أثار إعلان وزارة الإنتاج الحربي، عن موعد الانتهاء من منظومة تتبع الدواء تساؤلات عديدة بشأن هل تقضي المنظومة الجديدة على ظاهرة الأدوية المغشوشة والمهربة بالأسواق، وهل تنجح الحكومة هذه المرة في تطبيقها بعد الإعلان عنها أكثر من مرة خلال الست سنوات الماضية؟
ورغم الجهود التي تقوم بها وزارة الصحة للحد من ظاهرة الأدوية المغشوشة والمهربة، تتعالى التحذيرات الحكومية بين الحين والآخر من أدوية الموت المغشوشة التي يُجرى تداولها في الأسواق، والتي تعكس حال ما يحدث بقطاع الدواء في مصر باعتراف حكومي.
منظومة تتبع الدواء
وكشفت إدارة النظم والحواسب بوزارة الإنتاج الحربي، عن منظومة إلكترونية جديدة خاصة بـ”تتبع الأدوية” المنتجة محليا والمستوردة، يُجرى الانتهاء منها خلال ثلاثة أشهر.
وتهدف منظومة تتبع الدواء معرفة ما تقوم به شركات الأدوية المنتجة والمُصنّعة من خلال تسجيل خطوط الإنتاج على “السيستم”، لمعرفة كل المعلومات للدواء، عن طريق “أبلكيشن” يُجرى تخصيصه للمواطنين.
كما تهدف إلى محاولة للسيطرة على انتشار الأدوية المغشوشة ومُنتهية الصلاحية في سوق الدواء، بالإضافة لضمان خلوْ السوق من الأصناف المُهربة، ما يُسهّل ملاحقة الجهات الرقابية بالوزارة للصيدليات التي تتاجر في الخفاء، وتخزن الأدوية المغشوشة، وبما يُحافظ على صحة ملايين المرضى المصريين.
ويستطيع المواطن من خلال “الأبليكيشن” معرفة خط سير الدواء منذ إنتاجه حتى بيعه في الصيدلة، والتأكد من سعره المطروح به للمستخدم، وتاريخ صلاحيته، وتستطيع الدولة ملاحقة الأدوية المهربة الموجودة في الداخل بشكل غير قانوني.
خطوات تطبيق المنظومة
وتنفّذ المنظومة بين وزارة الصحة والمصانع وإدارة النظم والحواسب بوزارة الإنتاج الحربي، وتشمل قواعد بيانات كاملة بسبعين ألف صيدلية، و150 مصنع إنتاج أدوية، و1000 شركة تستورد الدواء وتصنعه، بالإضافة إلى 40 شركة تستورد المستحضرات الصيدلانية وجميع وكلاء توزيع الدواء.
وعن أهداف وخطوات تطبيق منظومة تتبّع الدواء، قال مصطفى الصادق، رئيس إدارة النظم والحواسب بوزارة الإنتاج الحربي: “إنه أنه سيكون هناك إلزام من قِبَل وزارة الصحة لجميع أطراف المنظومة؛ حتى تتمكن الوزارة من متابعتها ومراقبتها عبر التفتيش الصيدلي، منعا لتسريب أي أدوية مهربة أو مغشوشة للسوق المحلية”.
وتتمثل الخطوات فيما يلي:
- قيام المصانع وشركات الأدوية بإدخال البيانات من خلال مواقع إلكترونية مرتبطة بشبكات خاصة.
- توزيع الأدوية على الصيدليات بعد تسجيل الكودين GTIN وSerial Number معا، وهو المميز الرئيسي لكل عبوة دوائية داخل كل تشغيلة.
- يُجرى التتبع والتعقب للدواء عن طريق طباعة مصفوفة بيانات (Data Matrix) مميزة لكل عبوة دوائية.
- يُجرى طباعتها على العلبة، وتشمل أربعة أكواد، تشمل GTIN، وهو كود يميز المنتج عالميا، وSerial Number (الرقم السري) وتاريخ انتهاء الصلاحية رقم التشغيلة.
