تجارة عملة ودواء وأسمدة.. ما أسباب عودة السوق السوداء؟

السوق السوداء
انتشار تجارة العملة والدواء والأسمدة في السوق السوداء - مصر في يوم

رغم الحملات التي تشنّها الحكومة على تجار السوق السوداء في جميع المحافظات، فإن هناك مجالات كثيرة ما زالت تحت سيطرة مافيا تجارة السوق الموازية، مثل: سوق الدواء، والأسمدة، والصرف، وتذاكر بيع المباريات الرياضية والقطارات.

ووفقا لمراقبين، فإن ظهور السوق السوداء يعد مؤشرا واضحا على الأخطاء الاقتصادية وسوء الإدارة التي تؤدي إلى عواقب وخيمة على الدولة، وخصوصا على الفقراء ومحدودي الدخل.

السوق السوداء

وخلال الآونة الأخيرة، شنّت الحكومة حملات على مافيا السوق السوداء، وتمكّنت الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات من ضبط أحد الأشخاص حال تواجده بمحطة سكك حديد مصر برمسيس بالقاهرة، وبحوزته 45 تذكرة لقطارات الوجه القبلي “درجة ثانية” تمهيدا لبيعها بالسوق السوداء بأعلى من قيمتها بقصد التربح.

وحصل المتهم على التذاكر من صرافين “محددين” بالمحطة ذاتها، لبيعها بالسوق السوداء مقابل منح كل منهما مبلغ 10 جنيهات عن كل تذكرة.

مع اقتراب موعد مباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي كأس مصر على ملعب إستاد برج العرب، التي أُقيمت مساء أمس الأحد، ارتفع ثمن التذاكر في السوق السوداء التي شهدت رواجا كبيرا خلال الساعات الماضية.

ووصل سعر التذكرة التي تحمل فئة 75 جنيها إلى 300 جنيه، الأمر الذي أغضب الجماهير بشدة.

تجارة العملة

وما زال هناك نشاط ملحوظ لتجارة العملة، رغم تعويم الجنيه من أجل القضاء على السوق الموزاية، إذ أمرت نيابة شرق القاهرة، برئاسة أحمد عز المحامي العام الأول للنيابات، بحبس عاطل أربعة أيام على ذمة التحقيق، بتهمة اتجار العملات الأجنبية خارج السوق المصرفي، بقصد تحقيق أرباح غير مشروعة.

وعثر بحوزته على 50 ألف دولار أمريكي، و5000 جنيه مصري، بقصد الاتجار بالنقد الأجنبي خارج السوق المصرفي لتحقيق أرباح غير مشروعة، وانتحاله صفة شخص آخر بسبب وجود خلافات زوجية بينه وبين زوجته، وقيامها برفع دعوى قضائية ضده، وجارٍ تحرير المحضر اللازم والعرض.

كما أمرت نيابة مدينة نصر بحبس ثلاثة أشخاص، أربعة أيام على ذمة التحقيقات، بتهمة الاتجار في العملة الأجنبية، وعُثر بحوزتهما على مبلغ قدره 2.491.715 جنيه مصري، 30 ألف دولار أمريكي، و34 ألف يورو، وخمسة شيكات بنكية فارغة، بمنطقة مدينة نصر.

مافيا الدواء

وبخلاف انتشار السوق السوداء في تذاكر القطارات والمباريات، وكذلك سوق الصرف، تعصفت السوق الموازية بتجارة الدواء بمصر، في ظل غياب الرقابة من قِبَل نقابة الصيادلة والتسعير غير المُرضي للشركات، واستيراد المواد الخام من الخارج.

ورغم الإجراءات التي قامت بها وزارة الصحة، لإعادة تأهيل سوق الدواء في مصر، خلال العامين الماضيين، فإنها حتى الآن لم تستطع إحكام سوق الأدوية وإنهاء السوق السوداء.

