إنكار وإهدار.. 70% نقص بمخزون أكياس الدم في مصر

مبادرة شبابية بتصميم أبليكيشن خاص بضمان نقل الدم من المتبرعين إلى مستحقيه- مصر في يوم
مبادرة شبابية بتصميم أبليكيشن خاص بضمان نقل الدم من المتبرعين إلى مستحقيه- مصر في يوم

تعاني بنوك الدم في مصر نقصا في مخزون أكياس الدم يصنف بأنه حاد ومزمن، إذ يحتاج المصريون من 2.5 إلى 3 ملايين كيس دم سنويا، بينما ما يجرى الحصول عليه 800 ألف كيس دم فقط.

وفي هذا السياق، دعت منظمة الصحة العالمية، الشعب المصري إلى المواظبة على التبرع بالدم، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للمتبرعين بالدم، اليوم الجمعة.

وقال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية: “إن هدفنا هو تعزيز الوعي بضرورة المواظبة على التبرّع بالدم للتأكد من إتاحة إمدادات مأمونة ومضمونة الجودة من الدم ومنتجاته، بتكلفة ميسورة وفي وقت مناسب ولجميع الأفراد”.

وتقول مؤمنة كامل، الأمين العام للهلال الأحمر المصري في تصريحات صحفية: إن مشكلة نقص أكياس الدم سببها أن معدل التبرع في مصر أقل من 30% من احتياج المستشفيات، ما يعني نقصا بمقدار 70% عن المطلوب. وفقا لما أكدته أحدث الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة.

نقص أكياس الدم

وتكتسب مشكلة نقص أكياس الدم أبعادا خاصة، كون الدم لا يمكن تصنيعه، والمصدر الوحيد له هو الحصول عليه من المتبرعين.

بنوك الدم في مصر تعاني نقصا حادا في أعداد المتبرعين، نتيجة لأسباب كثيرة، وبحسب سراج الدين، مستشار أمين عام الهلال الأحمر المصري، أن المشكلة لا تنحصر في قلة عدد المتبرعين فقط، إذ إن هذا يمثل أحد جوانبها فقط.

ويجمل سراج الدين، أهم أسباب مشكلة نقص مخزون أكياس الدم في البنوك والمستشفيات في النقاط التالية:

  • وجود مسافة كبيرة بين بنوك الدم التجميعية وبعضها وبين المستشفيات، تصل إلى مئات الكيلو مترات.
  • تناقض آراء المسئولين حول وجود المشكلة وأحيانا عدم الاعتراف بوجودها.
  • وجود بعض الإجراءات الروتينية التي تعوق عملية التبرع بالدم، وغياب التنظيم في بعض الأماكن.
  • إهدار أكياس الدم بسبب منح بعض المرضى كميات أكثر مما يحتاجونه، مما يؤدي إلى حرمان آخرين.
  • الإهمال في حفظ أكياس الدم، وغياب الرقابة الكافية من وزارة الصحة ما يتسبب في فساد الكثير من أكياس الدم.
  • عدم توافر أجهزة حديثة بأعداد كافية للتبرع أو حفظ الدم، ونقص أعداد وكفاءة العاملين في هذا المجال.

نقص أعداد المتبرعين

ويضيف إلى ما سبق، أن نقص أعداد المتبرعين وعزوف الكثيرين يعد العامل الرئيس في نقص أكياس الدم رغم تكثيف حملات التوعية، خاصة في الآونة الأخيرة، وذلك لأسباب كثيرة منها:

  • الكسل والسلبية، وقلة وعدم التوعية الكافية بأهمية وشروط التبرع.
  • انتشار بعض المعتقدات الخاطئة مثل أن من يتبرع بالدم تضعف صحته.
  • الخوف من التلوث أو انتقال عدوى للمتبرع، خصوصا أن بعض سيارات التبرع بالدم توجد في مناطق مزدحمة.
  • الاعتقاد بأن الدم يباع أو يذهب لغير المستحقين.