منظومة ليست جديدة
ووفقا للخبراء في الشأن الدوائي، فإن منظومة تتبع الدواء فكرة ليست جديدة، إذ كشف حاتم البدوي، السكرتير العام للشعبة العامة للصيدليات باتحاد الغرف التجارية، عن أن مشروع تطبيق نظام إلكتروني لتتبُع التشغيلات الدوائية المنتجة محليّا والمستوردة موجود مُنذ ما يزيد على خمس سنوات.
وأضاف في تصريحات صحفية: “أن وزارة الصحة بالاشتراك مع منظمة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، دربّت مجموعة من كوادر الإدارة المركزية للصيادلة على كيفية تتبُع التشغيلة الدوائية، لكنه لم يُجرَ تطبيق هذا النظام بسبب مافيا الدواء” على حد قوله.
وأوضح البدوي أن أصحاب المصالح، مُمثلين في شركات إنتاج الدواء وتوزيعه، أحالوا بين تنفيذ نظام التتبع الدوائي فعليا مُنذ سنوات، لأنه يحرمهم من جني عشرات الملايين من الجنيهات، من جيوب المرضى المصريين، عبر تعطيش السوق بأصناف حيوية بعد تخزينها خلسة، ثم مطالبة وزارة الصحة برفع أسعارها للاستمرار في ضخها بالسوق”.
وأضاف: “أن تلك الأزمة ظهرت جليّا خلال الشهور الماضية فيما يُعرف بأزمة نواقص الأدوية المُتكررة، مؤكدا أنه لو جرى تطبيق نظام التتبع مُنذ سنوات ما كانت ظهرت الأزمات الأخيرة.
وأكد أن منظومة الصحة في تكوينها وتنفيذها تفتقد الكفاءة في إدارة ملف الدواء بمصر، موضحا: “لو طابقت رقم التشغيلة الموجود في الفاتورة مع التشغيلة الموجودة على علبة الدواء ستجدها غير مطابقة، ما يُسهل من عملية إفلات الشركات من المحاسبة في حالة وجود خطأ بالتشغيلة”.
الأدوية المغشوشة
ورغم إعلان الحكومة التحرك على مستويات عديدة، لمنع تداول الأدوية المغشوشة، فإن الأرقام الصادرة تشير إلى تفشي هذه الظاهرة الخطيرة بالمجتمع، التي لا يقتصر خطرها على صحة المصريين فقط، بل تستهدف الاستثمارات الجادة في هذا المجال.
ووفقا للأرقام الرسمية، فإن تجارة الأدوية المغشوشة تمثّل نحو 10% من مبيعات الأدوية في مصر، التي بلغت سنه 2018 نحو 60 مليار جنيه، بحيث تخطت النسبة العالمية التي تقدر بـ6%.
وفقا لمراقبين، ينقسم الدواء المغشوش إلى نوعين: الأول به خطأ في التصنيع، والثاني لا يُجرى غش المادة الفعالة به فقط، بل يُجرى الاستعانة بمادة فعالة أخري تغيّر من طعم وشكل الدواء، ويكون غير مسجل لدى وزارة الصحة، ويدخل مصر عن طريق التهريب، ويُجرى كشفه عن طريق التحليل.
وأخيرا حذّرت وزارة الصحة من تداول أدوية ومستحضرات تجميل، بعضها يصيب بالعمى، وبعضها الآخر يسبب أمراضا خطيرة، ولعل أبرزها التحذير من استخدام تشغيلة مغشوشة من مستحضر “ليدوكايين” (مرهم) الذي يستخدم كمخدر موضعي.
وطالبت الإدارة المركزية للصيدلة في منشور، حمل رقم 27 لسنة 2019، بضبط وتحريز ما قد يوجد بالسوق المحلية والوحدات الحكومية بعد اتخاذ كافة الإجراءات المخزنية، وذلك للعبوات المغشوشة والمقلدة من المستحضر للتشغيلة رقم 990173، بتاريخ انتهاء صلاحية مارس 2022، إذ إن العبوات الأصلية لهذا المستحضر من إنتاج الشركة العربية للأدوية.
أضف تعليق