لا يمر يوم إلا وتطرق أسماعنا أخبارٌ مفزعة حول المخدرات وآثارها، بداية من تدمير حياة متعاطيها، إلى التشتت الأسري، وصولا إلى ضررها على المحيطين والبيئة، وحتى تسببها في إزهاق الأرواح وإصابة الأبرياء بالعاهات المستديمة، وآخرها حادثة حريق محطة مصر.
فقال محمود صالح، عضو المكتب الفني لمكافحة الإدمان بوزارة التضامن الاجتماعي: إن تحليل الكشف عن المخدرات للموظفين في الجهاز الإداري للدولة، سيكون على مراحل عديدة بشكل إجباري ومفاجئ.
وأضاف صالح، في تصريحات صحفية: أن الوزارة تستهدف في المرحلة الأولى إجراء تحليل المخدرات لنحو 500 ألف موظف خلال عام واحد، وبدأت بالفعل، ثم تأتي المراحل التالية تباعا حتى يُجرى الكشف على كل الموظفين بالدولة.
وتابع صالح: “لدينا أولويات، وعلى رأسها الجهات التي تتعامل مع المواطنين بصورة مباشرة، مثل الجهات والمصالح الحكومية الخدمية، وسائقي حافلات المدارس، وسائقي القطارات وعمال التحويلة.. كله هيخضع للتحليل”، مؤكدا “الناس مش هتعرف هي في أي مرحلة ولا هيتم إجراء التحليل فين الأول، لضمان الجدية وعدم التلاعب”.
بداية القصة
بدأت قصة مكافحة المخدرات وتضافر الجهود القانونية والمجتمعية بشكل كثيف، بعدما شهدت محطة مصر برمسيس كارثة اصطدام أحد جرارات القطارات، في 27 فبراير الماضي، بجدار خراساني، أدى إلى انفجار الجرار، واندلاع حريق هائل بالمحطة، أسفر عن وفاة 22 مواطنا، وإصابة 48 آخرين.
بعد الحادثة المروعة التي أدخلت الحزن إلى بيوت المصريين، أعلنت النيابة العامة، في الرابع من مارس الجاري، أن عامل المناورة في محطة مصر كان يتعاطي مخدر الإستروكس.
وفي رده على معلومات النيابة، قال الدكتور عمرو شعث، نائب وزير النقل، خلال مداخلة هاتفية مع أحد البرامج الفضائية: إن “عامل المناورة للجرار المتسبب بحادثة محطة مصر، التي أثبتت تحاليله وجود آثار إيجابية للمخدرات، جرى التفتيش عليه في 2017، وإخضاعه للتحليل، وكانت النتيجة إيجابية”.
وأوضح أنه جرى تحويل العامل وقتها للشئون القانونية، وتوقيع أقصى العقوبة عليه، وهي وقفه لمدة ستة أشهر، خضع خلالها للكشف المفاجئ مرتين، لكن “النتيجة جاءت سلبية، فجرى إعادته للعمل مرة أخرى، لكنه عاد مرة أخرى لتعاطي المخدرات بعد توقيع العقاب عليه”.
أرقام مفزعة
قال إبراهيم عسكر، مدير البرامج الوقائية في صندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن، خلال لقاء على “قناة الحياة” المصرية، في 12 من الشهر الجاري: أن “79% من الجرائم التي تُرتكب ترجع إلى تعاطي المواد المخدرة”.
ولفت عسكر إلى أن سن التعاطي انخفض إلى ما بين تسع وعشر سنوات، بوجه عام، وهناك العديد من الأطفال في سن الثامنة يتعاطون المخدرات.
وقال عسكر في برنامج تلفزيوني آخر، في مايو الماضي: إن “نسبة إدمان المخدرات بين الطلاب في محافظة بورسعيد وصلت إلى 15%”.
وأعلنت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، في أغسطس الماضي، أرقاما عن ظاهرة الإدمان في مصر، ونُشرت في إحصائيات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، أن نسبة تعاطي المخدرات وصلت إلى 10% وهو ضعف المعدل العالمي.
وأوردت الوزيرة أرقاما مفزعة عن جريمة تعاطي المخدرات، أهمها:
- حوالي 27.5% من متعاطي المخدرات إناث، و72.5% ذكور.
- يعمل 24% من متعاطي المخدرات سائقين، و19.7% حرفيين.
- متوسط الإنفاق الشهري على المخدرات 237.1 جنيها.
- سن تعاطي المخدرات انخفض إلى 10 و11 عاما، و10% من متعاطي المخدرات ما بين 12 – 19 سنة.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن، في مايو 2017، أن عدد المدخنين في مصر من عمر 15 سنة فأكثر بلغ 12.6 مليون نسمة، وفقا لتقديرات عام 2016، وهو ما يمثل نحو 20.2% من إجمالي السكان.
تحرك القانون
بعدما شكّلت المخدرات ظاهرة خطيرة، تودي بأرواح المئات من المواطنين، وافق مجلس الوزراء، في 30 من يناير الماضي، على مشروع تعديل بعض القوانين التي تخص جرائم المخدرات، لتصل عقوبتها إلى المؤبد والإعدام.
وفي إطار المواجهة، أعلن مجلس الوزراء، في 13 مارس الجاري، إجراء تعديلات على قانون الخدمة المدنية، لتجعل المتعاطي في حكم المدمن، خاصة من يعملون في القطاعات الحيوية.
وأعلن مجلس الوزراء، يوم الأربعاء الماضي، موافقته على مشروع قانون يقضي بفصل متعاطي المخدرات من الموظفين، سواء من العاملين في الجهاز الإداري للدولة، أو غيرها من الجهات.
خطوة غير قانونية
على جانب آخر، قال محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات: “إن أصحاب المصانع في القطاع الخاص لن يقوموا بعمل تحليل مخدرات للعمال والموظفين”، لأن الخطوة- قانونيا- ليست ضمن اشتراطات التعيين.
وأضاف البهي في تصريحات صحفية، في 14 من الشهر الجاري: أن قانون العمل الحالي لا ينص على ما يلزم العمال والموظفين بعدم تعاطي المخدرات، أو حتى ينص على الفصل في حال ثبوت تعاطي المخدرات، وأن الدولة لديها الآليات التي تستطيع من خلالها تطبيق التحليل على موظفيها، لكن تطبيقه على القطاع الخاص يستلزم تحديث القانون أو إجراء تعديلات عليه.
تقليص عدد الموظفين
تسعى الحكومة لتقليل أعداد الموظفين في الجهاز الإداري، والبالغ عددهم 6.4 ملايين موظف، تطبيقا لشروط صندوق النقد الدولي التي منها: إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وخفض عدد العاملين بها.
وقالت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، في 15 من مايو الماضي: “إن الجهاز الإداري في مصر يضم حاليا موظفا لكل 22 مواطنا، إلا أن الحكومة تستهدف الوصول إلى موظف لكل 80 مواطنا خلال السنوات المقبلة”.
وفي الأول من فبراير الماضي، أوقفت وزارة الأوقاف، ثلاثة آلاف موظف لديها عن العمل، وقال اللواء شكري الجندي، عضو لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: إن “الوزارة أوقفت رواتبهم بعدما راجع وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، أوراقهم، ووجد أن غالبيتهم كان لديه حسن نية، ولكن أركان الحصول على الوظيفة لم تكتمل”.
أضف تعليق