وفي هذا الشأن، قال وكيل نقابة الصيادلة الأسبق، محمد سعودي: “إن الدواء لم يشهد سوق سوداء في مصر، إلا منذ عامين فقط، وبدء بيع الأدوية بأغلى من سعرها بسبب نقصها”، مضيفا “أن السوق السوداء في الدواء تُجرى خارج الصيدليات في المخازن، وعن طريق صيدليات الدخلاء على مهنة الصيدلة”.

وأشار في تصريحات له إلى أن أحد أسباب هذه الظاهرة هي سوء توزيع الأدوية، مشيرا إلى الإعلانات التي يُجرى ترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأشخاص يعرضون أدوية ناقصة على الصيادلة بأسعار أعلى من سعرها الأصلي.

وأوضح أن نقص الأدوية السبب الرئيسي فيها هو سعر الدواء الذي لا يُرضي الشركة، أو لا يسمح لها بربح، فتتوقف عن إنتاجه.

الأسمدة الزراعية

وفي مجال الزراعة، اعتاد المزارعون على مشكلة نقص الأسمدة الزراعية في الجمعيات، خلال الموسم الصيفي كل عام، وتأخر تسلّم حصصهم بالكامل بحسب مساحات الحيازات، ما يضطرهم إلى اللجوء إلى السوق السوداء، إذ يبيع التجار الشيكارة الواحدة مقابل 350 جنيها مستغلين الأزمة.

وأكد عمر الدجوي، الأمين العام للجمعية المصرية لتجار وموزعي الأسمدة ومستلزمات الإنتاج الزراعي، أن بيع الأسمدة المدعمة في السوق السوداء أثر على شركات القطاع الخاص الموزعة بالسلب، مشيرا إلى أن سعره الحر يبلغ 5200 جنيه للطن، بينما المدعم ثلاثة آلاف جنيه.

وأشار في تصريحات صحفية إلى ضرورة وضع آلية لتحويل دعم السماد العيني إلى نقدي حتى يضمن وصول الدعم للمزارعين، وذلك عن طريق نظام الحيازات الزراعية الذكية، من خلال دعم خمسة من المحاصيل الإسترتيجية الأساسية، كالقمح والذرة والأرز وقصب السكر والبنجر.

وطالب الدجوي برفع الدعم عن الحيازات الزراعية فوق 25 فدانا، كذلك رفع الدعم عن المحاصيل غير الإستراتيجية، ما يؤدي إلى وصول الدعم كاملا للفلاح، وتوفير ما يقرب من نحو ثلاثة مليارات جنيه لخزانة الدولة.

انتشار السوق السوداء

ووفقا لمراقبين، فإن من الأسباب الأساسية لانتشار السوق الموزاية في مصر هي عدم توفر المنتج في السوق، وعدم قدرة الحكومات أو الشركات لتوفير المنتج، ووجود حاجة ماسة من قِبَل المستهلكين، ما يخلق سوقا سوداء، يجرى التحكم في سعر المنتج والمنتج نفسه من قِبل بعض التجار.

وأسعار السوق السوداء تكون أعلى من السوق الرسمية إذا كان الطلب على السلعة أو الخدمة مرتفع، وتكون أسعارها أقل من السوق الرسمية إذا كان الطلب على السلعة أو الخدمة منخفضا.

وللقضاء على السوق السوداء، تضطر الدول لاتخاذ إجراءات يكون فيها ضررا اقتصاديا حتميا، قد ينتج عنه زيادة في الأسعار، أو تقلّص في الناتج الإجمالي المحلي، أو هبوط لقيمة العملة المحلية، وغير ذلك من الأضرار.

وفي بعض الأحيان، تغض الدولة الطرف عن السوق السوداء لعجزها عن إيجاد حل أو سد النقص الذي يطرأ على سلعة أو خدمة ما، لأن هذه الأسواق يستحيل السيطرة والقضاء عليها بالقوة، وتحتاج لإجراءات وقرارات مدروسة.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *