امتدت مؤتمرات الشباب في مصر من شرم الشيخ إلى القاهرة، ومنها إلى الإسماعيلية، وصولا إلى أسوان ثم العاصمة الإدارية، حيث عقدت مصر خلال ثلاث سنوات سبعة مؤتمرات للشباب بحضور الرئيس السيسي، وسط تساؤلات عن جدوى انعقاد تلك المؤتمرات سياسيا واقتصاديا على الدولة.
ووفقا لمراقبين فإن مؤتمرات الشباب تُمثّل تقليدا سياسيا معروفا ومُمتدا تاريخيا، في الكثير من الدول، تحت إطار الشرعية والأيديولوجيا، فالشباب في المجتمعات الحديثة يمثل طاقة إنتاجية وأيديولجية ضخمة.
ويوم الأربعاء الماضي اختتم الرئيس عبدالفتاح السيسي المؤتمر السابع للشباب، الذي حضره 1500 شاب من مختلف محافظات الجمهورية، واستمر لمدة يومين “30 و31 يوليو”.
مؤتمرات للشباب
وانطلقت النسخة الأولى من 7 مؤتمرات للشباب برعاية رئاسية وحكومية بمدينة شرم الشيخ جنوب سيناء، في أكتوبر 2016، وأبدى الرئيس السيسي استجابته لمطالب الشباب بإقامة المؤتمر دوريا (كل شهرين على أقصى تقدير).
وأعقبه سلسلة من المؤتمرات بلغت ستة مؤتمرات، احتضنت ثلاثة آلاف شاب خلال 83 جلسة، تحدث خلالها 472 شابا فقط، وفق تقديرات صحفية، وكان آخرها قد عقد بجامعة القاهرة في يوليو 2018، قبل أن يعقد المؤتمر السابع بالعاصمة الإدارية نهاية الشهر الماضي.
كما جرى تنظيم منتديين عالميين للشباب عامي 2017 و2018، وفي مارس 2019 كان انطلاق ملتقى للشباب العربي والإفريقي.
ومن المعروف أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أول من ابتدع فكرة المؤتمر الدولي للشباب في عام 2007، تحت شعار “شباب من أجل السلام .. أنت تتحدث ونحن نستمع”، وهو نفس الشعار الذي تكرر خلال عهد الرئيس السيسي عام 2017.
لكن تتميز مؤتمرات الشباب في عهد السيسي بفكرة التوصيات، والتي لم تكن معروفة في مؤتمرات الشباب التي نظمها رؤساء مصر السابقون، وكذلك التنظيم الجيد.
تكلفة مؤتمرات الشباب
لكن على الوجه الآخر يحيط بمؤتمرات الشباب مجموعة من التساؤلات من مواطنين وخبراء عن تكلفتها المادية العالية أو عدم جدواها، في وقت يعاني فيه المصريون من قرارات رفع الأسعار المتتالية، وكذلك ارتفاع معدلات الفقر.
وتوضح الحكومة أن الموازنة العامة للدولة ومؤسسة الرئاسة لم يتحملا أي تكلفة مادية لإقامة هذه الفعاليات، ولكن هناك شركات وبنوك تتولى تنظيم وتكلفة المنتديات كاملة على نفقتها الخاصة.
وقدَّرت تكلفة المنتدى الأول للشباب بنحو 750 مليون جنيه، في حين بلغت تكلفة المؤتمر الوطني الأول الذي عقد بشرم الشيخ واستمر ثلاث ليالٍ وحضره قرابة 3000 شاب، وأكثر من 100 شخصية عامة، وكبار المسئولين في الدولة، حوالي 5 ملايين جنيه، وبلغت تكلفة المؤتمر الثاني الذي عقد بمحافظة أسوان 3 ملايين جنيه ونصف المليون، وحضره قرابة 1500 شاب.
مردود اقتصادي
ووفقا لخبراء اقتصاد، تكلف المؤتمرات خسائر مادية تقترب من الربع مليار جنيه، إذ إن الأمر لا يقتصر على إقامة الضيوف والشباب في الفنادق، التي لا تقل عن 3 ملايين كحد أدنى، بل هناك تأمينات لموكب السيسي ورئيس البرلمان والوزراء وغيرهم من الحضور، وهذه التأمينات تكلف قرابة 2 مليون جنيه كحد أدنى أو يزيد.
ومن جانبه قال شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي: إن الهدف من المؤتمر الوطني السادس للشباب، هو تحسين صورة الدولة، ومحاولة لخلق انطباع إيجابي لدى الرأي العام.
وأضاف الدمرداش في تصريحات صحفية أن “المؤتمر ليس له مردود اقتصادي على الإطلاق، ولم تُعلن الدولة عن أنها أقامته من أجل تحقيق مصالح اقتصادية حقيقية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن تكلفته والمردود من ورائه”.
لا توجد تكلفة
فيما قال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب: إن إقامة مؤتمرات للشباب لم يكلف الموازنة العامة للدولة مليما واحدا. مشيرا إلى أنه على مدار انعقاده خلال السنوات الماضية لم يرصد له أي تكلفة، لافتا إلى أن المؤتمر يعتمد في انعقاده على مجموعة من الرعاة ورجال الأعمال.
وأضاف عمر أنه بعيدا عن التكلفة، فالمؤتمر له مكاسب عدة للدولة المصرية، منها جذب الاستثمار، قائلا: “الرسائل الهامة التي يرسلها لا تقدر بمال.. ففي الوقت الذي نحارب فيه الإرهاب ونقوم بإصلاح اقتصادي.. نبنى عاصمة جديدة ونضع الشباب على قائمتنا”.
وأشار إلى أن له مكسبا اقتصاديا هاما، ففي الوقت الذي تنشغل فيه دول بحروب الجيل الرابع والخامس، مصر تهتم ببناء مدن جديدة وتعقد مؤتمراتها دون اهتزاز، وهو ما يعطي دلالة بأنها المنطقة الآمنة والمستقرة على مستوى الدول العربية.
وشدد وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، أن نتائج مؤتمر الشباب والذي اختتم الأربعاء الماضي، تؤكد انطلاقة جديدة للدولة المصرية بإشراك الشباب ووجودهم على الخريطة الإدارية، موضحا أن المؤتمر أوضح نقاطا كثيرة تتعلق بالإصلاح الاقتصادي طمأنت الشعب المصري.
أهداف ونتائج
وحمل مؤتمر الشباب الأخير العديد من الأهداف، بحسب سيد رمزي، عضو تنسيقية شباب الأحزاب، أهمها أنه فرصة لإرسال رسالة للعالم أن العاصمة الإدارية باتت جاهزة لاستضافة المؤتمرات الكبرى والفعاليات الدولية، فضلا عن تشجيع السياحة وإظهار مصر بلدا آمنا قادرا على محاربة الإرهاب.
وفي نفس السياق قال عضو حزب مستقبل وطن، أحمد صبحي: إن أحد أهم النتائج التي خرجت من مؤتمرات الشباب، الإفراج عن عدد من الشباب في قوائم العفو الرئاسية، مما ترك أثرا إيجابيا في المشهد السياسي بمصر.
وأضاف في تصريحات صحفية أن “تنمية الحياة السياسية كانت الهدف الرئيسي لمؤتمرات الشباب، حيث قدم المشاركون العديد من أوراق العمل التي ساهمت في إرساء دعائم الدولة المصرية وتعزيز المناخ الديمقراطي”.
أضف تعليق