#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته.. سؤال طرحه رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر منصة تويتر في سخرية واستنكار، في محاولة لمعرفة أسباب تراجع دور النكتة والضحك في حياة المصريين.
فقد عُرف عن المصريين أنهم شعب لا يكف عن إطلاق “النكات” والتعبيرات الساخرة في كل الأحوال، حتى إنهم يلجأون إليها للهروب من أزماتهم وهمومهم، فيطلقون عبارة موجزة تبعث البهجة وتثير الضحكات، لذلك أُطْلِق عليهم “شعب ابن نكتة”.
ويوضح علماء الاجتماع، أن السخرية سمة متأصلة في الشعب المصري منذ قديم الأزل، ورثها عن أجداده قدماء المصريين، إذ كان معروفا عن الحضارة المصرية أنها واحدة من أغنى الحضارات وأكثرها تطورا وانفتاحا في مجال الفكاهة والسخرية، حيث يظهر فيها الهزل في كثير من الموضوعات، سواء من الحياة اليومية، أو عبر الأساطير.
وتشير الكتب التاريخية إلى أن أقدم نكتة فرعونية، تعود إلى العام 1600 قبل الميلاد، وهي نكتة محفورة على المعابد المصرية القديمة، وبالتحديد في عصر الملك سنفرو، وتقول النكتة الفرعونية: “إذا أردت أن تسلي الفرعون العظيم سنفرو وتخفف عنه همومه فعليك بدفع مركب في مياه النيل على متنها أجمل فتيات مصر، على أن تستبدل تلك الحسناوات ملابسهن بشباك للصيد، ثم تطلب من الفرعون الذهاب لصيد الأسماك في النيل بدون شبكة صيد لينتقي الشباك التي تروق له”.
لكن يبدو أن النكتة والضحك من القلب تغير في شكله وملامحه، وانحسر بفعل الظروف السياسية والمعيشية العصيبة في وقتنا الحالي.
ربما تكون الضغوطات الاقتصادية وشظف العيش، وكل ما يحاصر المصريين من مشكلات خلال السنوات القليلة الماضية، وغيرها من الأسباب التي أدت إلى انقراض النكتة وتراجع رسالتها، والتي حاول مدشنو الهاشتاج رصدها من خلال مشاركات المدونين.
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
وحصل هاشتاج #ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته الذي أطلقه بعض رواد موقع التدوين المصغر “تويتر” باحثين من خلاله عن إجابة لتساؤلهم، على المركز الثالث ضمن قائمة التريندات الأكثر تداولا في مصر.
ورغم أن المشاركات جاءت في معظمها في إطار ساخر، إلا أنها لم تخل من الحسرة والألم، فعلى سبيل المثال قال عبد الرحمن محجوب: “وتعمل ايه النكت ما كله رايح”
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
وتعمل ايه النكت ما كله رايح 💔 pic.twitter.com/AuqVP607Di— Abdulrahman Mahgoub 👑 (@Abdou_jazwi) August 30, 2019
بينما قرر “محمد علي” أن يضحك رغم كل الظروف قائلا: “الوحـيد في الکون کله اللى مـهما الدنيـا جـت عليــه وخبـطت فـيه برضو بيعرف يضحک وهنکت وهنفرح رغم انف أي حد ومهما کانت الظروف والظلم”
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
الوحـيد في الکون کله اللى مـهما
الدنيـا جـت عليــه وخبـطت فـيه
برضو بيعرف يضحک
وهنکت وهنفرح رغم انف أي حد
ومهما کانت الظروف والظلم 💪— mohamed ali (@ali_banderi) August 30, 2019
ويستعين مشارك آخر في هاشتاج #ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته بصورة لمشهد من فيلم قديم معلقا بقوله:” انت مبقتش ابن نكتة، بقيت كئيب.. عارف يعني إيه كئيب؟”
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
انت مابقيتش ابن نكته😠
انت بقيت كئيب….عارف يعنى ايه كئيييب🤨؟ pic.twitter.com/5plAfHLjJX— راكب حصان خيالى (@Sora762000) August 30, 2019
ويستنكر “مصطفى” سؤال#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته قائلا: “العيشة صعبة ومفيش فلووس ولا عارف اتجوز وانت بتسأل #ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكتة”
العيشة صعبة..☹
ومفيش فلووس..😬
ومش لاقي.. شغل..😓
ولا عارف أتنيل أتجوز..🙄
وانت بتسأل #ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
😂😂😂😂😂 pic.twitter.com/QjE550DI8i— 😉M O S T A F A✌ (@vip012777) August 29, 2019
وعلى ذات الصعيد، يقول “آدم” معددا أسباب غياب الضحك والنكت، أن ارتفاع فواتير الكهرباء والغاز والأمراض التي تصيب المصريين جراء الضغوط التي يتعرضون لها كلها تحول دون الضحك.
