أزمة “كمائن تحصين المواشي”.. من ينقذ البيطريين في مصر؟

تحصين المواشي
قرار التحصين داخل الكمائن سيحدث فراغا في الوحدات البيطرية والمديريات- مصر في يوم

كمائن تحصين المواشي.. أزمة جديدة فجرها قرار وزارة الصحة بإلزام مديريات الطب البطري بوجود طبيب بيطري في كمائن المرور لتحصين المواشي، وهي تضاف إلى سلسلة أزمات واجهها قطاع الطب البيطري في مصر على مدار سنوات ماضية، أبرزها وقف التكليف للأطباء.

وفاجأت منى محرز، نائبة وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، المحافظات ومديريات الطب البيطري، بقرار يلزم البيطريين بالتواجد في كمائن المرور المنتشرة على الطرق بالمحافظات، بدعوى تحصين المواشي المنقولة ضد الحمى القلاعية وحمى الوادي المتصدع.

الأمر الذي فجر حالة من الغضب بين الأطباء البيطريين، معربين عن  أسباب كثيرة تدفعهم للمطالبة بوقف تنفيذ القرار فورا.

كمائن تحصين المواشي

وبدورها، قابلت نقابة الأطباء البيطريين قرار كمائن تحصين المواشي بالرفض التام، وطالبت باستبداله بإلزام المربي بتحصين الحيوانات في المديرية التابع لها قبل نقلها، واستصدار تصريح واصطحابه أثناء النقل.

وقال علي سعد، مقرر لجنة الثروة الحيوانية بالنقابة: إن القرار يفتقد آليات تنفيذه لعدة أسباب منها:

  • عدم وجود بيئة عمل مناسبة لتحصين الحيوان في الكمائن.
  • عدم توفر أدوات للتحكم في حركة الحيوان، ما يجعل ركوضه من فوق السيارة واردا، وهو ما قد يسبب خسائر في الطريق للسيارات المجاورة والمواطنين المتواجدين فيها.
  • غياب وسائل الحماية للبيطريين.

مخاطر ومهام مستحيلة

ولفت سعد إلى أن مهام الطبيب البيطري المكلف بها أثناء تواجده في الكمين كثيرة وتفوق طاقته، ويستحيل عليه القيام بها بمفرده، وهي:

  • تحصين الماشية بحقنة ضد الحمى القلاعية.
  • حقن الحيوان ضد الوادي المتصدع.
  • تركيب نمرة بلاستيك في أذن الحيوان.
  • تحرير بطاقة صحية بالاسم والسن وجنس الحيوان وتاريخ التحصين ونوع التحصين ورقم النمرة الموجودة في أذن الحيوان بدفتر التحصينات.
  • تحرير إيصال بالمبالغ المالية التي يجرى تحصيلها من المربي.

وأشار إلى أن تلك المهام تتطلب صعود الطبيب إلى  السيارة النقل التي تحمل المواشي، ثم الإمساك بالحيوان وتحصينه، لافتًا إلى أن غياب عمال مساعدين للبيطري سيجعل أفراد الكمين يقومون بمساعدته، وهو ما يخرجهم عن مهامهم الأساسية، مؤكدا أن التحصينات مكانها الوحدات البيطرية وليست الكمائن.

يهدد الثروة الحيوانية

واتفقت معه شيرين زكي، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء البيطريين، ووصفت قرار كمائن تحصين المواشي بأنه غير مدروس ونتائجه كارثية تهدد الثروة الحيوانية، بل إنه قد يقضي عليها، لأنه يعرض الحيوان للموت بسبب عدم ملائمة الظروف لتحصينه.

وأضافت أن هناك عجزا شديدا في عدد البيطريين، موضحة أن القرار يجعلهم عاجزين عن القيام بدورهم في الإشراف على المزارع، وذلك بسبب تواجدهم في الكمائن.

مؤكدة أن قرار التحصين داخل الكمائن سيحدث فراغا في الوحدات البيطرية والمديريات، وبالتالي فإن المواشي الموجودة في هذه المناطق لن تحصل على التحصين لعدم وجود البيطري.