“أبليكيشن” للتبرع

وكحلّ لأحد أسباب عزوف المواطنين عن التبرع بالدم خوفا من عدم وصول الدم لمستحقيه، توصل خمسة شباب من الدارسين بإحدى الجامعات الخاصة، إلى ما أسموه مبادرة لحل أزمة نقص أكياس الدم، يتمثل في تصميم أبليكيشن خاص بضمان نقل الدم من المتبرعين إلى مستحقيه تحت اسم “Savers”.

ويعتبر “Savers” أول تطبيق إلكتروني في مصر لتنظيم عملية التبرع بالدم، ابتكره الطلاب كفكرة لمشروع التخرج الخاص بهم.

ويحتاج مستخدمو التطبيق الإلكتروني إلى تدشين حساب شخصي يتضمن البيانات الأساسية، كالاسم والسن والعنوان وفصيلة الدم، ليجرى تسجيل كل ذلك على النظام الخاص بالتطبيق، ليتصل التطبيق بالمستشفيات التي سيجرى الاتفاق معها، وعند مواجهة نقص في أي فصيلة يتولى التطبيق إرسال إشارة للمستخدم صاحب الفصيلة الناقصة ليقوم الثاني بالتبرع لإنقاذ المريض.

مشتقات الدم

ويشير سراج الدين إلى أن نقص أكياس الدم، لا يعنى القصور في علاج مريض واحد فقط يحتاج إلى نقل دم، وإنما يساعد كيس الدم الواحد ثلاثة مرضى مختلفين، يحتاجون إلى ما يُعرف بمشتقات الدم لعلاجهم، حيث يجرى فصل البلازما لمرضى الكبد، والكرايو لمرضى الهيموفيليا، والهيموجلوبين لمرضى الثلاسيميا.

وتضيف سهام الباز، مدير عام بنك الدم بالهلال الأحمر، أن مصر حتى الآن لا تقوم بتصنيع مشتقات الدم، إذ يجرى استيرادها بالكامل باستثناء أنواع محددة من حقن البلازما، ما يعرّض المرضى للخطر بسبب تكرار نقصها في الأسواق.

فيما تلفت هالة عدلي حسين، رئيس الشركة المصرية لخدمات نقل ومشتقات الدم “فاكسيرا”، إلى أن إنشاء مصنع لمشتقات الدم فكرة قديمة تتعاقبها الحكومات والوزراء منذ توقف مصنع البلازما الذي كان يتبع الدولة، والذي أنشئ في السبعينيات، منذ عام 2001.

وتضيف أن كل مسئول عن وزارة الصحة يتحدث عن أنه جارٍ إعداد الخطوات التنفيذية له، حيث صرح وزير الصحة السابق أحمد عماد الدين، في بداية يناير 2018 الماضي بالانتهاء من المصنع خلال 18 شهرا، وحدد تكلفته بـ6 مليارات جنيه، وهو ما لم يحدث.

توصية رئاسية

وتعاني المستشفيات إلى جانب نقص أكياس الدم من نقص جميع مشتقاته، ورفعت وزارة الصحة أسعار خدمات الدم في المستشفيات التابعة للقطاع الحكومي، بنسب تتراوح بين 25 و50%، وذلك طبقا لما أعلنته الوزارة في آخر نشراتها.

وفي أبريل الماضي، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، ووزيرة الصحة والسكان، هالة زايد، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، بتنفيذ مشروع تجميع وتصنيع مشتقات البلازما، وفقا لأعلى المواصفات القياسية العالمية، وبما يسهم في امتلاك القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وكان السيسي شهد ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون نهاية يناير الماضي، توقيع وزارة الصحة اتفاقية الشراكة مع أكبر شركة فرنسية، وواحدة من أهم خمس شركات في العالم في مجال تصنيع مشتقات البلازما، إنشاء أول مصنع في إفريقيا والشرق الأوسط لإنتاج مشتقات البلازما في مصر، من جانبها أشارت وزيرة الصحة، إلى اتفاق الوزارة مع القوات المسلحة على إنشاء 15 مصنعا لتصنيع المشتقات.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *