تدخل حالة الركود التي يعاني منها السوق العقاري في مصر عامها الثالث، إذ تتمثل في زيادة المعروض من الوحدات، واستمرار تراجع القدرة الشرائية، بجانب تراجع المبيعات بنسب تقترب من 15%، بالإضافة إلى عدم تنوع آليات التمويل، حسب ما أشار إليه مؤشر “عقار ماب”، وهو ما دفع الحكومة لإطلاق مبادرة تصدير العقار المصري.
وأطلقت الحكومة مبادرة ترويج تصدير العقار المصري بالخارج في سبتمبر الماضي لمواجهة حالة الركود التي يعاني منها سوق العقارات، باعتباره أبرز القطاعات الاقتصادية، إذ يسهم بنسبة 16.4% في إجمالي الناتج المحلي.
كما يسهم العقار المصري في 15% من معدل نمو الاقتصاد المحلي، إضافة إلى أن نحو 70 صناعة أخرى، ترتبط بطريقة مباشرة وغير مباشرة به.
تصدير العقار المصري
وفي السياق، دعا رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال كلمته في افتتاح ملتقى بناة مصر بالقاهرة، اليوم الأحد، الشركات العقارية إلى التحرك بصورة كبيرة خلال المرحلة المقبلة، لدعم تصدير العقار المصري هذه المنتجات، العقارات، للسوق الخارجي، مشيرا إلى أن مصر تستحق أن تتواجد في سوق العقار العالمي.
وقال رئيس الوزراء: “إن مصر بدأت تتواجد في المعارض الدولية، ولكن بصورة غير كافية”، مشيرا إلى أن نصيب مصر من تصدير العقارات في منطقة الشرق الأوسط نصف مليار دولار فقط، من أصل 70 مليار دولار.
ووصف مدبولي الرقم بأنه أقل من المتواضع في ضوء إمكانيات مصر والمزايا التي تتمتع بها، بحسب قوله.
ومن جهته، قال خالد عباس، نائب وزير الإسكان: “إن الوزارة تستهدف تصدير العقار المصري بقيمة تصل إلى 2-3 مليارات دولار تمثل 10% من قيمة إجمالي الصادرات المصرية، من أجل الحصول على المزيد من العملة الصعبة، وكأحد أهم الحلول لمواجهة ركود سوق العقارات”.
وأضاف: “أن بعض الشركات العقارية خصصت جزءا يتراوح ما بين 20 و30% من وحدات مشروعاتها لتسويقها بالخارج، سواء بالدول العربية أو الأوروبية، ضمن برنامج الحكومة لدعم تصدير العقار”.
وأشار إلى أن صناعة تصدير العقارات، بلغت 300 مليار دولار على مستوى العالم، منها 150 مليار دولار تمثل حجم تعاملات الصناديق العقارية عالميا.
جهود وأهداف
وتبذل الحكومة جهودا في محاور عديدة لدعم تصدير العقار المصري، وأعلن نائب وزير الإسكان في نوفمبر الماضي أنه تقرّر منح الإقامة للأجانب في مصر مقابل تملك وحدة سكنية بعد اتفاق تقرر الوزارة مع وزارة الداخلية ومصلحة الجوازات.
وكان مدبولي قد أعطى إشارة البدء بتطبيق القرار في يوليو الماضي، بهدف:
- تشجيع صناعة تصدير العقار المصري بالخارج.
- توفير دخل كبير بالعملة الأجنبية.
- إنعاش قطاع التطوير العقاري.
وينص القرار على منح الإقامة للأجانب مقابل شراء عقار، ووضع عدة شرائح، تبدأ بـ100 ألف دولار مقابل منح الإقامة لمدة عام، و200 ألف دولار مقابل منح الإقامة لمدة ثلاثة أعوام، و400 ألف دولار مقابل منح الإقامة لمدة خمس سنوات.
كما أعلن مدبولي ضخ استثمارات جديدة تقدر بالمليارات لدعم قطاع العقارات.
وتدعم الحكومة تصدير العقار المصري عن طريق المشاركة في المعارض الدولية، وكذلك إقامة معارض خاصة للتسويق العقاري خارج مصر، بالتعاون مع شركات عالمية.
ويضيف حسين صبور، الرئيس الفخري لجمعية رجال الأعمال المصريين: “أن الحكومة قامت بإجراء حوارات ومناقشات داخلية بين كبار المطورين لتفعيل تصدير العقار المصري”.
تحديات ومطالب
ويرى محمد البستاني، عضو جمعية رجال الأعمال المصريين، أن السوق العقاري ما زال يعاني مرحلة صعبة، وفي غاية التعقيد رغم جهود الحكومة، مشيرا إلى أن القطاع يشهد حالة من الركود والتذبذب والضبابية بسبب الظروف الصعبة التي يشهدها الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وفيما يتعلق بفكرة تصدير العقار المصري، قال البستاني: “إنه رغم وجاهة الفكرة، فإنها تواجه تحديات وسلبيات، منها: استغلال السماسرة، ومغالاة التسعير، وكذلك عدم وضوح الملكية كما حدث للأجانب الذين قاموا بشراء وحدات بشرم الشيخ والغردقة، ليتفاجئوا بعدم معرفة وضع ملكيتهم للوحدة أم أنها بنظام حق الانتفاع، بحسب قوله.
وطالب البستاني، في تصريحات صحفية، بتوحيد رؤية الدولة، وأن يعمل الجميع تحت مظلة واحدة، وعدم ترك الأمر لرؤية المستثمرين التي ستهتم بالضرورة بمكاسبهم في المقام الأول.
واقترح تشكيل هيئة شبيهة بهيئة قناة السويس، تجمع الأطراف المتعلقة بصناعة تصدير العقار المصري، سواء وزارة الإسكان، أو الداخلية، والسياحة، والمطورين العقاريين، بجانب السماسرة، وتكون قابلة للربح، وتضم تحت مظلتها المحافظين، وتعمل على تسويق العقار وبيعه، وتوفير بحوث وتقارير فنية، وإعداد برامج متنوعة لمخاطبة العملاء المستهدفين.
أسباب الركود
وأوضح سيف فرج، الخبير في القطاع العقاري، أن حالة الركود غير المعهودة في سوق العقارات حدثت بشكل تدريجي، تزامنا مع تنفيذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي (قرار التعويم) في الثالث من نوفمبر عام 2016.
وأضاف في تصريح صحفي: “أن سلسلة القرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية مع بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ 3 سنوات، وما تبعها من ارتفاع أسعار الوقود، وانخفاض القوة الشرائية للجنيه، كان له أثر كبير في حالة الركود، نتيجة عزوف نسبة كبيرة من المهتمين عن شراء العقارات من جميع الشرائح”.
وأشار أحمد الزيات، عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، إلى أن هناك أسبابا أخرى تُضاف إلى ما سبق، منها:
- ارتفاع تكلفه الأراضي.
- ارتفاع عدد الوحدات الشاغرة لعشرة ملايين وحدة سكنية.
- توجه الحكومة إلى بناء 500 ألف وحدة سكنية.
- انخفاض القيمة الايجارية للعقار بما لا يتناسب مع قيمته الشرائية.
- عدم قدرة بعض المشترين على سداد الأقساط المالية.
- التوجه العام للبنوك المصرية بعدم المساهمة في المشاريع العقارية الجديدة بالتمويل أو المشاركة.
- ارتفاع فائدة الشهادات البنكية.
- تباطؤ نمو المشاريع العقارية الجديدة.
- ارتفاع تكاليف المعيشة بما لا يتناسب مع متوسط الدخل.
أضف تعليق