إلى أي مدى تساعد منظومة تدوير المخلفات في حل مشكلة القمامة؟ تساؤل أُثير بعدما أعلنت الحكومة تفعيل منظومة إدارة المخلفات الصلبة لما لها من مردود كبير على الحياة اليومية للمواطنين، من حيث الحد من التلوث البيئي والبصري.
وتُعد مشكلة القمامة واحدة من أكبر المشكلات التي تواجهها الدولة، بعدما تحوّلت الشوارع الرئيسية والميادين ومحيط مؤسسات الدولة، والمدارس، والبوابات الخلفية للجامعات، بمرور الوقت إلى “مقلب عمومي” يحوي أطنان من المخلفات اليومية، تنبعث منها رائحة تزكم الأنوف.
وفي المقابل، تبذل أجهزة الدولة جهودا كبيرة، ومحاولات متعددة لإنهاء تلك الأزمة، إلا أن السلوك اليومي للمواطنين، وحجم ما يُنتج عنهم من مخلفات وقف كحائط صد أمام كل تلك المحاولات.
المخلفات الصلبة
ومنذ أيام، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمواصلة الجهود المبذولة لتفعيل منظومة إدارة المخلفات الصلبة، لما لها من مردود كبير على الحياة اليومية للمواطنين، من حيث الحدّ من التلوث البيئي والبصري، ومن الأمراض الناتجة عن حرق المخلفات، وخفض تكلفة التدهور البيئي، فضلا عن إقامة صناعة وطنية لإدارة المخلفات، وتوفير فرص عمل.
وبدأت محافظة المنيا بالتنسيق مع وزارتيْ البيئة والتنمية المحلية، وبالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع تطوير منظومة المخلفات الصلبة بملوي، وتشكيل لجنة لتنفيذ المرحلة الاولى بمصنع تدوير المخلفات الصلبة بمنطقة تونا الجبل، وتطوير خلية جديدة للمدفن الصحي الخاص بالمصنع.
ويعد تدوير المخلفات الصلبة أحد أهم مصادر تحسين الدولة لاقتصادها، والدليل على ذلك أن هناك دولا كبرى تستورد القمامة من الدول المجاورة لها، مثل: ألمانيا التي تستورد القمامة من أغلبية دول الاتحاد الأوروبي، والصين التي تستورد المخلفات أيضا من دول آسيا والاتحاد الأوروبي.
ووفقا لمراقبين، تنقسم المخلفات إلى عدة أنواع، فمنها:
- الصلبة، وهي مخلفات: الحديد – الكانزات، وعلب التونة والسمن.
- المخلفات البلاستيكية.
- المخلفات الورقية.
- الزجاج ومخلفات الزجاج.
- مخلفات الغذاء: بواقي الأطعمة والمأكولات.
إعادة تدوير
وتعليقا على انطلاق المبادرة، رأت شيرين فراج، عضو لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، أن الاهتمام بتلك المنظومة سيُعيد لمصر جمالها ونظافتها، كذلك الحفاظ على صحة المواطن، بحيث لا يكون هناك مدافن بيئية وتلوث للهواء، وتدوير تلك المخلفات والاستعانة بالتجربة الألمانية في تدوير المخلفات الصلبة.
وقالت في تصريحات صحفية: “إن وزارة البيئة قامت بالإعلان عن تخطيط 59 مدفنا بيئيا، ويتعارض تماما مع منظومة تدوير المخلفات الصلبة، الأمر الذي يوضح أنه لا نية لإدارة المخلفات الصلبة، والحفاظ على البيئة، وعدم تلوث الهواء، بعد تخطيط هذا العدد من المدافن”، متسائلة: “أين إستراتيجية وزارة البيئة لحل هذه الأزمة؟”.
وأكدت أن الإعلان عن 59 مدفنا من قِبَل وزارة البيئة، سيتسبَّب في أزمات لاحقة، وسيكون إهدارا للمال العام، وعكس ما يريده الرئيس في تلك المنظومة، منوّهة أن التجربة الألمانية تعتمد على التدوير، وليس الدفن ثم التدوير، فالحل الأمثل هو الفصل من المنبع، وتشجيع المواطن على ذلك بحافز بسيط، مع التخطيط للتخلص النهائي من القمامة بـ”100% إعادة تدوير”.
حجم المخلفات
وتشير التقديرات إلى أن حجم المخلفات في مصر يصل إلى نحو 26 مليون طن سنويا، وأن ما يُجرى تدويره منها لا يتجاوز 15%.
ومن جهته، قال حازم الظنان، مدير البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة: “إن عملية الارتقاء بمنظومة إدارة المخلفات الصلبة في ألمانيا استغرقت 30 عاما”، مشيرا إلى أن القطاع الخاص في ألمانيا يعد عنصرا أساسيا في العمل على ملف المخلفات الصلبة.
وأضاف “الظنان”، في حواره ببرنامج “صالة التحرير”، المذاع على قناة “صدى البلد”: “أن القمامة بها جزء عضوي، ومتوسط المستوى العضوي للقمامة في مصر 60% أو أكثر”، مشيرا إلى أن مصر تنتج 26 مليون طن سنويا من القمامة.
وأوضح أن مصر تنتج نحو 66 ألف طن في اليوم من القمامة، مشيرا إلى أن هناك ضعفا في البنية التحتية والقدرات المتواجدة للتعامل مع ملف إدارة المخلفات الصلبة.
مصادر التمويل
وفيما يخص التمويل، أعلنت سحر نصر، وزيرة الاستثمار التعاون الدولي، عن بدء المرحلة الثالثة من مشروع إدارة المخلفات الصلبة بمحافظة المنيا، وتوقيع جزء منها بقيمة 70.5 مليون جنيه من إجمالي 100 مليون يورو لتنفيذ المرحلة الثالثة للمشروع.
وفي أغسطس الماضي، بدأت وزارة التنمية المحلية إجراءات تنفيذ مكون المخلفات الصلبة للقرى والمدن الواقعة بنطاق مصرف كتشنر، بتكلفة 79 مليون يورو، إذ جرى طرح المرحلة الأولى من المناقصة على الموقع الخاص بالمشروع ECEPP، كما جرى طرح الإعلان عن المناقصة على الموقع الإلكتروني الخاص بالوزارة للوصول إلى أكبر قاعدة ممكنة من المتقدمين.
ومشروع تطوير مصرف كتشنر تنفذه الحكومة المصرية بالتنسيق مع بنك الاستثمار الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والاتحاد الأوروبي، بتمويل 481 مليون يورو.
يُذكر أن فاتورة استيراد مصر للمخلفات بلغت خمسة مليارات جنيه، في الفترة من 1 يناير وحتى 30 أبريل 2018، بزيادة 700 مليون جنيه.
ووفقا لأحدث الدراسات التي أصدرها المركز المصري للدراسات البيئية، قُدرت قيمة الأموال المهدرة في أكوام القمامة بما يقرب من 17 مليار جنيه.
أضف تعليق