفا للمدير الراحل سمنجاو بقلي، وتعيين إبرهام بلاي المدير التنفيذي للطاقة الكهربائية الإثيوبية، وإيفريم ولد كيدان وفقادو كبد كنائبين للمشروع.
وكان آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، قد أصدر قرارا بتوقيف العقد مع شركة المقاولة ميتيك بخصوص بناء سد النهضة، حسبما أوضحت وكالة الأنباء الرسمية في أديس أبابا، قائلا: “لم نتمكن حتى الآن من تثبيت توربين مضخة، كما لم نستطع استكمال المشروع وفق الجدول الزمني”.
إدارة فاشلة
وشن رئيس الوزراء الإثيوبي، خلال مؤتمر صحفي، هجوما على إدارة مشروع السد، مضيفا: “بناء سد النهضة كان من المخطط أن ينتهي في خمس سنوات، لكن لم نتمكن من ذلك بسبب إدارة فاشلة للمشروع، خاصة بسبب تدخل شركة ميتيك”.
وأشار آبي أحمد إلى أن شركة ميتيك تسببت في تأخير استكمال البناء، قائلا: “لقد سلّمنا مشروعا ضخما معقدا إلى أناس لم يروا أي سد في حياتهم، وإذا واصلنا السير بهذا المعدل فإن المشروع لن يرى النور”، فيما تتهم منظمة الأنهار الدولية، منذ الشروع في البناء، مشروع سد النهضة بأنه مبالغ في حجمه، مما سيضر بدولتي مصر والسودان.
مقترحات وحلول
وبهذا، فقد باتت كل الخيارات الأخرى متاحة ومتوفرة أمام مصر، إذ تحول الموضوع إلى قضية أمن قومي وحياة ووجود، وقد عرض بعض الخبراء حلولا لتلك الأزمة، تمثلت في:
تدويل الأزمة بالتقدم بشكوى لمجلس الأمن الدولي، فإذا جرى قبول الشكوى في مجلس الأمن، سيجرى تحويل القضية إلى محكمة العدل الدولية للبت فيها، ثم تصدر المحكمة حكمها وترسله إلى مجلس الأمن، والذي سيعمل على تنفيذ هذا الحكم.
سحب الاستثمارات المصرية من إثيوبيا للضغط عليها سيسبب انتكاسة اقتصادية كبيرة للجانب الإثيوبي، وحتى لا تصبح الدول العربية منتهكة الموارد.
الضغط على “سالينى أمبريجيرو” الشركة الإيطالية المسئولة عن بناء سد النهضة الإثيوبي من أجل التوقف، إذ تنص قواعد القانون الدولي على: “عدم مساعدة أي دولة في إقامة مشروعات تؤدي إلى نقص المياه أو تأخير وصولها للدول الأخرى في أي حوض من أحواض الأنهار”.
أضف تعليق