الأمن الغذائي المصري.. ماذا يواجه من أخطار؟

الأمن الغذائي المصري.. ماذا يواجه من أخطار؟
مشاكل عديدة تهدد الأمن الغذائي، مثل التغير المناخي، والتصحر، وتراجع إنتاجية الأراضي- مصر في يوم

“أزمة سد النهضة والتغيرات المناخية وضعف الإنتاجية الزراعية” مخاطر بالجملة تهدد الأمن الغذائي في مصر، كشفت عنها تحذيرات المسئولين خلال اليومين الماضيين.

ووفقا لتقارير رسمية تفقد البلاد 40% من إنتاجها من الفواكه والخضراوات التي تقدر بـ30 مليون طن سنويا، ويسهم عدم كفاية المناولة والتعبئة والنقل والتبريد في زيادة النفايات.

الأمن الغذائي في مصر

وأثارت تصريحات وزيري الري والزراعة أمس، مخاوف الكثيرين حول الأمن الغذائي في مصر، إذ قال محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية: إن عدم وصول مصر لاتفاق مع إثيوبيا حول سد النهضة، سيؤثر سلبا على الأمن الغذائي المصري.

وأشار في الجلسة الافتتاحية لورشة العمل الإقليمية حول دعم تنفيذ المساهمات المحددة، إلى أن السد قد يخفض حصة مصر من المياه بنسبة 2%، مما يهدد ببوار 200 ألف فدان، وحدوث مشاكل لما يوازي مليون أسرة تقريبا.

وأضاف الوزير أن 95% من أرض مصر صحراء، فيما يمثل نهر النيل نحو 95% من مصادر المياه، مما يجعل الأمور حساسة جدا لأي أعمال تقام في دول المنبع، مثل سد النهضة في إثيوبيا، وتابع: “لا يزال لدينا أمل في الوصول إلى حل لمشكلة السد بالتفاوض، رغم أنه استغرق وقتا طويلا”.

الفقر المائي

وقال عبد العاطي: إن الدول العربية تواجه تحديات صعبة في إدارة مشاكل المياه التي تتزايد، بسبب الفقر المائي والزيادة السكانية، كما أن التغيرات المناخية تؤثر سلبا على موارد المياه.

وأوضح أن مصر تعتبر من أكثر البلدان تأثرا بالتغيرات المناخية، التي تظهر في ارتفاع منسوب مياه البحر بما يعمل على زيادة ملوحة التربة، إذ تتداخل المياه المالحة مع الجوفية كما ينخفض هطول الأمطار، مما يزيد الفقر المائي.

وسلمت مصر إثيوبيا والسودان، الرؤية المصرية فيما يتعلق بأسلوب ملء وتشغيل سد النهضة، خلال فترات الفيضان والجفاف، ووجهت مصر دعوة بناء على مطلب الجانب الإثيوبي بتعديل موعد الاجتماع السداسي بين الدول الثلاثة، والذي كان مقررا في أغسطس، ليصبح في منتصف سبتمبر الجاري للتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، بحسب وزير الري في تصريحات سابقة الشهر الماضي.

التغيرات المناخية

من جانبه قال سعد نصار، مستشار وزير الزراعة: إن هناك مشاكل عديدة تهدد الأمن الغذائي، مثل التغير المناخي، والتصحر، وعدم التنوع البيولوجي، وتراجع إنتاجية الأراضي.

ولفت إلى أن مصر تعمل على مواجهة ذلك بعدة مشروعات منها المشروع العملاق لتحديث أنظمة الري لنحو 5 ملايين فدان بتكلفة استثمارية 3 مليارات دولار، جرى الحصول عليها في صورة قروض ومنح من مؤسسات دولية وإفريقية عديدة، موضحا أنه “جرى الانتهاء من 250 ألف فدان، ومن المخطط استكمال المشروع خلال السنوات العشرة المقبلة”.

وكشف وزير الري عن استنباط سبعة أنواع جديدة من الأرز تستهلك كميات أقل من المياه، كما خفضت مصر مساحات الأرض المنزرعة به.

بينما قال عبد السلام ولد أحمد، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة، والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، إن هذه المنطقة ستتحمل العبء الأكبر للتغيرات المناخية، وتآكل مواردها.

وأوضح أن ارتفاع منسوب البحر بسبب الاحترار العالمي في 2050 وفقا للدراسات بنحو 2 مليمتر، سيؤدي إلى بوار مساحات كبيرة من الأرض الزراعية خاصة المملوكة لأصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة.

ضعف الأراضي الزراعية

وبخلاف ازمة المياة والتغيرات المناخية والتصحر، يواجه الأمن الغذائي في مصر خطرا آخر، متمثل في ضعف إنتاجية الأراضي الزراعية وإصابة النباتات بالأمراض والفطريات والحشرات، وكذالك استخدام أسمدة مغشوشة.

وذكر تقرير Nature Outlook الذي تناول قضية الأمن الغذائي، الذي حمل عنوان “مصر: مساحة للنمو” إنتاج أراضي وادي النيل ودلتاه، والتي لا تشكل مساحتها أكثر من 5% من مساحة البلاد، من الأغذية التي لا تكفي السكان، الذين يبلغ عددهم 92 مليون نسمة، إذ تستورد مصر القمح أكثر من أي بلد آخر، فهي تستورد 54% من احتياجاتها.

وحذر خليل المالكي، أستاذ المبيدات ووقاية النبات بمركز البحوث الزراعية، من استخدام المزارع أسمدة مُركبة مغشوشة مما يؤدي إلى فقد جزء كبير من محصوله أو مواصفات الثمار المطلوبة، لأنه يستخدم مثلا المخصبات التي تحتوي على نسبة نيتروجين مُرتفعة قبل الإثمار، أما فترة الإثمار فيستخدم أسمدة تكون نسبة النيتروجين بها قليلة ونسبة البوتاسيوم مرتفعة وذلك لزيادة حجم الثمرة.

ويُضيف المالكي، أن ارتفاع تكاليف تحاليل الأسمدة قبل استخدامها من قِبل المزارعين يمنعهم من التأكد من صحة النسب المدونة على أغلفة تلك الأسمدة.

حلول ومقترحات

وقدمت الحكومة بعض الحلول لمواجهة مخاطر الأمن الغذائي في مصر، إذ تجري وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة الري تنفيذ مشروع يتضمن خططا وبرامج تنفيذية لتحديث نظام الري السطحي في الدلتا ووادي النيل، لترشيد استهلاك المياه في مساحة 5 ملايين فدان.

كما جرى تنفيذ 220 ألف فدان من أراضي المشروع ويجرى استكمالها خلال 10 سنوات بمعدل تنفيذي يصل إلى 500 ألف فدان.

كما جرى إنشاء 100 ألف صوبة زراعية يمكنها توفير الخضراوات على مدار العام بأسعار تنافسية، بهدف السيطرة على ارتفاع الأسعار وطرح منتجات زراعية ذات جودة عالية.

كما وضعت وزارة الري أربعة محاور للتعامل مع قضية المياه، وهي تحسين نوعية المياه، وزيادة كفاءتها، وتنمية الموارد المائية، إضافة إلى تهيئة البيئة التشريعية متمثلة في قانون الري الجديد الذي يشدد العقوبات على الاستخدام الجائر للمياه.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *