منهم مَن يريد الثراء السريع، ومنهم من ألجأته الحاجة والفاقة، ومنهم من أغواه أصدقاء السوء، وهناك أسباب أخرى، إلا أن النتيجة إحدى ثلاثة، إما ثراء محرّم، أو السجن، أو الموت تحت الصخور، هذا مصير مَن يريد التنقيب عن الذهب في مصر بشكل غير مشروع.
فبين الحين والآخر تظهر أخبار عن منقبين، على اختلاف أحوالهم المذكورة آنفا، واجه أصحابها عواقب وخيمة، منها:
- أول أمس الأحد: مصرع شابيْن، إثر سقوط صخرة عليهما أثناء تنقيبهما عن الذهب بمحافظة البحر الأحمر.
- 15 سبتمبر: مصرع أربعة شباب، إثر انهيار صخرة جبلية عليهم أثناء التنقيب عن الذهب، خلف منجم السكري، بمرسى علم.
- 28 يوليو: إلقاء القبض على 15 شخصا، بحوزتهم طن من خام الذهب بالبحر الأحمر، بينهم أجنبيان.
- 1 يوليو: القبض على 34 شخصا، ينقبون عن الذهب بأسوان، بينهم 23 يحملون جنسية إحدى الدول العربية.
- 25 فبراير: القبض على 17 شخصا أثناء تنقيبهم عن الذهب بالبحر الأحمر، بينهم 13 أجنبيا.
- 24 مايو 2017: القبض على 213 شخصا، بتهمة التنقيب عن الذهب في المناطق الجبلية بالبحر الأحمر.
التنقيب عن الذهب في مصر
وبالحديث عن التنقيب عن الذهب في مصر بصورة مشروعة، فإن هناك شركتان في مصر لإنتاج الذهب، وأخرتان للبحث والتنقيب، إذ تعمل شركة “سنتامين” الأسترالية في منجم السكري، وشركة “ماتزهولدنج” القبرصية في منجم حمش، وهما لإنتاج الذهب، بينما تتولى شركتا “آتون ميننج” الكندية، و”ثاني دبي” الإماراتية مهمة البحث والتنقيب.
وفي مشروع حمش، تحصل الهيئة القومية للثروة المعدنية على 51% من الأرباح، بعد استرداد الشركة للتكاليف الاستثمارية، إلى جانب 3% من الإنتاج كإتاوة، بينما تحصل على 55% من الأرباح، و3% إتاوة في مشروع السكري.
كما تستعد أربع شركات كبرى في مجال التعدين، لبدء البحث والتنقيب عن الذهب، على رأسها شركة “ريسوليوت” الأسترالية، التي فازت بمنطقتيْ بوكاري وأم سمرة، وشركة “فيرتاس مايننج ليمتد” الإنجليزية الفائزة بمنطقة أم الروس، وشركة “غاز الشرق المصرية” بمنطقة أم عود وحنجلية، وشركة “غسان سبان للاستثمارات” الإسبانية بمنطقة دهب.
مشكلات الاستثمار
وبخصوص طبيعة الاستثمار، والعمل في الذهب، طالب نجيب ساويرس، رجل الأعمال، في 3 من سبتمبر الماضي، بسرعة إصدار اللائحة التنفيذية لقانون التعدين الجديد؛ لتشجيع الاستثمار في الذهب، قائلا: “التنقيب عن الذهب مخاطرة، وممكن المستثمر يخسر فلوسه، مش معقول إن المستثمر يخاطر، ويستخرج، ويدفع جمارك وضرائب، وكمان نقسّم معاه الذهب في الآخر”.
وأضاف ساويرس، في مداخلة تلفزيونية: “الاستثمار في التنقيب عن الذهب في مصر يتجاوز نصف المليار، والعائد لن يكون قبل سع سنوات، وبعد كده تقول لي لو لقيت ذهب هاخد منك النص! لازم اللائحة تراعي ثلاث نقاط، أولها حق الامتياز، هيكون 3 أو 5 أو 7%، وثانيتها هل سيُجرى تطبيق الضرائب التجارية العادية على شركات التنقيب؟ وقانون الاستثمار والجمارك ومعاملة الآلات”.
