“هل يحق للخاطب استرداد الشبكة عند فسخ الخطبة؟” تساؤل يثير حالة من الجدل في المجتمع، خاصة من كثرة الخلافات العائلية والمجتمعية عند فسخ الخطوبة بين أهل الشاب والفتاة على أحقية كل طرف منهما للشبكة.
وجرى العُرف الاجتماعي في كثير من المحافظات والقُرى أنه مَن يرغب في فسخ الخطوبة عليه ترك الشبكة للطرف الآخر، ما يثير مشكلات.
وحينما تعجز الطرق الودية في الوصول إلى حل من أجل استراد الشبكة، تكون أروقة المحاكم هي المكان المناسب الذي يذهب إليه الشاب لفض النزاع.
استرداد الشبكة
وحسمت دار الإفتاء الجدل الذي ثار مؤخرا بشأن استرداد الشبكة بعد فسخ الخطوبة، إذ قال الشيخ عبد الله العجمي، مدير إدارة التحكيم وفض المنازعات وأمين الفتوى بدار الإفتاء: “إن من حق الخاطب استرداد الشبكة، وإن كان العدول عن الخطبة من جهته”.
وكانت دار الإفتاء قد أكدت ردّا على سؤال: “هل يحق للخاطب استرداد الشبكة بعد فسخ الخطوبة؟”، أن الخِطْبَة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الشبكة والهدايا، كل ذلك من مقدمات الزواج، ومن قِبيل الوعد به، ما دام عقد الزواج لم يُجرَ بأركانه وشروطه الشرعية.
وتابعت: “إذا عَدَل أحد الطرفين عن عزمه ولم يُجرَ العقد، فالمقرر شرعا أن المهر إنما يثبت في ذمة الزوج بعقد الزواج، فإن لم يُجر فلا تستحق المخطوبة منه شيئا، وللخاطب استرداده”.
وأشارت الدار إلى أن الشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل الخاطبان أو أحدهما عن عقد الزواج، وليس للمخطوبة منها شيء، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الخاطب أو المخطوبة، فيجوز للخاطب استرداد الشبكة والهدايا غير المستهلكة، وعلى المخطوبة الاستجابة لطلبه.
قضايا الشبكة
ويرى كثير من الشباب أن لهم الحق في استرداد الشبكة حال الفشل في إتمام خطوبتهم، فيلجأ الكثير منهم لمحكمة الأسرة لفض النزاع إذا رفضت أسرة الفتاة ردها إليهم، ولسان حالهم “موت وخراب ديار”.
وتعددت خلال السنوات الأخيرة دعوات استرداد الشبكة في محاكم الأسرة، لكن قانون الأحوال الشخصية لم ينصّ صراحة في أي من مواده على “مَن الأحق بالشبكة المُقدّمة للمخطوبة حال فسخ الخطبة، هل الخاطب أم المخطوبة؟”.
وروى شاب، يُدعى “عمر” حكايته مع استرداد الشبكة، موضحا أنه رفع دعوى استرداد شبكة في محكمة أسرة العمرانية، ضد خطيبته في مارس 2017، وقدّم فاتورة الشبكة التي كانت تبلغ 18 ألف جنيه، وبعد خلافات دامت سبعة أشهر، حكمت المحكمة برد الشبكة للخاطب أو قيمتها.
الرأي القانوني
ويرى قانونيون أن كثرة مشكلات الخطوبة في الفترة الأخيرة، جعل كثيرون يختلفون على استرداد الشبكة، نظرا لاختلاف الآراء في المذاهب الدينية الأربعة، وقد حدد الشرع والقانون هذا الأمر.
وعادة يُجرى الرجوع في المحكمة لمذهب “أبو حنيفة”، الذي يرى أن ما قدمه الخاطب من الهدايا تأخذ حكم الهبة، وبالتالي فعند العدول عن الخطبة له أن يرجع عن هبته ويسترد هداياه ما دامت باقية، أما إن هلكت واستُهْلِكت أو حصل فيها أي مانع من موانع الرجوع في الهبة، فليس للخاطب حق الاسترداد.
ووفقا لطعن رقم 2003 لسنة 51، فإن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين، ومنها الشبكة، تعد من قبيل الهِبات، فيسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام من القانون المدني، ووقتها من حق الخاطب استرداد هذه الهدايا، وذلك وفقا للمادة 500 من القانون المدني.
الشبكة من المهر
أما المستشار القانوني محمود البدوي، المحامي بالنقض والدستورية العليا، ورئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، فيرى أن هدايا الخِطبة هي كل ما يقدمه الخاطب إلى المخطوبة إبان فترة الخطبة بقصد التودّد، وتأكيدا للصلة الجديدة بينهما، والشبكة من هدايا الخِطبة.
وقال: إن الشبكة لا تكون من المهر، ولا تأخذ حكمه إلا في حالتين:
- الحالة الأولى: أن يتفق عليها مع المهر.
- الحالة الثانية: أن يجري العرف على اعتبارها من المهر.
وأضاف البدوي: “أنه جرى العرف في أغلب بلدان مصر على اعتبار الشبكة جزءا من المهر، بل تعارف الناس على نقصان المهر بقدر قيمة الشبكة في حالة تقديمها، وزيادته بقدرها إذا لم تقدم، وجرى العرف كذلك أن يُجرى شراء الشبكة بمعرفة المخطوبة”.
ويرى أن الشبكة من المهر، حتى إن الشبكة المُقدّمة من الخاطب لمخطوبته تكون للخاطب إذا عدل أحدهما أو كلاهما عن عقد الزواج، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الرجل أو المرأة، لأن الشبكة جزء من المهر.
ولفت إلى أن القانون 1 لسنة 2000، الذي اختصّ في نظر بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، فإنه نصّ في مادته التاسعة على أن تختص محاكم الأحوال الشخصية (محاكم الأسرة حاليا) بنظر المسائل المتعلقة بالمهر والجهاز والشبكة.
ووفقا لمراقبين، هناك العديد من العواقب والصعوبات التي تواجه الخاطب أمام المحكمة، ففي حالة إنكار المخطوبة أخذها الشبكة أو الهدايا من الخاطب، ففي هذه الحالة يقع عبء الإثبات على الخاطب، وترفض الدعوى إذا أثبتت المخطوبة أن الخاطب لم يقدّم لها شبكة، وحينها ترفض الدعوى.
تأتي النزاعات على استرداد الشبكة في الوقت الذي تنتشر فيه دعوات التيسير في الزواج، وعدم المغالاة في الالتزامات، للقضاء على ظاهر العنوسة، تطبيقا لمقولة بعض الأُسر “احنا بنشتري راجل”.
أضف تعليق