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
يعني ارتفاع كهربا ومياه وغاز
وضغط دم وطحال وبنكرياس
وعايزه يبقي ابن نكته pic.twitter.com/RVkOhuk0VE— آدم 😌 (@shetoooosawy) August 29, 2019
ويسخر “أحمد محيي” من السؤال من خلال جملة في أحد الأفلام السينمائية للفنان عادل إمام.
عشان اي محاوله للضحك والفرفشه بتبقي محاوله مش متعادله يا عبد الجبار وأي محاوله لتغيير الوضع هيا نفسها في حد ذاتها فاشله ..
فهمت يا عبد الجبار 🤚🏿🤚🏿🤚🏿#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته pic.twitter.com/XiLC7Onvih— ahmed mohey (@mohey509) August 29, 2019
أما “كريم” فيجيب على السؤال بشكل مختلف، متخيلا حوارا بين زوجين تسأل فيه الزوجة زوجها عن سبب امتناعه عن النكت ليرد “مش لاقي آكل.. يعني لما العيال تجوع اضحكلهم واقول لهم أصل بابا مكانش فاضي يشتغل.. كان بيضحك”.
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
– انت مش بتضحك وتقول نكت ليه
= اضحك على ايه ياوليه وانا مش لاقى اكل
-ياخويا المهم الضحكة الحلوة
= يعنى لما العيال تجوع اضحكلهم واقولهم اصل بابا مكانش فاضى يشتغل كان بيضحك 😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂 pic.twitter.com/PVzXPTALWX— Ká®iM (@H7enkch) August 29, 2019
ويرى محمد أنه “مفيش نفس للضحك وان الموت راحة”.
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته مبقاش فيه نفس احنا بنحسد اللى بيموت دلوقت وبنقول يابخته ارتاح😂😂😂😂😂 pic.twitter.com/Z4eV7SKdI1
— mohamed❤❤ (@mo66115572) August 29, 2019
ويرد تامر ساخرا: “ليه مع اننا عايشين في رفاهية ورخاء ووفاء وسناء دول العالم بتحسدنا عليهم، ويتساءل.. يمكن محسودين؟”
#ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته
مش عارف مع اننا عايشين فى رفاهيه ورخاء ووفاء وسناء دول العالم بتحسدنا عليها
يكونش محسدوين ياولاد؟ pic.twitter.com/Xs7IDgLals— tamer mansour (@tamer_titooooo) August 30, 2019
ليه اللي جايلك أجنبي عرفه عليه تطبطبي ؟
وتركبي الوش الخشب وعلي اللي منك تقلبي ؟ pic.twitter.com/bJE5oe32Yv
— cř7 ặĥɱěd (@cr7Ahmed1cr7) August 29, 2019
النكتة والكوميكس
وفي سياق الأسباب التي ذكرها مغردون عبر مشاركتهم في هاشتاج #ليه_المصري_مبقاش_ابن_نكته والتي دارت في فلك صعوبات الحياة، وتدهور الحالة الاقتصادية لعامة الشعب، يرى أحمد مجدي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة، أن ارتباط المصريين بالنكتة قد يرجع إلى معاناته الاقتصادية وارتفاع الأسعار، فضلا عن علاقاته المتأرجحة مع السلطة الحاكمة.
ويضيف مجدي في تصريحات صحفية: أن انتشار صفحات “الكوميكس”، على مواقع التواصل الاجتماعي تعد تطورا في شكل ” النكتة” التي كان يجرى ابتداعها وإطلاقها بطريقة عفوية في جلسات الأصدقاء.
ويوضح أستاذ علم الاجتماع، أن مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها بين عدد كبير من الشباب، انعكس بشكل كبير على روح الدعابة والسخرية التي يتمتع بها المصريون، حيث تطورت النكتة من شكلها التقليدي، من مجرد “قول تلقائي”، إلى صورة وجملة، او استدعاء مشهد من أحد الأعمال الدرامية، وتطويعها في شكل كوميدي ساخر، كما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى الصعيد وفي سياق الرد على سؤال غياب البهجة وتراجع الضحكة: يشير أستاذ علم التاريخ، بجامعة وولويرامبتون، بول ماكدونالد، إلى أن الغرض من التنكيت منذ فجر التاريخ، هو تناول موضوعات محظور الاقتراب منها بروح من الدعابة، للتملص من الوقوع تحت طائلة القانون.
ويؤكد من خلال دراسة جمع فيها أقدم 10 “نكت” فى التاريخ، أن النكتة كانت تتغير بتغير الأزمنة والقرون والظروف السياسية والاقتصادية لكل وقت، فتارة تأخذ شكل فزورة أو لغز، وتارة أخرى تأخذ شكل الفكاهة والدعابة.
أضف تعليق