اقتسام الإنتاج
وفي هذا الشأن، كشف مصدر مسئول بهيئة الثروة المعدنية، في فبراير 2017، في تصريحات صحفية، أن النظام يقوم على أساس أن هيئة الثروة المعدنية تحصل على 5% من الإنتاج المستخرج من الذهب كإتاوة، وتُعطي الشركة نسبة 80% لمصاريف التشغيل، ويقسّم الجزء المتبقي بين الهيئة والشريك مناصفة.
لكن الحكومة اضطرت لتعديل القانون، لجذب استثمارات في ظل قرارات التقشف، فأعلنت، أول سبتمبر الماضي، أنها تتجه لتعديل اتفاقات استغلال خام الذهب عبر إحلال نظام “الضرائب والإتاوة” بدلا من “مشاركة الإنتاج” المعمول به حاليا، الذي أدى لعزوف شركات كبيرة عن الاستثمار بالقطاع منذ التسعينيات.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد صدّق، خلال الفترة الماضية، على القانون رقم 145 لسنة 2019، بتعديل بعض أحكام قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014؛ لجذب المستثمرين الجادين في مجال التعدين، وخصوصا في التنقيب عن الذهب.
قانون التعدين الجديد
وشملت أبرز التعديلات بقانون التعدين الجديد فصل مرحلة البحث عن الاستغلال، ودمج الجهات المُصدرة لتراخيص المحاجر في جهة واحدة، ورفع رسم الإتاوة، ليصل إلى 20% ولا يقل عن 5%.
كما أشار القانون الجديد إلى حالات إلغاء ترخيص البحث أو الاستغلال للمناجم في حالات، أبرزها عدم بدء الأعمال محل الترخيص لمدة أقصاها شهر من تاريخ استلام المساحة لأسباب ترجع للمرخص له، أو التنازل عن الترخيص إلى الغير أو التأجير من الباطن.
وتنوعت العقوبات في القانون بين الحبس والغرامة، إذ كانت أقل مدة للحبس ثلاثة أشهر، وأعلاها سنتين، وأقل مقدار للغرامة ألفيْ جنيه، وأعلى مقدار لها خمسة ملايين جنيه، وذلك مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر.
أما عن الحكم الشرعي في القضية، فيقول شوقي علام، مفتي الجمهورية: “إن التنقيب عن الذهب من غير تكليف من الدولة هو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعا، ومُجَرمٌ قانونا؛ لأن هذه الأراضي لا تسري عليها أحكام الملكية الخاصة، وليس في الإسلام مال لا صاحب له؛ لأنه لا سائبة في الإسلام، وإذا لم يعرف للمال صاحب أو وارث دخل ضمن المال العام”.
الذهب في مصر
ويقدّر عدد مواقع الذهب في مصر بأكثر من 120 موقعا، تقع كلها بالصحراء الشرقية، إذ توجد رواسب الذهب ضمن صخور القاعدة في عدة أشكال، وذلك بحسب بيانات صادرة عن هيئة الثروة المعدنية.
وتتوزع مناجم الذهب فى الصحراء الشرقية إلى أربعة قطاعات، هي القطاع الشمالي الموجود شمال طريق سفاجا – قنا، والقطاع الأوسط الذي يضم حوالي 62 موقعا، والقطاع الجنوبي الشرقي الموجود جنوب برانيس على البحر الأحمر، ويضم حوالي سبعة مواقع، والقطاع الجنوبي في نطاق وادي العلاقي، ويضم حوالي 19 موقعا للذهب.
كما أوضحت بيانات رسمية لوزارة البترول أن احتياطيات مصر المؤكدة من الذهب تصل إلى 15.7 مليون أوقية، أي: نحو 450 طن ذهب، وهي احتياطيات منجم السكري فقط، التي من المحتمل أن تزيد مع نجاح الشركات الفائزة في المزايدات من تحقيق اكتشافات تجارية.
أضف تعليق