في مجتمع محافظ يحاول صانعو الخمور منذ ما يقرب من 19 عاما، إحياء مهنتهم الصغيرة في مصر من خلال زراعة العنب، وتحديث المصانع، وإنتاج أنوع مختلفة من النبيذ.
يأتي ذلك في الوقت الذي رفعت فيه الدولة الرسوم الجمركية على النبيذ المستورد، وزادت الضرائب الخاصة بالمشروبات الكحولية المحلية.
وشهدت أماكن بيع الخمور بالقاهرة ازدحاما نسبيّا قبل رأس السنة الميلادية، إذ اصطف العشرات أمام هذه الأماكن رغبة في شراء المواد الكحولية.
إحياء الصناعة
وقالت صحيفة ”ديلي ميل”: “إنّ مصر البلد الصحراوي، يكافح لإثبات نفسه في صناعة النبيذ الدولية، رغم أنه ذو أغلبية مسلمة” مضيفة: “أن مصر باتت تنتج مجموعة متنوعة وجيدة من النبيذ الأبيض”.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه على مدى عقود، ظلّت شركة مصرية واحدة تحتكر صناعة الخمور، ما لم يحظَ باستحسان المُستهلكين المحليين والأجانب على حد سواء.
ونقلت الصحيفة، عن خبراء صناعة النبيذ قولهم: “إنّ شركتين تحاولان إحياء زراعة العنب في مزرعة تبلغ مساحتها نحو 420 فدانا، وعلى بعد نحو 50 كيلو مترا شمال القاهرة، وهي واحدة فقط من عدة مزارع لتوفير العنب لشركتين تصنعان النبيذ حاليا في مصر”.
الخمور في مصر
وبحسب مؤرخين، فإن صناعة الخمور في مصر تعود في الأساس إلى عهد الفراعنة، إذ أوضحت وكالة أسوشيتد برس، أن مصر كانت جزءا من صناعة الخمور الممتدة في شرق البحر المتوسط في العصور القديمة.
وأشارت الوكالة الأمريكية، إلى أن الرسومات على المقابر الفرعونية تظهر طريقة عصر العنب، واحتساء الفراعنة للخمور من الكئوس.
ونوّهت بأن بناة الأهرامات كانوا يحصلون على نسبة قليلة من المشروبات الكحولية بشكل يومي، إذ كانت بديلا صحيّا أكثر من مياه النيل، بحسب قولها.
وازدهرت صناعة الخمور مرة أخرى وقت الاحتلال البريطاني للبلاد، ولكنها تراجعت بعد ثورة 1952.
وفي عام 1982، أسّس رجل الأعمال اليوناني، نستور جاناكليس، مصنعا للخمر في الدلتا، معتمدا على فيضان النيل السنوي في صناعة العنب، لكن المصنع جرى تأميمه، وأُهْمِلَ.
وجرى خصخصة الصناعة في أواخر التسعينيات، وانتقلت إلى شركة الأهرام للمشروبات خلال بضع سنوات، وهي الآن مملوكة لشركة هينيكن الهولندية.
ومنذ أوائل عام 2000، بدأت شركتي “كروم النيل” وجناكليس”، اللتان يتولى كلاس إدارة الإنتاج فيها، وشركة “مزارع جناكليس” محاولات إحياء صناعة النبيذ في البلاد، من خلال استيراد أصناف متنوعة من العنب من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
إنتاج الخمور
وتصنع شركة الأهرام إلى جانب النبيذ مشروبات كحولية أخرى، مثل: الفودكا، والويسكي، والجين، وبيرة “سقارة” والبيرة الخفيفة “ستيلا”.
وهذه الشركة لا تمتلك فقط معامل التقطير، ومزارع العنب، والمصانع وأماكن التوزيع، فهي مالكة أيضا لسلسلة متاجر “درينكز” Drinkies إذ تُباع منتجاتها، أو توصل إلى منازل المستهلكين.
ويعد نبيذ “بوسولاي” الأبيض، الوحيد المصنوع من أنواع عنب مصرية 100% تعرف باسم “العنب البناتي” الذي حصل على ميدالية فضية في المسابقة الدولية للنبيذ في بروكسل العام 2016.
وتنتج شركة “كروم النيل” أكثر من مليوني لتر سنويا من النبيذ، تعبئ منها ما بين 700 ألف و800 ألف زجاجة للاستهلاك الفردي، وتُوزّع الكمية الباقية، التي تشكّل أكثر من ثلثي الإنتاج السنوي، على فنادق القاهرة.
استهلاك المصريين للخمور
وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية، عن استهلاك الدول العربية للخمور في أكتوبر الماضي، كشفت المنظمة أن معدل استهلاك الفرد المصري للكحول سنويا يبلغ نحو ستة لترات.
ويبلغ إجمالي الحجم الرسمي لتجارة الخمور في مصر الآن 150 مليون جنيه، وتنقسم لقسمين:
- الأول: هو الخمور التي يجرى شراؤها من السوق الحرة.
- الثاني: هو الخمور التي تُهرّب من الخارج دون رسوم جمركية، التي تبلغ 500%، الأمر الذي يجعل تهريبها أمرا أكثر ربحا للتجار بالمقارنة بأعباء اتباع الأسلوب القانوني.
وتستهدف الدولة تحصيل ضرائب على الكحول المحلي بقيمة 148 مليارا و645 مليون جنيه قيمة الضرائب المستهدف تحصيلها على البيرة المحلية.
القانون يجرم
ويجرّم القانون رقم 63 لسنة 1976، شرب وبيع الخمور في الأماكن العامة، إذ تحظر المادة الثانية تقديم أو تناول المشروبات الروحية أو الكحولية أو المخمرة في الأماكن العامة أو المحال العامة.
ويستثنى من هذا الحكم: “الفنادق والمنشآت السياحية المحدّدة طبقا لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية، والأندية ذات الطابق السياحي التي يصدر بتحديدها قرار من وزير السياحة، طبقا لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975.
وتنص المادة الثالثة على أنه: “يحظر النشر أو الإعلان عن المشروبات المنصوص عليها في المادة السابقة بأيّة وسيلة”.
وحول عقوبة تقديم أو تناول المشروبات الروحية أو الكحولية أو المخمرة في الأماكن العامة أو المحال العامة، تؤكد المادة الخامسة من القانون تنص على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه”، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويعاقب بالعقوبة ذاتها في حالة العود في أيّ من الحالتين السابقتين.
وبسبب عدم قانونية بيع الخمور في مصر واحتكارها من قبل شركات معينة، انتشر إنتاجها في “مصانع بير السلم”، التي يلجأ أصحابها إلى صناعة مشروبات كحولية مغشوشة.
أضف تعليق