وحذرت عضو مجلس النقابة من مخاطر محتملة لتنفيذ القرار، أهمها:

  • مضاعفات قد تصيب الحيوان أثناء التحصين في الكمين، إذ إن الحيوان المنقول من مكان لآخر يكون تحت ضغط النقل، ما يؤدي إلى ضعف جهازه المناعي، وقد تتحول جرعة التحصين في هذه الحالة إلى سم قاتل.
  • إصابة العديد من الأطباء البيطريين بإصابات بالغة أثناء التحصين لعدم وجود “زناقات للتحكم في حركة الحيوان أثناء التعامل معه”.

وقف تكليف البيطريين

وبالرغم من خطورة قرار كمائن تحصين المواشي على الأطباء البيطريين، إلا أن وقف تكليف وتعيين الأطباء البيطريين منذ عام 1995، يعد الأزمة الأكبر والأعم التي تواجه الأطباء البيطريين في مصر منذ عقود مضت.

حيث جرى وقف التعيينات منذ 23 عاما، بقرار مفاجئ وغير معلوم، ومنذ ذلك الحين تكتفي الحكومة بإجراء مسابقات التعيين التي ينجح بها مئات الخريجين من أصل آلاف يعتبرون في عداد العاطلين.

وينتظر قطاع الطب البيطري إحالة 7 آلاف طبيب من أصل 11 ألفا إلى التقاعد دون تعيين غيرهم، ما يشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل الثروة الحيوانية في مصر.

وفي مقابل وقف التعيينات واستمرار تخريج دفعات الطب البيطري، يضطر الخريجون للدخول في مجالات أخرى ليست وثيقة الصلة بالمهنة وما درسوه في الكلية، رغم حاجة مديريات الطب البيطري إليهم لسد العجز الذي تعانيه، منها:

  • مجالات الدعاية للأدوية البيطرية.
  • مندوبو المبيعات.
  • العمل في عيادة وصيدلية بيطرية.

مناشدات

وفي مايو الماضي، أطلق مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي من خريجي وطلاب كليات الطب البيطري، هاشتاج #رجعوا_تكليف_طب_بيطري، الذي كان من ضمن قائمة أكثر الهاشتاجات انتشارا وقتها، وطالب المستخدمون من خلاله الرئيس السيسي بالتدخل لإعادة التكليف للأطباء البيطريين.

ومع تجاهل مطالبهم، أطلق النشطاء هاشتاجات أخرى أشهرها #تكليف_الطب_البيطري، #استجيبوا_لنداء_بيطري، التي حصدت أكثر من 71 ألف تغريدة.

وطالب المستخدمون بتعيين أطباء بيطريين في تخصصاتهم، إلى جانب الوحدات والمديريات البيطرية، ومنها منشآت تصنيع الأغذية، لافتين أن عدد كليات الطب البيطري في مصر 18 كلية، تخرج سنويا ما بين 4 إلى 5 آلاف طبيب.

الاستيراد السبب

وفي نفس السياق، أوضح سامي طه، نقيب الأطباء البيطريين السابق، أن الأطباء البيطريين حتى عام 1995 كان يتم تكليفهم بقرار سنوي من مجلس الوزراء، ثم توقف هذا الأمر أثناء تولي يوسف والي وزارة الزراعة، واقتصر على مسابقات تعيين تختار أعدادا قليلة.

ويضيف أن ذلك كان بسبب اعتماد مصر على استيراد نسبة كبيرة من غذائها، وبالتالي رأى الوزير عدم أهمية وجود الأطباء البيطريين لأننا لا ننتج غذاءنا.

وأشار إلى أنه جرى حصر احتياجات الدولة من الأطباء البيطريين في 2012 وقدر العدد بـ8500 طبيب، فيما لم يصدر قرار التعيين إلا في 2015 وكان بتعيين 6500 فقط.

بينما رفضت وزارة المالية تعيين هذا العدد أيضا، بسبب خوفها من زيادة الأعباء المالية على الدولة، وطالبت بالاكتفاء بتعيين 2156 طبيبا بيطريا فقط، وجرى التعيين بعد مسابقة تقدم إليها 19 ألف طبيب بيطري.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *